رغم التطورات الميدانية الأخيرة في اليمن، والجهود الدبلوماسية المتواصلة على أكثر من جبهة، يبدو أن الحديث عن حلٍّ سياسي للأزمة لا يزال بعيد المنال. وبينما تدق المنظمات الدولية جرس الإنذار بصورةٍ يومية من كارثة إنسانية، تتواصل العمليات العسكرية للعدوان السعودي، حتى خلال سريان الهدنة التي أعلنتها الرياض قبل أيام.
وحضر الملف اليمني أمس، في مباحثات وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان ووزير الخارجية المصري سامح شكري، بعدما مثلت القاهرة في الأيام الماضية محطة لوفود يمنية بحثت فيها سبل التوصل إلى حلٍّ سياسي. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الأخبار»، إن ابن سلمان أبدى «عدم ارتياحه» لما عرضه شكري بشأن نتائج المباحثات التي تستضيفها القاهرة لعدد من الأطراف المعارضة للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، مشيراً إلى أن نتائجها لم تتحقق على الأرض «ولا توجد أرضية مشتركة يمكن التفاوض عليها حتى الآن».
وطالب ابن سلمان بضرورة أن تكون مطالب وفود «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» (الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح) التي تستقبلهم القاهرة «منطقية من دون تنازل عن شرعية الرئاسة للرئيس عبد ربه منصور هادي»، مشيراً إلى أن السعودية «تشعر بالتهديد الحقيقي في حال سيطرة الحوثيين على السلطة»، وأن هذا الأمر «لا يمكن التنازل عنه تحت أي مسمى» وهو الأمر الذي تفهّمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحسب المصادر الدبلوماسية.

اقترح ولد الشيخ إرسال مراقبين عرب تحت مراقبة الأمم المتحدة

من جهته، أعلن المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ، الذي وصل إلى القاهرة أمس، أنه سلّم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، سلسلة مقترحات لتفعيل الحلّ السياسي في اليمن. وتشمل هذه المقترحات إرسال مراقبين عرب إلى اليمن تحت مظلة الأمم المتحدة، تكون مهمتهم المساعدة في التوصل إلى حل سياسي. وأكد المبعوث الدولي، خلال مؤتمر صحافي، عقده مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن الحلّ السياسي هو الوحيد للأزمة اليمنية، مضيفاً إن نجاح مقترح المراقبين العرب «لن يحدث إلا من خلال التنسيق مع الجامعة العربية».
من جهته، أكد العربي أن «إرسال مراقبين عرب تحت مظلة الأمم المتحدة هو أمر مطروح، لكن يجب أن يكون هناك وقف إطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية حتى يمكن إيفاد المراقبين».
في هذا الوقت، أحرز الجيش و«اللجان الشعبية» تقدماً في مدينة الضالع، بعد استقدام تعزيزات من المسلحين والآليات العسكرية القادمة من محافظتي إب وذمار، وسط البلاد.
من جهة أخرى، واصل الجيش و«اللجان الشعبية» عملياتهما الحدودية ضد مواقع عسكرية سعودية. وتمكنا أمس، من تدمير آلية عسكرية سعودية في موقع المسحية في منطقة جيزان. وقالت وكالة «سبأ» إن الجيش و«اللجان الشعبية» قصفا موقع المعزاب والبوابة الغربية للخوبة وموقع الخوجرة في منطقة جيزان بعدد من القذائف والصواريخ. وأكدت، نقلاً عن مصادر عسكرية أن وحدات من الجيش و«اللجان الشعبية» واصلت قصف معسكر عميش في منطقة ظهران عسير، مشيرةً إلى أن القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية استهدفت مواقع القصيبات والقائم والخوبة السعودية بعدد من الصواريخ.
ورغم سريان الهدنة التي أعلنتها الرياض قبل أيام، واصل العدوان غاراته في أنحاء اليمن، حيث استهدف أمس مناطق عدة في محافظة مأرب. وشن طيران التحالف أربع غارات على الأحياء السكنية في مدينة حرض الحدودية وثلاث غارات على مثلث عاهم في محافظة حجة، كذلك استهدف مناطق مختلفة في قعطبة في محافظة الضالع، وقاعدة العند الجوية في لحج التي تحتدم الاشتباكات حولها في محاولة قوات هادي السيطرة عليها. من جهةٍ أخرى، قُتل خمسة عناصر مفترضين من تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» من بينهم القيادي أبو أحمد الكازمي، ليل أول من أمس، في غارةٍ شنتها طائرة من دون طيار أميركية في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت. إلى ذلك، أعلنت رئيسة منظمة أطباء بلا حدود، جوان ليو، يوم أمس، بعد زيارتها لليمن أن الحصار الذي يفرضة التحالف الدولي بقيادة السعودية على البلاد «يقتل المدنيين»، عبر منع المساعدة الإنسانية من الوصول إلى المحتاجين، تماماً مثل النزاع المسلح الدائر.
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب، رويترز)