طورت إسرائيل رسائل التهويل والتهديد تجاه الساحة السورية وأعدائها فيها، عبر تسريب مقصود، تبعه تصريحات ومواقف رسمية، «كشفت» فيها أنها بحثت بشكل مكثف مخاطر التمركز الإيراني في سوريا على أمنها القومي، مرات عدة في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية.
«القناة العاشرة» العبرية التي كشفت خبر «البحث المكثف»، قدمت «الكشف» بعبارات وصوغ كلمات وكأنها كشفت مقدمات حرب إسرائيلية باتت وشيكة في الساحة السورية، في توظيف واضح وربما زائد عن حده، لنقاشات «الوزاري المصغر»، بعد سلسلة تهديدات ورسائل تهويل عبر تصريحات صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين، تجاه الساحة السورية.
وقال مراسل الشؤون السياسية للقناة، باراك رافيد، إن «الرقيب العسكري يمنع نشر معطيات كاملة، لكن ما يمكن قوله إن النقاشات خلال الأيام الماضية في المجلس الوزاري المصغر حول الجبهة الشمالية كانت بالغة الأهمية»، لافتاً إلى أن «النقاشات ركزت على أنشطة إيران وحزب الله في سوريا ولبنان، والاستعدادات لليوم الذي يلي الحرب السورية، واستعادة الجيش السوري السيطرة على معظم أجزاء البلاد».
وشدّد تقرير القناة على أنه في مقابل منع نشر التفاصيل، إلا أن الواضح هو أن الخشية الإسرائيلية تتعلق تحديداً «بالتقدم الميداني للقوات النظامية السورية المدعومة من إيران وحزب الله في الجولان»، مع التشديد على أن هذه القضية هي أحدى أهم القضايا الرئيسية التي يناقشها المجلس المصغر.
ونقلت القناة عن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، قوله إن «سوريا ولبنان هما كيان عسكري واحد» وأن على إسرائيل «الاستعداد لتحدٍّ جديد على الجبهة الشمالية». وأضاف في رسالة تهديد واضحة أن «أي تطورات سيكون سببها حزب الله ونظام (الرئيس بشار) الأسد وكل من يتعاون مع النظام في سوريا، بالاضافة إلى الجيش اللبناني».
إعطاء مستوى أعلى من الصدقية على ما ورد في القناة، جاء على لسان وزير الطاقة، عضو الوزاري المصغر، يوفال شتاينتس، الذي جال على عدد من وسائل الإعلام العبرية، ليعلق على «تسريب القناة العاشرة». في حديثه مع إذاعة الجيش، أشار إلى أن الأجواء في «الكابينت» (الوزاري المصغر) كانت «جدية جداً، وموضوعية جداً. ولم أرَ أو ألاحظ أي توتر خاص بين (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو وأي من الوزراء»، في إشارة منه إلى التوافق التام حول «التمركز الإيراني». وأضاف أن «الشرق الأوسط يغلي من حولنا، ونحن قلقون من المحاولة الإيرانية للتمركز العسكري في سوريا من جهة حدودنا الشمالية». وقال إن «رئيس الحكومة يقود سياسة ومعركة متعددة الأبعاد، سياسية وأمنية، من أجل كبح التمركز الإيراني في سوريا، وهذا ما أستطيع البوح به عن الاجتماعات».

سوريا ولبنان هما كيان عسكري واحد

في مقابلة ثانية مع موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رأى أن إسرائيل قلقة مما يحدث على الجبهة الشمالية، «لكن لن أكشف مضمون النقاشات في الوزاري المصغر، رغم أنه ليس سراً. فرئيس الحكومة أعرب عن قلقه إزاء جهود إيران لإقامة قواعد عسكرية داخل سوريا، ونحن تحت قيادته نقوم بأنشطة دبلوماسية واستخبارية لمنع سوريا من أن تتحول إلى قاعدة عسكرية إيرانية. نعم، ذلك قد يتطلب سنوات، لكننا مصممون على منعه». ورداً على سؤال «كيف تستعد إسرائيل لليوم الذي يلي»، قال شتاينتس «نحن لا نريد أن نرى في سوريا قواعد سلاح جو إيراني أو قواعد صواريخ إيرانية وكذلك قواعد بحرية».
صحيفة «يديعوت أحرونوت» وصفت «نقاشات الوزاري المصغر» بالاستراتيجية، وقالت إن «الفترة الأخيرة شهدت عدة جلسات، كان آخرها يوم الأحد الماضي، حيث ناقش أعضاء المجلس سبل مواجهة المحاولة الإيرانية للتمركز في سوريا، وتحديداً تفعيل النشاط الدبلوماسي أمام روسيا والولايات المتحدة».
صحيفة «هآرتس» كانت أكثر تحديداً في الإشارة إلى القضية الرئيسية التي حركت موجة الرسائل التهويلية والتهديدية الجديدة تجاه الساحة السورية، مشيرة إلى أن «الأسد يعيد السيطرة على سوريا، رغم الهجمات التي يشنها المتمردون، ومن بينها مناطق أعاد السيطرة عليها في جنوب سوريا بالقرب من الحدود مع إسرائيل». ولفتت إلى أن «إيران، تحت غطاء انتصار معسكر الأسد، تعمل على قطف الثمار، حيث شاحنات النقل البري بدأت بنقل السلع عبر الممر البري من العراق إلى سوريا، وربما أيضاً تنقل وسائل قتالية».
وتكشف الصحيفة أن «القضية الحاسمة والرئيسية من ناحية إسرائيل هي صناعة الأسلحة الإيرانية، إذ إن المسؤولين الإسرائيليين يعربون عن قلقهم من أمرين اثنين: إعادة ترميم ترسانة الصواريخ التابعة للنظام السوري، وكذلك إقامة مصانع في سوريا ولبنان تكون أكثر دقة».