انخفضت وتيرة المعارك على الأرض في غوطة دمشق الشرقية، أمس، مع تواصل للاستهداف المدفعي والجوي لمواقع في جيب الغوطة الجنوبي، في مقابل سقوط عدد من القذائف على أحياء العاصمة. وشهد الجيب الشمالي للغوطة، في دوما ومحيطها، جموداً في العمليات العسكرية، لإتاحة المجال أمام إخراج عشرات من المدنيين، عبر «الممر الآمن» في منطقة مخيم الوافدين، وفق اتفاق توصل إليه الجانب الروسي وممثلون عن «جيش الإسلام». المدنيون الذين غادروا على دفعتين، يقدّر عددهم بنحو مئة، وهم دفعة أولى من أصل ما يقرب ألف مدني ومسلح، يفترض أن يغادروا الغوطة تباعاً، وفق مصادر روسية. وفي المقابل، يتواصل التنسيق لدخول قافلة مساعدات جديدة إلى الغوطة الشرقية، في محاولة من موسكو لدعم مسار التفاوض المستمر مع الفصائل المسلحة في الغوطة، بما يتيح الوصول إلى تسويات أوسع.الضغط الروسي لتحقيق تقدم في عملية «الهدنة الإنسانية» وإجلاء المدنيين والمصابين والمرضى، يندرج ضمن الجهود المبذولة لسحب فتيل التوتر الذي أشعلته تهديدات الولايات المتحدة الأميركية، الأخيرة، بشأن التحرك المنفرد في حال «فشل مجلس الأمن». الحديث عن الخطط الأميركية للتصعيد كان واضحاً في كلام رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، الذي قال إن بلاده تملك «معلومات موثوقة» تؤكد أن الفصائل المسلحة تخطّط لافتعال هجمات كيميائية مستفزّة ضد المدنيين «لتبرير ضربة أميركية واسعة ضد مواقع حكومية في دمشق». غيراسيموف أكد أنه «في حال وقوع تهديد على حياة جنودنا العسكريين، سوف تقوم قواتنا باتخاذات إجراءات مضادة تستهدف كلاً من الصواريخ ومصادر إطلاقها». بدورها، قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن تصريحات المندوبة الأميركية في مجلس الأمن نيكي هيلي، بشأن تحرك أميركي محتمل ضد سوريا، «تثير استياءنا وقلقنا». وشددت على أن الحديث الأميركي عن دفع العملية السياسية هو «نفاق صارخ» بوجود قوات أميركية تحتل جزءاً كبيراً من الأراضي السورية. وذهب وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى التحذير من عواقب توجيه ضربة عسكرية ضد مواقع سورية. وقال إن على المندوبة الأميركية أن تعرف أن «استخدام منصة مجلس الأمن الدولي بشكل غير مسؤول، يختلف عمّا يجري بين العسكريين الروس والأميركيين»، مشيراً إلى وجود «قنوات تواصل» على هذا المستوى، يتضح من خلالها «ما هو ممكن أو غير ممكن». وأضاف أن التصرفات الأميركية توحي بأن «التحالف الدولي غير مهتم بالقضاء على الإرهاب... بل بالحفاظ على الإرهابيين لتهديد الحكومة السورية».
تستعد كلّ من واشنطن وأنقرة لوضع التفاصيل النهائية لـ«خطة شرق الفرات»


وبالتوازي مع التصعيد الأميركي ــ الروسي حول غوطة دمشق، برزت جبهات ريف درعا وما حملته من تصعيد خلال الأيام القليلة الماضية، كنقطة خلافية جديدة تضاف إلى المشهد. فمع تواصل الاستهدافات المتقطعة لمواقع المسلحين في عدد من بلدات ريف درعا الشرقي، وخاصة المحاذية لبلدة إزرع، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها إزاء هذا التطور، داعية إلى «اجتماع عاجل» في الأردن لضمان استقرار منطقة «تخفيض التصعيد». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الوزارة قوله إنه «إذا صحّت هذه التقارير، فإن هذا يمثل انتهاكاً صريحاً لوقف إطلاق النار يمارسه النظام، ومن شأنه أن يوسع نطاق الصراع». ومن دون أن تتوضح طبيعة هذا الاجتماع الذي طلبته واشنطن، إلا أنه سيجمع على الأغلب ممثلين عن كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن، من اللجنة الثلاثية التي انبثقت عن اتفاق «تخفيف التصعيد» وكلّفت بمتابعة ومراقبة تطبيقه. وترافق الحديث عن اجتماع تستضيفه الأردن مع لقاء جمع رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة أمس، وتطرّق إلى الملف السوري. وبالتوازي، بحث السيسي تطورات المنطقة، بما فيها سوريا، مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي. ويأتي النشاط المصري بالتوازي مع الدور الذي تلعبه القاهرة في تيسير المفاوضات الخاصة بالجيب الشمالي من غوطة دمشق، حيث يسيطر «جيش الإسلام».
وفي تأكيد تركي جديد على التفاهمات الحاصلة مع الجانب الأميركي، حول منطقة منبج، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إن الجانبين سيراقبان انسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية من المنطقة، على أن يتولى عسكريون من البلدين المسؤوليات الأمنية فيها. وأوضح أنه سيبحث في واشنطن بعد أيام خطة تأمين منبج، كانت قد وضعتها مجموعة عمل مشتركة أميركية ــ تركية. واللافت أن الإعلان التركي عن اللقاء (ليل أول من أمس) جاء قبل ساعات من إعلان رحيل ريكس تيلرسون عن منصب وزير الخارجية الأميركية وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، خلفاً له. وجدد جاويش أوغلو التهديد بأن بلاده سوف تقوم بعملية عسكرية في منبج وشرق الفرات، في حال لم تنسحب «الوحدات» من منبج. وأشار إلى أن إدارة المدينة سوف تتم عبر «أبناء المنطقة المحليين... من دون مشاركة الوحدات الكردية... وسوف نجرّب هذا النموذج وبعدها نعمّمه على مناطق أخرى، مضيفاً أن «شرق الفرات والرقة، وأماكن أخرى تخضع لسيطرة الوحدات هي ضمن هذه الخطة»، وفق ما نقلت عنه صحيفة «حرييت» التركية. وكان لافتاً في كلام جاويش أوغلو أنه أكد أن كل تلك المناطق «سوف تعود إلى سوريا بعد التسوية السياسية... وستكون تحت سيطرة قوات أمن وطنية». ومن جهتها، نفت «قوات سوريا الديموقراطية» علمها بأي اتفاق تركي ــ أميركي بشأن مدينة منبج. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول العلاقات الخارجية ريدور خليل قوله إن «ما نعلمه جيداً، هو أن وحدات حماية الشعب والمرأة انسحبت من منبج بشكل رسمي بعد عملية تحريرها (2016)، وتم تسليم أمور الدفاع والحماية والإدارة إلى مجلس منبج العسكري وقوات الأمن الداخلي ومجلس منبج المدني». وبينما أعلن الجيش التركي أنه طوّق مدينة عفرين، رغم بقاء معبر باتجاه مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية، أعلن «الهلال الأحمر التركي» أنه باشر إنشاء مخيمات جديدة للنازحين في منطقة إدلب وريف حلب الشمالي، بقدرة استيعابية تصل إلى نحو 170 ألف نازح.