الجزائر | تعقد حركة «حمس» الجزائرية في الأسبوع الأول من شهر نيسان/أبريل، جلسات لمجلس الشورى، سيُخصَّص الجزء الأهم منها للتصديق على وثيقة آليات الترشح لرئاسة الحركة، وفق ما أفادت به قيادات في الحركة لـ«الأخبار». وبذلك سيفسح المجال رسمياً أمام تقديم الترشيحات التي سيفصل فيها المؤتمر المقرر عقده في 10 و11و12 أيار/مايو المقبل.عبد الرزاق مقري، وهو الرئيس الحالي للحركة، يُراهن على الفوز بعهدة ثانية. وعلى الرغم من عدم إعلانه الترشح حتى الآن، فإنّ أنصاره يؤكدون أن ذلك مسألة وقت فقط. ومقري الذي يسيطر على الحركة حالياً، أحد أكبر المرشحين للفوز، نظراً إلى تمتعه بالدعم من أغلب أعضاء مجلس الشورى وسيطرته على معظم مكاتب الحركة، ما يمدُّه بوعاء مهم من أصوات المندوبين في المؤتمر.
ويريد مقري من وراء إعادة ترشحه، الدفاع عن حصيلته في الحزب الذي يترأسه منذ سنة 2013، وهي حصيلة تلقى انتقادات شديدة من قبل خصومه داخل «حمس». وشهدت فترة مقري تحولاً جذرياً في مسار الحركة التي بقيت إلى غاية 2012 جزءاً من الحكومة، ثم غادرتها لتُكرّس خلال المؤتمر الذي انتخب مقري سنة بعد ذلك خيار المعارضة رسمياً، وعدم العودة إلى الحكومة إلا في حال فوزها بالانتخابات. وقوبل خيار الخروج من الحكومة بعد 15 سنة من المشاركة فيها، بردود فعل عنيفة من قبل شركائها في السلطة الذين اتهموها بمحاولة ركوب موجة «الربيع العربي»، اعتقاداً منها بأنّ الجزائر لن تشذّ (في ذلك الحين) عن قاعدة وصول الإسلاميين إلى الحكم كما حدث في تونس ومصر.
خلال سنوات رئاسة مقري، صمدت «حركة مجتمع السلم» في المعارضة، وانخرطت في العديد من التكتلات الداعية إلى التغيير والانتقال الديموقراطي، وذهبت إلى حدّ مقاطعة الانتخابات الرئاسية في عام 2014، رفضاً منها لترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وخلال هذه الفترة أيضاً، تجسّد مشروع الوحدة بين «حمس» و«جبهة التغيير»، بعدما بقي معطلاً لسنوات طويلة. وكانت «التغيير» قد انشقت عن حزبها الأم سنة 2007، لأسباب تنظيمية وسياسية، وقد كان ذلك كله من آثار وفاة زعيم الحزب محفوظ نحناح، الذي أدى رحيله إلى ظهور الكثير من الطموحات الفردية والصراعات.
مصادر لـ«الأخبار»: ينعقد «الشورى» في أول أسبوع من الشهر المقبل


ومن موقعها في المعارضة، دخلت «حمس» الانتخابات التشريعية العام الماضي، واحتلت المرتبة الثالثة بعد حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي»، لتكون بذلك أكبر حزب معارض. وكالعادة، اختلف تقييم هذه المشاركة بين أنصار مقري الذين رأوها إيجابية، ومناوئيهم الذين رأوا أن خط المعارضة لم يحسن من «الوعاء الانتخابي للحزب».
على الجهة المقابلة، تتجه الأنظار إلى الوزير السابق أبو جرة سلطاني، الذي يُمثِّلُ تيار المشاركة والعودة إلى الحكومة، لمعرفة ما إذا كان سيترشح للدفاع عن هذا الخيار. وتوحي كتابات سلطاني في الفترة الأخيرة، بأن لديه رغبة في العودة إلى رئاسة «حمس»، ولكنه متردد بسبب مخاوفه من تسيير المؤتمر بطريقة تصب في مصلحة منافسه مقري. ويطبع التردد أيضاً موقف عبد المجيد مناصرة (حلّ حزبه جبهة التغيير ليلتحق بـ«حمس»)، ويحتل موقعاً وسطاً بين أنصار «المعارضة» و«المشاركة».
وفي محاولة مقارعته التوجه الحالي للحركة، ينطلق أبو جرة سلطاني الذي ترأس «حمس» بين 2003 و2012، من فكرة أنّ مقري يسير في خط يُناقض تصوّر المؤسس محفوظ نحناح الذي كانت فكرته تقوم على المشاركة في الحكومة والإصلاح من الداخل. ويقول في آخر منشور له، متحسراً على حال حزبه اليوم: «بوفاة المؤسّس الشيخ، خسرت الحركة جمال صورتها، وجذب رمزيتها، ووضوح هويتها، وكثيراً من زخمها الجماهيري. وفقدت جزءاً من شعبيتها، ومن حضورها الفاعل في المحافل الوطنيّة. ولم تعد قادرة على التعبئة التي رجّحت بها كفّة الصّراع في محطّات مفصليّة، ولا سيما في رئاسيّات 1995 و2004، عندما كان الاستقطاب ثنائيّاً، وكان سقف الطموحات مرتفعاً». وبشكل ساخر، يُعلّق أبو جرة سلطاني على وضع «حمس» اليوم التي باتت «تتحالف مع أحزاب صغيرة في المعارضة» بعدما كانت تلعب مع «الكبار».
ويبدو تأثير الرئاسيات المنتظرة في 2019 جلياً على مؤتمر «حركة مجتمع السلم» المقبل، إذ يبحث كل تيار داخلها عن التموقع من أجل توجيه الحركة الوجهة التي يريدها. وفيما يشدد مقري على فكرة التوافق مع باقي المكونات السياسية من أجل أن تكون العهدة الرئاسية المقبلة انتقالية «يتحقق فيها الانتقال السياسي نحو الديمقراطية والانتقال الاقتصادي نحو الاقتصاد المنتج بدل الريعي»، يرى أبو جرة سلطاني ضرورة الحسم في الخط السياسي من الآن، من أجل مشاركة فعالة في الرئاسيات.