الجزائر ــ الأخبارالكاتبة الفرنسية من أصول تونسية هِندا عياري هي أول مدعية في قضية طارق رمضان. السلفية السابقة التي تحوّلت إلى ناشطة نسوية، نشرت قصتها في كتاب عام 2016 تحت عنوان «قررت أن أكون حرة». تروي في كتابها فعل اغتصاب تعرضت له عام 2012 من دون الكشف عن هوية مهاجمها خوفاً من الانتقام، وذلك وفقاً لما قالته. لكن موجة الصدمة التي أثارتها «فضيحة وينشتاين» (وهي فضيحة جنسية لحقت أخيراً بالمنتج والمخرج السينمائي الأميركي هارفي وينشتاين، وتحوّلت إلى قضية رأي عام) حررتها كما تقول، وساعدتها على الكشف عن اسم طارق رمضان.

أثار هذا الإعلان المدوي الذي نشرته على صفحتها على «فايسبوك» في 20 تشرين الأول/ أكتوبر سلسلة ردود فعل وانزعاجاً عميقاً في صفوف المجتمع المسلم في فرنسا. إذا كان خصوم الباحث رمضان قد سارعوا إلى دعم الضحية المزعومة، فإننا نجد الكثير من المشككين بحقيقة السيرة التي قدمتها «الناجية من السلفية» والتي تريد أن تكون نموذجاً لكل اللواتي يسعَين إلى التخلص من الخضوع الطوعي، وخاصة في ظلّ الفرصة التي توفرها «فضيحة رمضان» لجهة تعزيز مبيعات كتاب لا تزال فرص نجاحه تجارياً غير مضمونة، علماً بأنّ الضجة التي أحاطت بقضيتها أكسبتها اعترافاً من صحيفة «نيويورك تايمز»، إذ اعتبرتها واحدة من أقوى إحدى عشرة امرأة لعام 2017.
في سيرتها الذاتية، تروي هِندا عياري ماضيها في منطقة كانتيليو في ضاحية روان النورماندي. هي ثمرة زواج منظمّ بين والد من أصول جزائرية وأم من أصول تونسية، تتحدث عن «طفولة صعبة جداً»، وطلاق والديها، وتربية صارمة للغاية، وإساءات أمها تجاهها. لجأت في العشرين من عمرها إلى الدين كخلاص، وقرّبها ارتداء الحجاب من «أخواتها الروحيات» اللواتي عمدت إحداهن الى تسهيل لقائها بالشخص الذي سيصبح «زوجها المضطرب عقلياً». تخلّت عن دراستها في علم النفس واعتمدت كلياً على هذا «الزوج السلفي» الذي أصبح والد أطفالها الثلاثة، ولم تتمكن من تحرير نفسها منه إلا بعد تسع سنوات.

يشير عديدون
إلى دعم تُبديه
دوائر صهيونية
لقضية هِندا عياري

بعد انفصالها عنه وسحب حضانة أطفالها الثلاثة منها، قررت هِندا عياري التي وجدت نفسها من دون دخل ولا مأوى، نزع حجابها لإيجاد عمل. بسبب شعورها بالذنب، اتصلت بطارق رمضان كي تحظى بتوجيهه في سعيها الروحي (كل ذلك وفقاً لما تقول). وبعد سنتين من المراسلة، وافقت أخيراً على مقابلته داخل فندق، حيث حصل الاعتداء. «قبّلني وسمحت له بذلك، لا أخجل من قول هذا. ثم رمى حرفياً بنفسه عليّ. عندها تحوّلت القصة الخرافية إلى كابوس، وتحوّل الأمير الساحر إلى وحش. لقد خنقني بقوة، حتى ظننت أنني سأموت. صفعني لأنني قاومت. اغتصبني»، وذلك وفق ما نقلته صحيفة «لو باريسيان» الفرنسية.
بيد أنّ كثيراً من عناصر القصة تثير الشكوك. هذه الشكوك لا تتعلق فقط باختلاف بعض تفاصيل قصة الاعتداء التي روتها للصحافيين خلال الكثير من المقابلات التلفزيونية عن الرواية الموجودة في الكتاب، إنّما هناك أيضاً شهادة أحد الموظفين الرسميين المحلّفين في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر والتي نقلت إلى القضاء الفرنسي وكشفت عن وجه آخر لشخصية هِندا عياري. ادعى هذا الشاهد بأنه التقى المدعية على طارق رمضان في آذار/ مارس 2013 في إطار استشارة قانونية لمعالجة مشاكل مهنية كانت تواجه الكاتبة. وأفاد أيضاً بأنّه بعد رفضه لها، قامت بمضايقته وهددت بتقديم شكوى ضده تتعلق بالاغتصاب. وأكثر من ذلك، نشرت امرأة ادعت أنها قريبة سابقة لهِندا عياري ومن دون أن تذكر اسمها على موقع «ميديا​​بارت» رسالة تتهمها من خلالها بالكذب من دون خجل في ما يتعلق بالماضي واختراع دراما لم تحصل خلال زواجها، وتُلقي باللوم عليها بسبب تخليها عن أطفالها. كما لاحظ العديد من مستخدمي الإنترنت ومن خلال لجوئها إلى المحامي جوناس حداد، المقرب من اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا، مدى الدعم الذي تبديه الدوائر الصهيونية لقضية هِندا عياري. حتى الآن، تبدو هذه القضية المليئة بالنقاط الرمادية بعيدة عن الكشف عن جميع أسرارها.