بغداد | يترقّب الشارع العراقي، غداً الأربعاء، جلسة «مزدحمة» لمجلس النواب، بعد نحو 10 أيام من «عطلة إجبارية» دخلها البرلمان، بسبب وصوله إلى طريق مسدود بشأن إقرار الموازنة المالية لعام 2018، والتي تثير خلافات حادة بين الكتل، في ظل تمسك الحكومة بموقفها. وتأتي الكتلة الكردية في مقدمة الكتل المتشددة حيال الموازنة، على خلفية تخفيض حصة إقليم كردستان منها من 17% إلى 12%، قبل أن ترفعها الحكومة أخيراً إلى 14%، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإرضاء الكرد، الذين يعترضون أيضاً على إسقاط مفردة «إقليم كردستان» من مسودة قانون الموازنة، والاستعاضة عنها بـ«المحافظات الشمالية».
وتقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان، والنائبة عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني، نجيبة غلب، إن حصة الإقليم في الموازنة، وفقاً لنسبة 14%، تبلغ ستة ترليونات و500 مليار دينار (ستة مليارات دولار تقريباً)، موضحة، في حديث إلى «الأخبار»، أن اقتراح هذه النسبة جاء بناءً على نسبة سكان الإقليم طبقاً لبيانات وزارتي التخطيط والتجارة في حكومة بغداد، مستدركة بأن ذلك لا يكفي لسدّ رواتب الموظفين، الذين يُعتقد بوجود موظفين وهميين وغير مسجلين من بينهم. وتعرب غلب عن تشاؤهما بإمكانية تجاوب الحكومة المركزية مع مطالب الأكراد، لافتة إلى أن «العبادي متمسك برأيه»، قبل أن تؤكد استمرار المفاوضات بين أربيل وبغداد.
ومن المقرر أن تعقد الكتل الكردية الرئيسة، في الساعات المقبلة، اجتماعاً يوصف بـ«الحاسم» لتحديد موقفها النهائي من مسألة الموازنة، في وقت يتوجه فيه وفد حزبي كردي إلى النجف للقاء المرجع علي السيستاني، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إجراء الاستفتاء على الاستقلال. ووفقاً لمصدر كردي تحدث إلى «الأخبار»، فإن الوفد الكردي سيناقش مع السيستاني الخلافات بين أربيل وبغداد، ونسبة كردستان من الموازنة المالية، علماً بأن «الزيارة لا تمثل حكومة الإقليم»، بحسب المصدر. وتعتبر هذه ثاني زيارة لوفد كردي إلى النجف خلال الشهر الحالي، بعد زيارة مماثلة لوفد من الفلاحين قيل إن السيستاني وعد أعضاءه بالتدخل لصرف مستحقاتهم. ويطرح مراقبون اليوم تساؤلات عمّا إذا كانت النجف ستنجح في رأب الصدع وحلحلة المشاكل بين المركز والإقليم، بعدما عجزت عن ذلك عواصم كبرى ودول عظمى. وفي هذا الصدد، يرى مختصون في شؤون المرجعية أن الأخيرة لن تتدخل إلا في حال عجزت السياسة، وهو ما ينطبق تماماً على الوضع الكردي اليوم.
وقبيل الجلسة المرتقبة غداً، قررت بغداد تمديد حظر الرحلات الجوية الدولية من مطارَي أربيل والسليمانية في إقليم كردستان حتى نهاية أيار/ مايو المقبل، الأمر الذي ولّد خيبة أمل لدى أربيل. لكن المتحدث باسم الحكومة، سعد الحديثي، حاول التقليل من وقع القرار، معتبراً إياه «إجراءات روتينية وليست حاكمة (ملزمة)».
وإضافة إلى الموازنة، يُنتظر أن يناقش البرلمان ملف الوجود العسكري الأميركي الذي بدأ يضغط بقوة ويطغى على بقية الملفات. وطبقاً لمصدر نيابي تحدث إلى
«الأخبار»، فإن من المرجّح أن يأتي رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى البرلمان، بناءً على طلبات سابقة قدمتها لجنة الأمن والدفاع ونواب من لجان وكتل أخرى. من جانبه، استبعد أحد النواب، في تصريح إلى «الأخبار»، أن يستجيب العبادي لطلب استضافته في البرلمان، كون هذا الملف يعتبر من أكثر الملفات حساسية وإثارة للجدل، مؤكداً عدم وجود «إرادة» لحسمه في ظل توجّه قوي لترحيله إلى ما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة. وفي تعليقه على الموضوع، اكتفى مصدر حكومي عراقي بالقول إنه «لا صحة» للأنباء التي تتحدث عن زيادة الولايات المتحدة عديد قواتها في العراق، وعزمها على إنشاء قواعد جديدة على أراضيه، مستبعداً أن يذهب العبادي إلى مجلس النواب لمناقشة هذا الموضوع.