غزة | أثارت زيارة رجل الأعمال الفلسطيني عدنان مجلي لقطاع غزة، قبل يومين، ولقاؤه خلالها فصائل فلسطينية وشخصيات عامة وعشائرية، على رأسهم رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، أسئلة عن أهداف الزيارة في هذا التوقيت تحديداً، التي قيل إنها للتعريف بشخصه وقدراته الاقتصادية والعملية والسياسية.
ودخل مجلي والوفد المرافق له أول من أمس من معبر «بيت حانون ــ إيريز» على الحدود بين غزة وفلسطين المحتلة، أي بإذن إسرائيلي، فيما وصفت «حماس» اللقاء معه بأنه كان «حديثاً معمقاً حول آخر التطورات الفلسطينية، خاصة في ملف المصالحة وضرورة إنجازه الملف في أقرب وقت».
ووفق مصادر مقربة من «حماس»، قُدّمت الزيارة على أن الرجل سيكون له دور في السياسة الفلسطينية قريباً، وذلك بتزكية من رئيس السلطة محمود عباس ضمن توصيات أميركية، كما طرح اسمه ليكون رئيس وزراء مقبلاً في أي حكومة وحدة وطنية مقبلة. وقالت الحركة في بيان على موقعها إنه «جرى البحث خلال اللقاء في كيفية مواجهة المشكلات اليومية التي يعاني منها المواطن الفلسطيني وآفاق الاستثمار في الإنسان الفلسطيني في كل المواقع لتعزيز صموده وتثبيته في وطنه، وجرى التطرق إلى بعض المشاريع الاستراتيجية لحل مشاكل البنية التحتية في قطاع غزة، كالكهرباء والماء ووفرة الدواء».
لكن المصادر نفسها قالت إن المعلومات عن شخصية مجلي والدور الذي يعد له داخل الساحة الفلسطينية من جهات أميركية ودولية تضع تساؤلات عدة حوله، مشيرةً إلى أن هناك معلومات عن أن الرجل عمل خلال السنوات الماضية كوسيط سري بين السلطة والولايات المتحدة وإسرائيل.

هاجمت مواقع
تابعة لدحلان زيارة عدنان مجلي إلى غزة ولقائه «حماس»


وأجرى مجلي لقاءً موسَّعاً مع عدد من قادة الرأي والمخاتير والشخصيات العامة في أحد فناق قطاع غزة للتعريف بشخصه ورؤيته وعرضه إمكانات إقامة مشاريع تنعش الحالة الاقتصادية للفلسطينيين في القطاع، في وقت هاجمت فيه مواقع إعلامية تابعة للقيادي المفصول من «فتح»، محمد دحلان، الزيارة، متسائلة عن كونها الأولى ولقاء تعارف مع «حماس». ويربط كثيرون هذا الهجوم بخشية دحلان من موافقة الإدارة الأميركية والرباعية العربية على جعل مجلي بديلاً منه ومن رئيس الوزراء السابق سلام فياض، كخليفة لعباس، خاصة أن عدم مشاركة هذا الرجل في الساحة السياسية «قد تجعله بديلاً مقبولاً للفلسطينيين في ظل الصورة السوداء عن الأسماء البديلة المطروحة فلسطينياً، سواء من فتح أو خارجها».
وتعرّف السيرة الذاتية المنشورة لمجلي بأنه «عالم ورجل أعمال فلسطيني ولد عام 1963 في بلدة طوباس في الضفة الغربية في فلسطين، حيث ولد لأب مزارع ولعائلة ضمت تسعة إخوة وأخوات، وحصل على لقبه الجامعي الأول من جامعة اليرموك في الأردن عام 1981، وحصل على لقب الدكتوراه من جامعة اكستر الإنكليزية عام 1989، وبعدها بدأ مسيرته العملية في جامعة روتشستر في نيويورك». وتضيف أنه حقق في مسيرته البحثية والعلمية أكثر من 800 براءة اختراع، كذلك «ابتكر أدوية للأمراض المستعصية، كالسكري والزهايمر، الأمر الذي منحه العديد من الجوائز كرجل العام في الولايات المتحدة في مجال خدمة المجال الطبي والإنسانية عام 2008 من مجلة BIZlife، وكان مرشحاً للفوز بجائزة نوبل للكيمياء عام 2011، وفي العام نفسه حصل على وسام التميز والإبداع من السلطة الفلسطينية».
أما على صعيد بروز دوره السياسي، فنشرت وسائل إعلام بدايةً أن مجلي رتب العديد من اللقاءات بين الإدارة الأميركية الجديدة والسلطة الفلسطينية، وأنه مقرب من الحزب الجمهوري، كذلك له علاقات مع شخصيات مهمة في الحزب الديموقراطي كهيلاري كلينتون، فيما نقلت أكثر من ذلك حينما نسبت إليه أنه «نسّق المكالمة الهاتفية الأولى بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس السلطة محمود عباس».
مع ذلك، ذكرت المصادر نفسها أن مجلي «صديق مقرب لياسر عباس، نجل الرئيس، وسبق أن زار رام الله بداية كانون الثاني الجاري، والتقى مع شخصيات محدودة جداً، أبرزها عباس، وعرض عليه إنشاء قناة خلفية مع ترامب بمساعدة رجل أعمال أميركي». وأشارت أيضاً إلى أنه طوال السنوات الماضية كان يسعى إلى بناء اسم له داخل الأراضي الفلسطينية عبر تبرعات كبيرة يقدمها إلى الطلاب في الجامعات، لكنه تجنب الظهور بدور سياسي.
يشار إلى أن عضو «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير»، أحمد مجدلاني، المقرب من رئيس السلطة، قال قبل نحو شهر، إن «القيادة الفلسطينية باتت تساورها مخاوف جدية من إمكانية قيام الإدارة الأميركية والإسرائيلية بخلق بدائل عن القيادة الحالية»، واصفاً تعامل عباس مع هذه الأطروحات بـ«الجدي»، ليس في إطار التدخل السياسي لتغيير السياسات للسلطة فقط، «بل تغيير طبيعة ومضمون ووظيفة السلطة والقيادة الفلسطينية».
وكانت قناة «الجزيرة» قد أنتجت ضمن برنامج تعرضه اسمه «مغتربون» حلقة عن مجالي في عرضتها في العشرين من أيلول الماضي، قائلة إنه يرأس مجلس إدارة «مجموعة مجلي للاستثمار» في الولايات المتحدة. ولفتت إلى «تفوق مجلي عاشق الكيمياء على جميع الطلاب في سالفورد» ونيله «الماجستير بمدة دراسية أقل بكثير مما حددته الجامعة»، فيما كانت دراسة الدكتوراه في مجال «تصلب الشرايين وتصنيع أدوية تمنع الجلطة». لكن مجلي لم يستطع بعد إنهاء الدكتوراه عام 1989 العمل في مجال البحث العلمي في الأردن أو فلسطين، خاصة أن خدمة العلم العسكرية كانت تنتظره في المملكة لمدة سنتين (قبل إلغائها إلزامياً). وبجانب موضوع المنح وتكريم الطلاب المتفوقين والمساعدات الخيرية، نقلت القناة نيته إطلاق جامعة أميركية ــ فلسطينية.