في أول خطاب لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمام مجلس الأمن منذ تسع سنوات، دعا إلى إنشاء «آلية متعددة الاطراف» لحل القضية الفلسطينية عبر «مؤتمر دولي للسلام ينظم في منتصف 2018... يستند الى قرارات الشرعية الدولية، ويتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الطرفين المعنيين، والأطراف الإقليمية والدولية الفعالة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية، على غرار مؤتمر باريس للسلام أو مشروع المؤتمر في موسكو كما دعا له قرار مجلس الأمن 1850»، أي مع بقاء الولايات المتحدة الأميركية مشاركة في هذه العملية، مع ما لها من ثقل وتأثير معروف في دول «الرباعية».
هكذا، تحول الموقف الفلسطيني الرسمي من رفض وساطة واشنطن «منفردة» إلى إبقائها في الصورة لكن مع الآخرين. وبعدما عرض عباس خطته لـ«السلام في الشرق الأوسط» قائلاً لأعضاء المجلس: «نرجو منكم مساعدتنا!»، وسط تصفيق شديد من الحاضرين، غادر القاعة من دون أن يستمع إلى كلمة السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة وبقية المتحدثين، علماً بأن من الحاضرين جاريد كوشنر، وهو صهر الرئيس الأميركي ويتولى دور وسيط في المباحثات مع السلطة.
كذلك، كرر «أبو مازن» مطالبته الدول التي لم تعترف بفلسطين باتخاذ هذا القرار، واعداً بأنه «خلال الفترة القادمة، سنكثف جهودنا للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والعمل على تأمين الحماية الدولية لشعبنا»، ومضيفاً: «لم نرفض ولا مرة واحدة دعوة للمفاوضات». لكن رئيس السلطة لم يلغ الأسس السابقة للمفاوضات رغم تغير ظروف كثيرة، إذ قال إنه مستعد لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل فوراً، بما يشمل «تبادلاً طفيفاً للأراضي دون التنازل عن القدس الشرقية».

انسحب أبو مازن
بعد كلمته مباشرة
ولم يستمع إلى
من بعده

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سارع إلى التعليق على خطاب عباس، قائلاً إنه «لم يأت بجديد... الرئيس الفلسطيني يواصل التهرب من عملية السلام، والسلطة الفلسطينية مستمرة في دفع ملايين الدولارات لأسر القتلى الفلسطينيين»، في إشارة إلى رواتب ومساعدات لأسر الشهداء.
كذلك، انتقدت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، مغادرة «أبو مازن» جلسة المجلس من دون الاستماع إلى إفادتها، قائلة: «لن أقبل نصيحة واحد من كبار المفاوضين لديك، وهو صائب عريقات عندما طلب مني أن أخرس... لا، سوف أتحدث بأعلى صوتي عن الحقائق الصعبة». وتابعت: «نحن مستعدون لكي نتحدث معك (عباس) لكننا لن نجري وراءك... ليس عليك أن تمدح قرارنا ولا حتى أن تقبله، ولكن عليك أن تعرف التالي: هذا القرار لن يتغير».
خلال الجلسة، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن التزام المنظمة الدولية بالعمل على حل الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي على أساس «حل الدولتين»، مشدداً على «عدم وجود خطة بديلة». أما منسّق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، فركز على الحديث عن غزة التي قال إنها «ستواجه انهياراً مؤسسياً واقتصادياً كاملاً ما لم نتخذ خطوات فورية لمعالجة أوضاعها الإنسانية وإنعاش اقتصادها»، مضيفاً: «نعتقد أن الوقت قد حان لإعادة غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية الشرعية، لأنه لا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية دون وحدة فلسطينية».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)