الجزائر ــ الأخبارلم تخلُ كلمات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمته خلال افتتاحه «منتدى الأعمال التركي الجزائري»، أمس، من عبارات الثناء على الجزائر التي قال إنّها تُمثِّل «جزيرة من الاستقرار السياسي والاقتصادي (في المنطقة)، وهي أكبر شريك تجاري لنا في أفريقيا». وجاءت كلمات الإشادة التي ردّدها الرئيس التركي، في سياق دعوته المستثمرين الأتراك إلى المجيء «بقوّة» إلى الجزائر، لأنّ استثماراتهم ستكون آمنة في دولة تمثل أنموذجاً للاستقرار كهذا.

وبينما ذكّر الرئيس التركي بأنّ أفريقيا تنعم بفرص استثمار متنوّعة ومهمة، وبأنّ على رجال أعمال تركيا ومؤسساتها تطوير نشاطها بالأخص «في هذا البلد الشقيق»، فقد أشار إلى أنّ قطاعات الزراعة والسياحة والطاقات المتجددة والأشغال العامة والسكن في الجزائر، تشكِّلُ فرص استثمار مهمة لشركات بلاده. وقال إنّ الوقت «قد حان» لتتجسد على أرض الواقع الاتفاقات والإرادة المشتركة بين البلدين من أجل تطوير تعاونهما، ولا سيما في المجال الاقتصادي، واعداً في الوقت نفسه ببذل الجهود، إلى جانب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بهدف الرفع من مستوى التبادلات التجارية بين البلدين من 3.5 مليارات دولار سنوياً، إلى 5 مليارات دولار «في أقرب وقت، ثم إلى 10 مليارات دولار في مرحلة لاحقة، ثمّ إلى ما هو أبعد من ذلك».

وُقِّعَت سبعة اتفاقات
شراكة وتعاون
ومذكرات تفاهم

أردوغان الذي احتفل بعيد ميلاده في الجزائر، استعرض بكثير من الفخر الإنجازات الاقتصادية التي حققتها بلاده، مشيراً إلى أنّ «تركيا حققت متوسط نمو سنوي بلغ 5.7 في المئة، ما بين أعوام 2003-2016، رغم الأزمة المالية العالمية عام 2008، ومحاولة الانقلاب عام 2016، وغيرها من الظروف الصعبة التي عاشتها». وأضاف أنّ بلاده «تشغل اليوم المرتبة الـ 17 على مستوى العالم من حيث إجمالي الدخل القومي»، مشيراً أيضاً إلى أنّها «تمكنت بفضل أنشطة رجال الأعمال الأتراك مع جميع أنحاء العالم من رفع قيمة الصادرات من 36 مليار دولار في عام 2002، إلى 158 مليار دولار».
وفي ما يخص الجانب العملي للزيارة، فقد وُقِّعَت سبعة اتفاقات شراكة وتعاون ومذكرات تفاهم، تخصّ قطاعات المحروقات والزراعة والسياحة والدبلوماسية والثقافة. ومن أبرز هذه المشاريع، مذكرة تفاهم بين شركة النفط والغاز «سوناطراك» (شركة الطاقة الأم في الجزائر)، مع مجمع تركيا «رونيسونس ايرمان ايليكاك»، يخصّ تطوير حقل بترولي جنوب تركيا، بقيمة مليار دولار، وهو مشروع تحدث عنه الرئيس التركي بإسهاب، لكونه سيساهم في زيادة مداخيل الجزائر.
على صعيد آخر، لم تتطرق كلمة الرئيس التركي أثناء افتتاح أعمال المنتدى مباشرة إلى السياسة، إلا أنّه وصف الجزائر بـ«أرض الشهداء والأبطال»، وهو وصف كان قد أطلقه أثناء زيارته السابقة في 2014. وشدد على أنّ البلدين يرتبطان «بعلاقات أخوّة تمتد لأكثر من 500 عام»، فضلاً عن علاقات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية قويّة، «ما يجعل للجزائر مكانة خاصة في قلوبنا».
ويراهن أردوغان، وفق ما يتسرّب عن زيارته، على إقناع السلطات الجزائرية «بالتعاون في ما يتعلق بالحدّ من نشاط منظمة غولن» التي يتهمها بالتآمر عليه، وذلك في مقابل دعم تركيا للأطروحات الجزائرية في ما يخص حلّ النزاعات في ليبيا والساحل. وتسعى الجزائر إلى كسب الدعم التركي في هذا الإطار، دفعاً لمسار المصالحة الليبي وتجنّب الحلول العسكرية، وتريد أيضاً وقوف تركيا إلى جانبها، باعتبارها عضواً في حلف شمال الأطلسي، تجنباً لعسكرة منطقة الساحل، وهي المخاوف التي يثيرها تشكيل «قوة الساحل 5» برعاية فرنسية وتمويل هو في جزء منه خليجي.