القاهرة | فصل جديد من فصول التنكيل فُتح بحق بالمعارضة المصرية. الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح، رئيس حزب «مصر القوية»، والمعارض البارز، أصدرت نيابة أمن الدولة العليا، أمس، بحقه قراراً بالحبس لمدة 15 يوماً، وذلك بعد لحظات من شعور القيادي المرشح السابق لرئاسيات عام 2012، بعارض صحي نقل على إثره إلى المستشفى، غداة ساعات من التحقيق.
وألقت قوات الأمن المصرية القبض على أبو الفتوح، وعدد من قيادات حزبه مساء أول من أمس، خلال اجتماع كانوا يعقدونه، وطرحت خلاله بعض الافكار حول الضغوط والمضايقات التي يتعرضون لها، ومن بينها إمكانية تجميد عمل «مصر القوية»، باعتبار أن الظرف السياسي لم يعد مناسباً للعمل، خاصة بعد توقيف نائب رئيس الحزب قبل أيام وتوجيه عدة اتهامات له.
وأوقف الأمن أبو الفتوح برفقة الشباب الذين كانوا مجتمعين معه في المنزل الذي جرى تفتيشه، قبل أن يتم اصطحابهم جميعاً إلى مركز الشرطة. وبعدها جرى إخلاء سبيل جميع الشباب، فيما بقي أبو الفتوح قيد الاحتجاز حتى أرسل في الصباح إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه في البلاغات المقدمة ضده، وجميعها حتى الآن من مواطنين ومحامين.

قد تصل عقوبة الاتهامات الموجّهة إليه إلى السجن
لأكثر من 10 أعوام


أبو الفتوح الذي كان حتى الأمس القريب خارج البلاد، رفض طلب عدد من شباب حزبه عدم العودة إلى مصر في الوقت الحالي بسبب الظروف والأجواء المحيطة بالوضع السياسي، وتصريحاته التي يعتبرها النظام المصري شديدة في طابعها المعارض، فأصرّ على إنهاء لقاءاته الإعلامية، وعاد في موعده إلى القاهرة.
وزارة الداخلية المصرية أرجعت، في بيان، إلقاء القبض على رئيس حزب «مصر القوية» إلى «رصد قطاع الأمن الوطني معلومات عن تواصل التنظيم الدولي للإخوان والعناصر الإخوانية الهاربة مع القيادي الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح داخل البلاد وخارجها، لتنفيذ مخطط يستهدف إثارة البلبلة وعدم الاستقرار، بالتوازي مع قيام مجموعاتها المسلحة بأعمال تخريبية ضد المنشآت الحيوية لخلق حالة من الفوضى تمكّنهم من العودة لتصدر المشهد السياسي».
وزعمت الداخلية أن أبو الفتوح عقد لقاءات سرية في الخارج، لـ«تفعيل مراحل المخطط المشبوه»، وآخرها في العاصمة البريطانية لندن، وأنه «تواصل مع عضو التنظيم الدولي لطفي السيد علي محمد، واسمه الحركي أبو عبد الرحمن محمد، والقياديين الهاربين في تركيا محمد جمال حشمت وحسام الدين عاطف الشاذلي، لوضع الخطوات التنفيذية للمخطط وتحديد آليات التحرك في الأوساط السياسية والطلابية، استغلالًا للمناخ السياسي المصاحب للانتخابات الرئاسية المرتقبة».
واتهمت وزارة الداخلية أبو الفتوح «بالتنسيق مع القيادي الإخواني لطفي السيد علي محمد مع الكوادر الإخوانية العاملين في قناة الجزيرة في لندن، لاستقباله في مطار هيثرو، وترتيب إجراءات إقامته وإعداد ظهوره على القناة، والاتفاق على محاور حديثه، ليشمل بعض الأكاذيب والادعاءات لاستثمارها في استكمال تنفيذ المخطط عقب عودته لمصر»، مؤكدة أن «القبض على أبو الفتوح جاء عقب استئذان نيابة أمن الدولة العليا».
وأشارت وزارة الداخلية إلى أنها عثرت على بعض المضبوطات التي «تكشف محاور التكليفات الصادرة إليه»، ومن أبرزها «كيفية حشد المواطنين بالميادين وصناعة وتضخيم الأزمات, وإسقاط الشرعية السياسية والقانونية للدولة وعرقلة أهدافها».
نيابة أمن الدولة العليا وجّهت إلى القيادي المنشق عن جماعة «الإخوان المسلمين» اتهامات بنشر أخبار تسيء إلى سمعة مصر في الداخل والخارج، وقيادة جماعة إرهابية هدفها نشر أخبار كاذبة والتأثير على السلم والأمن الاجتماعيين، في وقت أنكر فيه أبو الفتوح كل هذه الاتهامات، مؤكداً أنه يمارس الحياة السياسية ملتزماً بالدستور والقانون.
وتمسك أبو الفتوح في التحقيقات التي استمرت عدة ساعات بالتأكيد على أنه لا يتواصل مع أي من الجماعات الإرهابية ولا يعرف طرقاً للتواصل معها، مؤكداً أن اللقاءات التي يجريها عبر القنوات التلفزيونية خارج مصر، ولا سيما في لندن، أتت بسبب صدور قرار بمنعه من الظهور على الشاشات التي تبثّ من داخل مصر، وتعرّضه للإساءة والتجريح، سواء لشخصه أو لحزبه.
وأكد أبو الفتوح رفضه مبدأ العنف في مواجهة الدولة، كذلك أنكر تولّيه أيّ دور قيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى أنه لا يوجد أيّ تواصل بينه وبين القيادات الهاربة في الخارج، سواء المطلوبة أمنياً أو غير المطلوبة، فضلاً عن أن سفره إلى لندن جاء تلبية لدعوات إعلامية معلنة، ولم تتضمن أيّ تحريض ضد الدولة.
وأشار أبو الفتوح إلى أن تصريحاته حول تضييق الخناق على الحياة السياسية والدعوة إلى مقاطعة الانتخابات رأي سياسي يأتي ضمن الحقوق التي كفلها القانون، ولا توجد فيها أيّ دعوة تحريضية ضد نظام الحكم، نافياً الاتهام الموجّه إليه بنشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم أو الإضرار بسمعة مصر في الخارج.
وخضع أبو الفتوح لجلستي تحقيق، استمرت الأولى أكثر من 80 دقيقة بمفرده مع المحقق، والثانية بعد السماح للمحامين بالدخول، حيث تم اختيار خمسة من فريق الدفاع للحضور معه، فيما انتهت جلسة التحقيق بقرار حبسه لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات، رغم طلب المحامين إخلاء سبيله بكفالة مالية باعتبار أن محل إقامته معروف، والتأكيد على عدم سفره إلى الخارج خلال الفترة المقبلة، لكن المحقق رفض الطلب بشكل قاطع.
ووفق مصادر قضائية، فإن النائب العام كلف بسرعة إنهاء التحقيقات في البلاغات ضد أبو الفتوح، وإحالة القضية إلى المحكمة في أقرب وقت ممكن، باعتبارها القضية الأهم في الوقت الحالي، مع إرجاء أيّ قضايا أخرى يجري التحقيق فيها، مهما بلغت أهميتها. ومن المقرر أن تقوم النيابة باستكمال التحقيق مع رئيس «مصر القوية» بمجرد سماح حالته الصحية بالحضور مجدداً، تمهيداً لإحالته إلى المحاكمة العاجلة حيث يواجه اتهامات تصل عقوبتها للسجن لأكثر من 10 أعوام.