القاهرة ــ الأخبار«بتكتب يا أحمد»... العبارة الأشهر للواء عباس كامل، مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقائم بأعمال رئيس جهاز المخابرات العامة بموجب القرار الجمهوري الصادر أمس، خرجت في التسريبات التي أذيعت من داخل القصر الجمهوري.

تلك المكالمات المسربة نقلت توجيهات السيسي، من قبل مدير مكتبه، والتي كان ينقلها إلى الرائد أحمد شعبان، لإيصالها إلى المعنيين بها، وبدا حينها عباس كامل حريصاً على التأكد من أن الرائد المرؤوس يدوّن دوماً ما يقوله له. لا يعرف المصريون شكل اللواء عباس كامل بوضوح. صحيح أنه يرافق السيسي في جميع سفراته إلى الخارج تقريباً، إلا أن الرجل يفضل البقاء خلف الأضواء.
على سبيل المثال، وقف كامل في الإسماعيلية وهو يتحدث الى مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية المهندس ابراهيم محلب، من دون أن يقترب من الرئيس، مع أن الجميع يعرف مكانته لدى السيسي، ولا سيما أن فترة عملهما معاً تمتد على مدار أكثر من ثلاثة عقود.
يظهر اللواء عباس في بعض اللقطات المجمعة ويقف إلى جوار بعض المسؤولين، لكن في النهاية يتجنب الحديث إلى الإعلاميين كثيراً، فيجيب على نحو مقتضب، ويتابع بشكل جيد جميع ما يكتب، فيصدر توجيهات بالاستبعاد والتقرب بحسب اقتناعاته الشخصية، وهو لا يقبل النقاش بل يعطي أوامر للجميع تنفذ على الفور، ويستبعد فوراً من يكتشف أنه استغل اسمه مهما كان قربه، كما يتواصل شخصياً مع إعلاميين وفنانين وشخصيات مؤثرة اجتماعياً من وقت إلى آخر. يؤمن الرجل الأقوى في مصر بأن الإعلام له تأثير كبير في توجيه الرأي العام، وهو ما انعكس على اهتمامه وإشرافه المباشر على شركة «دي ميديا» التي بدأت عملها بإطلاق إذاعة خاصة قبل أن تطلق مجموعة قنوات بميزانيات كبيرة للغاية نجحت خلالها في استقطاب الفنانين.
قرارات بالأمر المباشر صدرت لإنجاح تلك الآلة الإعلامية من قبل كامل، الذي وجّه شخصياً بإبرام تعاقدات ورعاية مناسبات يراها مهمة، لكن هذه المنصات بقيت من دون أن تحقق سقف النجاحات المتوقعة منها، رغم المحاولات والجهود المبذولة فيها والاستعانة بأكفأ العناصر، وهو ما دفعه الى إجراء تغييرات واسعة في القيادات قبل الاحتفال بالعام الأول بعد اكتشافه تكبد خسائر مالية كبيرة.
يمتلك اللواء عباس عصا سحرية لحل جميع المشاكل. يتواصل مع الوزراء ويوجههم مباشرة. يطلب من المحافظين إنجاز مهمات محددة بناء على تكليفات رئاسية.
ما يقوم به فعلياً هو دور أشبه بدور رئيس الحكومة نفسه، كما أن أجندة السيسي ولقاءاته داخلياً وخارجياً هي من مسؤولياته، وخصوصاً أنه يداوم في مكتبه على مدار أكثر من 14 ساعة يومياً، ويسبق الرئيس في الوصول الى قصر الاتحادية، ويغادر بعده، ويحضر الاجتماعات الرسمية والودية، فيما آراؤه نافذة في كثير من المواقف.
يقدم الرجل الثاني في الدولة تقارير ومتابعات يومية، فيدخل مكتبه في الصباح ليطالع الصحف المحلية، وأبرز قصاصات الصحف الأجنبية عن مصر، ثم يتلقى التقارير ويعرضها على الرئيس تباعاً، ويقترح الحلول ويرشح الشخصيات للمناصب المختلفة، بينما يتبادل اتصالاً يومياً مرة على الأقل مع وزير الخارجية سامح شكري.
لا يوجد ملف لا يتابعه كامل، فجميع الملفات في قبضة يده، فرؤيته النافذة عطلت الاستفادة بخبرات كثيرة لخلافه مع كثيرين على المستوى الشخصي؛ أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق ومستشار السيسي الدكتور كمال الجنزوري، بينما جاءت آراء مستشارة السيسي للأمن القومي فايزة أبو النجا ومستشاره للأمن أحمد جمال الدين متعارضة أحياناً مع رؤية عباس التي تنتصر في النهاية، ليحاول مستشارو الرئيس إقناع اللواء عباس أولاً ومناقشته قبل طرح المناقشات على الرئيس.