يتخذ الموقف الكويتي من الإساءات السعودية المتلاحقة مساراً تصاعدياً، مجلياً إصرار الكويت على توصيل رسائل «رادعة» إلى المملكة، التي لم تعد تجد حرجاً في مهاجمة الدولة التي يفترض أنها وسيطة في الأزمة الخليجية. إصرار تجد فيه قطر الفرصة الأنسب لتصعيد مواقفها ضد المملكة، والدفع باتجاه تعزيز الرفض الكويتي ــ العماني المبطن للسياسات السعودية المستجدة، وتظهيره إلى العلن أكثر فأكثر.
وبعدما آثرت الكويت نزع طابع الاستدعاء عن اللقاء الذي جمع نائب وزير خارجيتها، خالد الجارالله، بالسفير السعودي لدى الكويت، عبد العزيز الفايز، عادت لتعلن أن الجارالله عبّر للفايز «عن الأسف والعتب للإساءة التي وُجّهت للفاضل الوزير خالد الروضان الذي يحظى بثقة تامة وتقدير بالغ من الجميع»، مؤكداً «رفضنا واستهجاننا لتلك الإساءة لما تمثله من مساس بالعلاقات الأخوية الحميمة والمتميزة بين البلدين الشقيقين»، في إشارة إلى وصف المستشار الملكي السعودي، تركي آل الشيخ، وزير التجارة والصناعة الكويتي، خالد الروضان، بـ«المرتزق»، على خلفية التقائه بأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.
وفي وقت كانت فيه الكويت تتشدد أكثر فأكثر في ردها على تصريحات آل الشيخ الأولى من نوعها، كان وزير دفاعها، ناصر صباح الأحمد الصباح، يواصل فعاليات زيارته لقطر، بحضوره حفلاً لتخريج الدفعة الـ 13 من ضباط كلية أحمد بن محمد العسكرية، والتي تضم 17 ضابطاً كويتياً. وتوجه الصباح، الذي حضر الحفل جنباً إلى جنب تميم، إلى الضباط الكويتيين المتخرجين بالقول إن «مشاركتكم مع إخوانكم بكلية أحمد بن محمد العسكرية تعكس عمق العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وحرص الجميع على تعزيزها وتطويرها بشتى المجالات».

قطر: لن نكون
أبداً في دائرة النفوذ السعودي
وإذا كان توجه الروضان بالشكر إلى أمير قطر على إسهام الأخيرة في مساندة الرياضة الكويتية قد استدعى وصفه بـ«المرتزق»، فمن الممكن توقع ردة الفعل السعودية المضمرة إلى الآن على زيارة الصباح وتصريحاته، والتي تؤكد دونما مواربة أن الكويت لن تنتقل إلى خندق دول المقاطعة.
هذه الرسالة التي تزداد وضوحاً يوماً بعد يوم يبدو أنها تروق قطر، وتثير لديها الحماسة لتصعيد هجومها الكلامي على السعودية، والتشديد على موقفها الرافض لـ«تنازلات تمس بسيادتها». حماسة تجلت، أمس، في تصريحات لوزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال فيها، بصراحة، إن بلاده «لن تكون أبداً في دائرة النفوذ السعودي»، مضيفاً «(أننا) مقتنعون بأن السعودية تريد قطر خاضعة لنفوذها، وهذا لن يحدث أبداً». ورأى آل ثاني «(أننا) عندما ننظر إلى الوضع الإقليمي، ما يحدث في اليمن ولبنان، نجد أن السياسة السعودية زعزعت استقرار المنطقة وليس قطر وحدها»، مشدداً على ضرورة أن «نوجد الحلول للنزاعات في منطقتنا عبر الحوار، وليس بالتهديد كما نعيش حالياً». وأشار آل ثاني إلى أن «لقطر هويتها واستقلالها وتاريخها، وهي تتخذ قراراتها بكل استقلالية، وهذا الأمر غير قابل للتفاوض، وسيبقى كذلك في المستقبل»، مؤكداً أن «هذه الطريقة لمحاولة كسرنا لن تجدي، والشعب القطري مستعد للقتال دفاعاً عن سيادته، وعلينا الاستعداد لحماية شعبنا»، في إشارة إلى أن الدوحة لا تزال تضع في حسبانها احتمال التدخل العسكري، وإن أكدت في الوقت نفسه أنها «لن تستفزّ أبداً أي بلد»، مبدية ترحيبها بتصريحات مسؤول عسكري إماراتي كان قد أعلن، مطلع الأسبوع، أن جيش بلاده تلقى تعليمات بعدم تصعيد الأزمة مع قطر عسكرياً.
في خضم ذلك، وفي تطور لافت، أعلنت عمان، أمس، أن نائب رئيس مجلس وزرائها، فهد بن محمود آل سعيد، تسلّم رسالة خطية من أمير قطر، نقلها إليه السفير القطري لدى السلطنة، علي الهاجري. وذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن اللقاء «تناول الجهود المبذولة لتوطيد العلاقات بين دول مجلس التعاون، بما يخدم مصالحها المشتركة»، لافتة إلى أن الهاجري أعرب عن تقدير بلاده لـ«السياسات الحكيمة التي تنتهجها السلطنة».
(الأخبار)