لم يمر رفض حركة «الجهاد الإسلامي»، ومن بعدها «حماس»، المشاركة في أعمال «المجلس المركزي» الفلسطيني مرور الكرام، لدى رئيس السلطة، محمود عباس، الذي انتقد بشدة رفضهما المشاركة، متهماً الأولى بقصر النظر في السياسة، والثانية بـ«سعيها وراء... القيادي محمود الزهار»، الذي يمثل وهو فتحي حماد، من وجهة نظر السلطة و«فتح»، المقابل الموضوعي للقيادة الحالية للحركة، إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وأحد أسباب «عرقلة المصالحة».
لدى الحركتين أسباب جوهرية وأخرى شكلية لرفض المشاركة التي كانت لن تتعدى سوى خيار من اثنين: مشاركة رمزية عبر قيادات من الضفة المحتلة، أو مشاركة رسمية ــ رمزية عبر تقنية «الفيديوكونفرنس» من العاصمة اللبنانية بيروت. وبعيداً عن شرح الأسباب «الجوهرية»، فإن مجرد عقد «المركزي» في رام الله يخالف الاتفاقات بين الفصائل على عقد الاجتماعات الشاملة خارج فلسطين، وهو النقاش نفسه الذي لم تسلم منه «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بدرجة أولى، من داخل كوادرها وخارجها، لأسباب شبيهة، فضلاً عن كون الجلسات «شكلية وستكرر ما قيل في المجلس نفسه عام 2015».

تنسق «حماس» و«الجهاد» مع
فصائل أخرى
لتشكيل التحالف


مع ذلك، وراء الأكمة ما وراءها، إذ علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية في غزة، أنه خلال الأسابيع الماضية أجريت لقاءات مكثفة بين فصائل عدة: «حماس»، و«الجهاد»، و«الأحرار»، و«حركة المقاومة الشعبية»، و«لجان المقاومة الشعبية»، و«النضال الوطني»، و«الصاعقة»، و«الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة»، و«المجاهدين»، هدفها صياغة وثيقة ستكون بمنزلة اللائحة الداخلية لتشكيل جديد يدعى «تحالف المقاومة»، وهو على ما يبدو ما لم يكن غائباً عن سمع السلطة، كما لوحظ استثناء الجبهتين «الشعبية» و«الديموقراطية» من هذا التشكيل لكونهما عضوين في «منظمة التحرير».
وفي الاجتماعات، أقر تشكيل قيادة لـ«الملف السياسي» في «التحالف» يمثلها الأمين العام أو رئيس المكتب السياسي لكل حركة، بجانب واحد أو اثنين من الصف الأول ينوبون عنه في غيابه، كذلك شكلت لجان منها «البيانات» برئاسة القيادي في «حماس» إسماعيل رضوان وعضوية أحمد المدلل (الجهاد) وأبو حسن الششنية (لجان المقاومة) ونائل أبو عودة (المجاهدين). أيضاً اتُّفق على تشكيل لجنة إعلامية تضم: خالد الأزبط (المقاومة الشعبية) مؤمن عزيز (المجاهدين) أبو مجاهد البريم (لجان المقاومة) مع ممثل عن «الجهاد» ترشحه لاحقاً، وذلك بجانب لجنة «الفعاليات»، وتضم ممثلاً عن كل فصيل، ويرأسها رامي البراوي عن «المقاومة الشعبية». ولكل من هذه اللجان مهماتها المذكورة في النظام بالداخلي، كذلك فُتح ما سمي «باب الاستيعاب» للفصائل الوطنية الأخرى، بشرط أن تتوافق مع «المحددات» المذكورة في صيغة التحالف.
وفق المصادر، فإن هذا التوجه الذي نما لدى «حماس» تحديداً، جاء بعد حالة الشلل التام التي أصابت المصالحة الفلسطينية، والتعنّت الفتحاوي في باقي ملفات الوحدة الداخلية، وخاصة «منظمة التحرير». كذلك اقتُرح أن يستوعب التحالف «مجموعات وهيئات وشخصيات سلفية، مثل «جمعية ابن باز»، و«ألوية التوحيد» و«لجان المقاومة الإسلامية»، وهؤلاء كانوا قد انشقوا سابقاً عن ألوية الناصر صلاح الدين التابعة للجان المقاومة»، لكن بعض الفصائل رفضت ذلك، فيما وعدت «حماس» قيادة «الجهاد» بأن احتواء هذه الأطراف «سيسهّل للأخيرة تحسين العلاقة بدول الخليج وبتركيا».
من جهة ثانية، تقول مصادر أخرى إن «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، كانت قد شكلت «خلية طوارئ»، مع قوة تدخل سريع مهمتها «منع العناصر التكفيرية من أي عمل في غزة والتدخل بسرعة في حال الإبلاغ عن هجوم أو محاولة اغتيال»، فيما شُدّد على دور هذه الخلية مواصلة عملها بعد التهديدات الموثقة التي بثها تنظيم «ولاية سيناء» في إصدار مرئي أخيراً ضد «حماس»، خاصة أن ثمة من يربط بين قتل ومحاربة «داعش» من ينقل السلاح إلى غزة عبر سيناء، وبين تدمير العدو الإسرائيلي نفقاً يصل القطاع بسيناء ويمر بالقرب من معبر «كرم أبو سالم» في فلسطين المحتلة، قبل أيام.
كذلك، دار نقاش في هوامش «تحالف المقاومة» لوضع خطط من أجل دمج المجموعات الصغيرة من «لجان المقاومة» و«الأحرار» و«المجاهدين»، و«المقاومة الشعبية»، و«سيف الإسلام»، و«الصاعقة الوطنية»، و«النضال الوطني» في إطار تنظيمي وعسكري واحد، خاصة أن الأجنحة العسكرية لفصائل التحالف الجديد وضعت نفسها في حالة استنفار، في ظل التقديرات السائدة لدى المقاومة بأن حرباً إسرائيلية يمكن أن تشن على القطاع خلال العام الجاري.
في شأن آخر، قالت المصادر نفسها إن حملة «الدعاية الإسرائيلية» التي استغلت إصابة القيادي في «حماس» وعضو مكتبها السياسي السابق، عماد العلمي، لا تستند إلا إلى «روايات ذات غرض أمني، تارة بحديثها عن عملية اغتيال، وتارة بحديثها عن تصفية داخلية». ونفت تلك المصادر جملة هذه الروايات، قائلة إن العلمي كان مصاباً بعدد من الأمراض التي تفاقمت بعد إصابته خلال حرب عام 2014 وبتر قدمه. وأضافت أنه كان يعاني من عوارض فقدان للذاكرة ويخضع للمراقبة الصحية المغلقة في العائلة والحركة، لكنه «خلال تفقده الغرفة التي ينام فيها وجد مسدسه الشخصي وبدأ تفقده دون دراية منه بآلية عمله بسبب مشكلة الذاكرة، ولما حاول ابنه أخذ المسدس منه، خرجت الرصاصة وأصابت رأسه من أسفل الأذن، وهو لا يزال حتى الآن في حالة خطيرة».