اتفقت أربعة أحزاب من أربعة بلدان مغاربية على تشكيل تكتل ديموقراطي يتجاوز خلافات الحكام. وأعلن «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» وهو حزب علماني جزائري، أنّه وقّع وثيقة مع حزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي و«الحزب الجمهوري» التونسي و«الحزب الوطني» الليبي، لتأسيس هيئة مشتركة للعمل الدائم وفق قواعد التكتل، تبدأ نشاطها في الأمد القريب.وجاء في بيان نشره أول من أمس، أنّ «هذه المبادرة فرضتها الظروف التاريخية التي تمرّ بها المنطقة، ومتطلبات تجاوزها، واعتبارات سياسية واقتصادية ومجتمعية، لتوفير شروط التكامل». وتسعى الأحزاب الأربعة إلى «بناء مؤسسة فاعلة وذات صدقية ومتكيفة مع الوضع في البلدان الأربعة لتخطي حالة التفكك التي توجد عليها البنية الاقتصادية اليوم ومواجهة التقهقر والتهديدات بالاضطراب». ودعا بيان التأسيس الذي وقّعته الأحزاب الأربعة «كل القوى الديموقراطية التقدمية في المنطقة» إلى الانضمام لتشكيل «قوة فاعلة وقادرة على تغيير الوضع بأقرب وقت وخلق أجواء سياسية فيها الثقة الأخوية التي تفتح المجال أمام المواطنين في بلداننا للمساهمة أكثر في تحقيق ما لم يتمكن الحكام حتى الآن من تحقيقه»، في إشارة إلى الجمود التام الذي يعرفه اتحاد المغرب العربي منذ سنوات طويلة.
وعلى المستوى التنظيمي، أشار البيان إلى أنّ التكتل سيعقد اجتماعاً سنوياً على مستوى القمة، تتناوب على احتضانه مدن من البلدان الأربعة، فيما تنشط الهيئات التي تنشأ عنه، ولا سيما هيئة التشاور والحوار، على مدار العام.
ويوم أمس، قال محسن بلعباس، وهو الأمين العام لـ«حزب التجمع»، إنّ توقيع الاتفاق بين الشركاء الأربعة هو بداية مسار طويل كان أملاً من سنوات، فيما تحوّل اليوم إلى واقع، مشيراً إلى أنّ «الأحزاب الموقّعة على الاتفاق حاضرة في برلمانات البلدان الأربعة، وبعضها (حاضر) في التشكيلة الحكومية لبلدانها... والمبادرة مفتوحة لالتحاق أحزاب أخرى».
وبشأن الحدود المغلقة منذ نحو ربع قرن بين الجزائر والمغرب، قال بلعباس إنّ المعارضة الجزائرية في عمومها تأمل أن يتم فتحها بأقرب وقت، مضيفاً أنّ تحقيق المبتغى «بين أيدي السلطات الجزائرية على اعتبار أنّ المغاربة سعوا إلى فتحها منذ زمن». ويعتقد بلعباس أن التكتل يمكن أن يدفع في البداية الى تعزيز التبادل التجاري وحرية تنقل الأشخاص والبضائع والتسوّق، وفي توفير الأمن على الحدود ومعالجة مشتركة لمعضلة الهجرة غير الشرعية.
وذهب وزير الخارجية الجزائري للشؤون الأفريقية والعربية عبد القادر مساهل، بالاتجاه نفسه حين اقترح إقامة تنظيم بديل لاتحاد المغرب العربي، يكون أكثر مرونة وديناميكية. ودعا في تصريح أدلى به، أوّل من أمس، عقب محادثاته مع رئيس «لجنة الاتحاد الأفريقي» التشادي موسى فاكي محميت، دول الاتحاد إلى التفكير بشأن تأسيس «مجموعة اقتصادية إقليمية» تعمل على التكامل الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري. وتأسيس مثل هذه المجموعة يفترض أن تكون الحدود البرية مفتوحة بين المغرب والجزائر، وهما أكبر قوتين اقتصادياً وبشرياً وتأثيراً في الأحداث.
وكانت أوّل مبادرة حزبية لتوحيد الأقطار المغاربية في عام 1958، حين التقى ممثلون عن «حزب الاستقلال» المغربي و«حزب الدستور» التونسي و«جبهة التحرير الجزائرية» التي كانت في حالة حرب مع الاحتلال الفرنسي. وصدرت بيانات ولوائح تصب في أمل الوحدة بين هذه الأقطار «لتحقيق مجتمع مزدهر».