بدأت التباينات حول الجدول الزمني والآلية التنفيذية الخاصة بقرار مجلس الأمن الدولي المتضمن إعلان هدنة عامة في سوريا تستثني التنظيمات الإرهابية والمجموعات المرتبطة بها، تتعمق بالتوازي مع استمرار التصعيد العسكري على عدد من الجبهات، أبرزها غوطة دمشق الشرقية ومحاور منطقة عفرين.
فالقرار الذي استثني منه موعد إقرار الهدنة، بات يتطلّب جهوداً من الدول المعنية بضمان الأطراف المتحاربة على الأرض، لاجتراح آلية وموعد تلك التهدئة المفترضة التي باتت حبيسة مفاوضات جديدة قد لا تنطلق، وستكون أعقد من المشاورات التي سبقت تبني القرار، في حال تحققت. الجانب الروسي المتهم من «الشركاء» الغربيين بالتصعيد ضد المناطق المدنية في الغوطة، استبق مصير الهدنة الشاملة وفق القرار الأممي، وأعلن عن إقرار «هدنة إنسانية» في الغوطة الشرقية، وذلك لإتاحة المجال أمام المدنيين الراغبين بالخروج. الهدنة الروسية المعلنة يفترض أن تدخل حيّز التنفيذ اليوم، على أن تتوقف خلالها العمليات العسكرية لخمس ساعات بين الساعتين التاسعة صباحاً والثانية عصراً، وفق ما أفاد به وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. ولم يحدد الوزير في حديثه أمس، المعابر التي ستخصص لخروج المدنيين من داخل الغوطة، لكنه أشار إلى أن التفاصيل ستنشر في وقت لاحق. الطرح الروسي للهدن «الإنسانية» المؤقتة ليس جديداً، فهو حصل في مدينة حلب قبل تحرير أحيائها الشرقية. حينها، أعلن عن عدة معابر إنسانية، حيث انتشرت قوات روسية لتأمين ومساعدة المدنيين والمسلحين الخارجين. وبرغم أنها لم تشهد تدفقاً كبيراً للمدنيين عبرها، فقد كانت ورقة مهمة لعبتها موسكو في وجه الفصائل المسلحة بحكمها «مسؤولة عن منع خروج المدنيين»، لا سيما وأن العديد من المدنيين الذين حاولوا الخروج تعرضوا لقذائف أو إطلاق نار حينها من قبل مسلحي تلك الفصائل. وقد تشكّل هذه المبادرة مرحلة أخيرة تعطي الفرصة لحلول تسوية سلمية مع الفصائل من غير «جبهة النصرة»، قبل تصعيد أكبر على مختلف جبهات الغوطة. التركيز على استثناء «النصرة» وشركائها من أية هدنة، حضر في كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، الذي أكد أن وقف إطلاق النار وفق القرار الأممي سوف يبدأ عندما تتفق جميع الأطراف على كيفية تنفيذه وشروطه، مضيفاً أن هذه الهدنة «لا تشمل في أي حال عمليات الحكومة السورية التي تدعمها روسيا ضد المجموعات الارهابية مثل داعش وجبهة النصرة وكل المتعاونين معهما». وفي المقابل، كان الموقف الأولي للفصائل المسلحة في الغوطة من «جيش الإسلام»، الذي استنسخ موقفاً لأعضاء في الوفد البريطاني لدى الأمم المتحدة، يقول إن الهدنة الروسية «لا تعتبر التزاماً بقرار مجلس الأمن». وبرغم انخفاض وتيرة القصف الجوي والمدفعي على مواقع داخل الغوطة، سقطت عشرات القذائف على أحياء مدينة دمشق ومحيطها، وتوزعت بين ساحة التحرير وشارعي بيروت وحلب وحي المزرعة ومحيط المشفى الفرنسي، إلى جانب قذائف سقطت على حي الدويلعة. كذلك سقطت عدة قذائف في ضاحية الأسد قرب حرستا.

طلب ماكرون
من أردوغان وقف العمليات بموجب «الهدنة» في عفرين


الجبهة الآخرى المشتعلة برغم الهدنة كانت أطراف منطقة عفرين، إذ واصلت القوات التركية عدوانها العسكري على عدد من البلدات والقرى التابعة لها، وخاصة في ناحيتي راجو وجنديرس. واستمرت الاشتباكات في محيط ناحية شيخ الحديد، في محاولة من القوات التركية لوصل المناطق الحدودية التي تسيطر عليها، وعزل مناطق سيطرة «وحدات حماية الشعب» عن الأراضي التابعة للدولة التركية. وفي تعليق حول موضوع الهدنة الأممية في سوريا، تحدث الرئيس رجب طيب أردوغان، عن ضرورة وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، متجاهلاً ربط العمليات العسكرية في عفرين مع قرار مجلس الأمن. غير أن موضوع وقف إطلاق النار في عفرين، حضر في اتصال هاتفي بينه وبين نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، إذ أكد الأخير أن «الهدنة الإنسانية يجب أن تشمل مجمل الأراضي السورية بما فيها عفرين». ولفتت مصادر الرئاسة التركية إلى أن أردوغان زوّد نظيره الفرنسي بمعلومات عن عملية «غصن الزيتون»، مؤكداً له أن «تطهير عفرين من الإرهابيبن» سوف يجلب معه عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وبالتوازي، جاء إعلان أنقرة نشرها قوات خاصة في محيط عفرين، في سياق الإعداد لمرحلة ثانية من العمليات العسكرية هناك، والذي يفترض أن تبدأ بعد إتمام ربط المناطق الحدودية التي سيطرت عليها القوات التركية. وقال نائب رئيس الوزراء بكر بوزداغ، إن «نشر قوات خاصة يشكل جزءاً من التحضيرات لمعركة جديدة قادمة». وقال في مقابلة مع قناة «إن تي في» المحلية، إن «القتال سوف ينتقل إلى مناطق حيث يوجد مدنيون فيما تضيق منطقة» القتال. ومن المتوقع أن تحاول القوات التركية خلال تلك المرحلة، السيطرة على 4 مراكز نواحي في عفرين، وهي شران وراجو وشيخ الحديد وجنديرس، لتكون ــ إذا نجحت في ذلك ــ قد طوّقت مدينة عفرين، باستثناء الجهة الشرقية، وسيطرت على أهم التجمعات السكنية ضمنها. وفي سياق تلك التحضيرات، أجرى رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار، زيارة إلى حدود منطقة عفرين في منطقة لواء اسكندرون المحتل. وذكر بيان صادر عن الأركان التركية، أن قائد القوات البرية يشار غولر، وقائد القوات الجوية حسن كوجك أقيوز، رافقا أكار خلال الزيارة.
(الأخبار)