غزة | يبدو أن حدود قطاع غزة صارت تمثل هاجساً يومياً حقيقياً لقوات العدو الإسرائيلي، إذ لا يكاد يمر يوم أو اثنان من دون أن يمر حادث يعتبره العدو «حدثاً خطيراً»، وذلك في ظل تصاعد التحذيرات الإسرائيلية من «الغليان»، مع اقتراب موعد المسيرات الشعبية التي ستتجه إلى الحدود مع فلسطين المحتلة في مناطق عدة بحلول 30 آذار الجاري، ذكرى يوم الأرض، وذلك بمسمى «مسيرات العودة»، وتقف خلفها لجان تحضيرية تحظى بدعم وتأييد جميع الفصائل الفلسطينية في القطاع.منذ إعلان موعد المسيرات، باتت حساسية الجيش الإسرائيلي على الحدود كبيرة جداً، وصار يقابل أيّ فعل هناك بقصف أهداف للمقاومة داخل القطاع، إذ استهدف مساء أول من أمس موقعاً لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، في مدينة رفح (جنوب) بعدة صواريخ، ما أدى إلى أضرار مادية دون إصابات، وذلك رداً على تسلل أربعة شبان نحو آليات الحفر وبناء الجدار الأرضي، المتمركزة شرق دير البلح (وسط)، وحرقها ثم الانسحاب قبل وصول الدبابات الإسرائيلية.
في المقابل، تصدّت المضادات الأرضية التابعة للمقاومة للطائرات الإسرائيلية، ما أدى إلى انسحابها من الأجواء، فيما قالت حركة «حماس» إن هذا التصعيد «يهدف إلى إرباك الساحة في القطاع لإفشال مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار».
وبثّت وسائل إعلام عربية ومحلية مقطع فيديو لأربعة شبان وهم يجتازون الحدود ليشعلوا النيران في الآليات الإسرائيلية ثم ينسحبوا قبل وصول أيّ من قوات الجيش التي اكتشفت وجودهم بعد عودتهم. جراء ذلك، أعربت مصادر عسكرية إسرائيلية عن قلقها من مدى جرأة الشبان، ودعت القناة الثانية الجيش إلى «القلق من هكذا جرأة غير مسبوقة، قبل أيام من مسيرة العودة المرتقبة على الحدود».
في غضون ذلك، تشير تقديرات الجيش الإسرائيلي، كما ينقل مراسل القناة العبرية الـ14، أور هيلر، إلى أن الشبان لهم علاقة بـ«حماس»، ولذلك فتح الجيش تحقيقاً في ما وصفه «الخلل الأمني الخطير» الذي تمثل في الإخفاق في اكتشاف التسلل ومعرفة أمر الشبان خلال عودتهم فقط، «لأن مثل هذه عملية كانت ستنتهي بحادثة خطف أو عملية كبيرة لو كانوا مسلحين». كذلك، سيفحص الجيش الإسرائيلي سهولة تسلل الفلسطينيين بهذه الطريقة، وغياب الحراسة على المعدات العاملة على مشروع السور، إضافة إلى غياب الدوريات العسكرية قرب السياج.
صدرت تعليمات للمقاومة بـ«ضبط النفس» لإنجاح «مسيرات العودة»


وعصر أمس، حاولت مجموعة أخرى من الشبان التسلل إلى مناطق عمل معدات الحفر على الأنفاق شرق منطقة خزاعة (جنوب)، وفق موقع «مفزاك لايف» العبري، الذي قال إن شباناً فلسطينيين حاولوا مجدداً عرقلة كشف الأنفاق بعد أن رشقوا الحجارة تجاه وحدة هندسية، لكن ردّ عليهم الجيش بإطلاق النار من دون إصابات.
