القاهرة ــ الأخباردخلت السعودية والإمارات على خط الوساطة بين القاهرة والخرطوم باتصالات مكثفة مع الجانبين، فور إعلان السودان سحب سفيرها في القاهرة للتشاور مساء أول من أمس، وبعد وقت قصير من ابلاغ السفير المصري في السودان بهذه الخطوة، عبر وزارة الخارجية السودانية.

هذه الخطوة السودانية كانت متوقعة من قبل القاهرة، خلال الفترة الماضية، في ظل توتر العلاقات بين الجانبين، وسط شكاوى من القاهرة بوجود «نيات عدوانية» من قبل الخرطوم عبر إثارة مجموعة من الملفات والقضايا الشائكة بين البلدين، «بتحريض تركي قطري».
على المستوى الرسمي، استقبلت الدبلوماسية المصرية قرار الخرطوم بتصريح مقتضب للمتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد، أكد خلاله أن «مصر تقيّم الموقف بشكل متكامل لاتخاذ الإجراء المناسب»، وسط توجيهات بتجنب التصعيد الإعلامي ضد السودان على عكس ما كان يحدث في التوترات السابقة، التي كانت تخرج فيها وسائل الإعلام لتنتقد الرئيس عمر البشير ونظامه.

مصر: الخرطوم تواصل
فتح ملفات جرى التوافق
على إغلاقها

واستعانت مصر بالسعودية والإمارات للتدخل بغرض تعديل السلوك السوداني الذي وصفته مصادر في الخارجية المصرية بـ«العدواني» و«غير المبرر»، وسط تأكيدات أن الخرطوم تواصل فتح ملفات جرى التوافق على إغلاقها بين الجانبين، وبخاصة ملف حلايب وشلاتين، الذي ترفض مصر أي حديث بشأنه، بالإضافة إلى التعامل بالصمت الكامل، على أية تصريحات في الداخل السوداني حول الحدود البحرية، التي من شأنها إثارة مزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين.
وبرغم القناعة المصرية الرسمية بأن الخرطوم لم تعد في صف القاهرة في ملف سد النهضة، سواء بالتواصل مع دول مجموعة دول حوض وادي النيل، أو عبر المفاوضات الثلاثية التي تجري بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، إلا أن مصر رفضت إخراج السودان من المحادثات المتعثرة لتأكيدها أن الأضرار والمخاوف المصرية من سد النهضة تؤثر أيضاً في الخرطوم التي ستتعرض لكارثة إنسانية حال تعرض جسم سد النهضة للانهيار أو التصدع بعد بدء تخزين المياه فيه.
وكان يفترض أن يقوم وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة للخرطوم الشهر المقبل، لكن هذه الزيارة قد يُعدَّل موعدها بناءً على الاتصالات الجارية بين البلدين، عبر الوسطاء الخليجيين، علماً بأن وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور كان في القاهرة خلال حزيران الماضي واتفق مع شكري على تعزيز التعاون بين البلدين، وجرى خلال الزيارة احتواء غضب متبادل بين البلدين وتبادل للرسائل الشفوية بين السيسي والبشير.
ورفض وزير الخارجية سامح شكري قبل أيام مقترح من مساعديه بإدانة تصريحات نظيره السوداني إبراهيم الغندور التي أدلى بها في مقابلة مع قناة تركية وأعلن خلالها أن «مصر لا ترغب في أن تكون السودان دولة قوية»، حيث صيغ بيان في الخارجية المصرية يتضمن تأكيد عدم التدخل في شؤون أية دولة ودعم مصر للسودان حكومة وشعباً، لكن جرى التراجع عن إصداره بعدما تلقى شكري تقدير موقف يفيد بأن الخرطوم تواجه ضغوطاً داخلية بسبب الأوضاع الاقتصادية، وتحاول إثارة أزمات خارجية لشغل الرأي العام، كما جرت العادة في ملف حلايب وشلاتين، الذي يجري فتحه في الداخل السوداني قبل موعد كل انتخابات رئاسية.
وبرغم انتقاد مصر بشكل غير رسمي لقرار السودان بمنح تركيا جزيرة سواكن وشعور مصر بالتهديد من الوجود التركي في البحر الأحمر، إلا أنه جرى تجنّب الحديث المباشر بين البلدين في الأمر، واكتُفيَ بالاتصالات التي جرت بين السودان والإمارات والسعودية، إذ سافر شكري إلى أبو ظبي الأسبوع الماضي لمناقشة الأمر مع نظيره الإماراتي.