لكن مصدراً في المقاومة كشف، في حديث إلى «الأخبار»، أن الاحتلال يعمل منذ يوم الجمعة الماضي على استفزاز المقاومة، وذلك بعدما تكررت عمليات إطلاق النار على عناصرها قرب الحدود، بالإضافة إلى تكرار استهداف مواقع الرصد التابعة لها بالرصاص على نحو استعراضي يهدف إلى تسخين المنطقة الحدودية ودفع المقاومة إلى الرد، موضحاً أن «عناصر المقاومة لديهم تعليمات واضحة بضبط النفس، ومنع الاحتلال من استغلال الفرصة لإفشال مسيرات العودة التي ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة». وأوضح المصدر أن العدو بدأ منذ أيام تعزيز قواته على حدود القطاع، عبر إقامة عدد من نقاط المراقبة والتلال الترابية التي تستخدم لحماية الجنود وتستخدم كمنصات للقناصة.
وفعلياً، أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح أمس، أنه بدأ تعزيز وجوده بقوات خاصة تضم قناصة، كما شرع بتزويد الجنود وسائل لتفريق المظاهرات، وإنشاء سواتر رملية، فيما قال مصدر في الجيش لموقع «ريشت كان» العبري إن الجيش «سيمنع ناشطي حماس من التستّر والتخفّي في أوساط النساء والأطفال الذين سوف يرسلون إلى السياج لزرع عبوات ناسفة».
ورغم التوتر الميداني، أجرت «كتائب القسام» صباح أمس مناورات عسكرية دفاعية تحمل اسم «الصمود والتحدي»، إذ انتشر الآلاف من مقاتلي «القسام» في مناطق القطاع كافة، وذلك من جميع وحدات الكتائب المختلفة. وشوهدت عربات مدرعة على شكل دبابات يقودها عناصر من المقاومة، كما أطلقت صواريخ تجريبية باتجاه البحر في وضح النهار.
في الوقت نفسه، أطلقت إشارات عبر أجهزة اللاسلكي بانطلاق طائرات استطلاع للمقاومة، وذلك في إطار مناورة شاملة تهدف إلى منع أيّ إنزال بري أو بحري أو محاولة لاحتلال القطاع، وهو ما علقت عليه وسائل إعلام إسرائيلية بأنه «تطور جديد في تكتيكات القسام، ويبعث برسائل عدة مفادها أنها (الكتائب) جاهزة للمواجهة مع إسرائيل».
وكانت آخر مناورة عسكرية علنية أجرتها «كتائب القسام» في كانون الأول 2014، وتخللها سماع صوت إطلاق نار وانفجارات، لكن المناورة الحالية هي الأولى التي تعلن فيها الكتائب أنها «مناورات دفاعية» في القطاع.



السلطة ستشدد العقوبات قريباً وعباس يمنع زيارة القطاع
قالت مصادر سياسية مقرّبة من «حماس» إنه وفقاً لمعطيات الأخيرة، فإن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لا يزال مصرّاً على تنفيذ عقوبات مشددة على غزة قريباً، بما في ذلك قطع الرواتب عن جميع الموظفين، والتشديد المالي والاقتصادي. وأمس، نقلت الصحافية في القناة العبرية الـ12، دانا فايس، أن وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، أبلغ وزير المالية الإسرائيلية، موشيه كحلون، أن رام الله ستتوقف عن صرف الرواتب لموظفيها ابتداءً من نيسان المقبل، فيما ردّ عليه كحلون بأن «إسرائيل لن تسمح بأن تكون ضحية لخلافات داخلية... ولن تكون كيساً للكمات بسبب خنق غزة»، في إشارة إلى اشتباك محتمل مع المقاومة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر أمنية في القطاع أن لا أحد من المسؤولين أو الوزراء في حكومة «الوفاق» أو قيادات «فتح» وصل إلى غزة منذ حادثة استهداف رئيس الوزراء رامي الحمدالله، وهو ما أكدته مصادر فلسطينية قالت إن عباس «أصدر قراراً داخلياً بوقف زيارات المسؤولين في السلطة إلى القطاع بعد التفجير الأخير». كذلك، علمت «الأخبار» أن لا رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، ولا رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، ينويان التوجه إلى مصر قريباً، ولكن اختير نائب السنوار، خليل الحية، لقيادة الزيارة، في وقت يشتكي فيه المسافرون الفلسطينيون على الاتجاهين (الدخول والخروج) من إجراءات مصرية قاسية بحقهم خلال فتح المعبر الأخير (الجمعة والسبت)، كذلك لم يخرج وفد «حماس» خلال هذا الفتح.