لن ينسى السعوديون عام 2017. فبين «عام وضحاه» خلعت الرياض الرداء التقليدي للتوريث السياسي، وانقلب «جيل الشباب» على ذويهم وأقاربهم، أولئك الذين كانت «شيبتهم» وحدها كفيلة ببث الرعب في نفس من ظنّ أنه قادر على خرق نظام الطابور الطويل إلى الحكم.
قائد «الربيع» أمير شاب قفز من ولي ولي العهد، إلى ولي مباشر للعهد، لتقفز معه بلاده إلى «المجهول» مدفوعة برياح التغيير التي عصفت بسفينة لم تنته بعد من أعمال الترميم والصيانة، ولم تقدّم لركّابها دورات تدريبية تُخرجهم من حياة الخمول التي اعتادوها.
ورغم تصاعد التحذيرات الدولية من «مغامرات الأمير الطائش» الذي لم يحصد أي ثمار من السياسات غير المتزنة، في اليمن ولبنان وقطر، بات الشاب البالغ من العمر 32 عاماً «زعيم» الأمة العربية والإسلامية. وفيما يؤكد خبراء على حتمية «فشل» خطته الاقتصادية، «رؤية 2030»، وتصفه الصحافة بـ«المنافق» في «حربه على الفساد»، ينظر اليه البعض كـ «مخلص» و«قائد للاعتدال»، أو كما وصفه الرئيس السابق لـ«هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» عبداللطيف آل الشيخ، بـ«المُصلِح العظيم وهبة الله للمملكة والعالم».
سلطت «ظاهرة» ابن سلمان الأضواء عليه ليس بصفته «حليف» واشنطن ولندن كأسلافه، فحسب، بل أيضاً كأمير «عربي قوي». وعلى ما يبدو فإن «عدوى ابن سلمان» انتقلت الى أمراء الخليج من جيل الشباب. ولعل أبرز المصابين بها، بحكم القرب الجغرافي والولاء السياسي، الرياضي المحترف و«الخبير» في تعذيب المعتقلين السياسيين، الابن الرابع لملك البحرين ناصر بن حمد آل خليفة (30 عاماً).
«المعجزة لقب لم اختره لنفسي بل الناس اختارته لي. الله يقدّرني على أن أبذل حياتي وجهدي لعبادته ثم لخدمتكم وأن أحول المستحيل للممكن»؛ هكذا يعرّف ناصر عن نفسه على حسابه على «إنستغرام». وفي حين يدّعي الأمير الشاب أن اللقب دليل على «حبّ الشباب البحريني» له، فإنه في الواقع دليل على حسّ الفكاهة لدى الشباب البحريني، الذين وصفوه بـ«الطفل المعجزة» بسبب تعدّد «مواهبه الخارقة»، وفق الإعلام الرسمي، وفوزه في كافة مسابقات الخيول والجري والترايثلون وغيرها.
سطع «نجم» ناصر في 2011 عقب ترقيته إلى رتبة عقيد، ثم تعيينه قائداً للحرس الملكي في قوة دفاع البحرين، في حزيران من العام نفسه، بعد أقل من 4 أشهر من إنطلاق الانتفاضة البحرينية. وجاءت الترقية بعد «تفوّقه» في تعذيب أبرز المشاركين في المظاهرات السلمية. ورغم تداعيات الجرائم التي ارتكبها على سمعته، خاصةً في بريطانيا حيث قضت المحكمة العليا في 2014 برفع الحصانة عنه وفتح الباب أمام مقاضاته، لا يزال ناصر الأمير الأشهر في المشهد البحريني. وهو نجح، إلى حد ما، في التخفيف من وطأة الاتهامات من خلال التركيز على الرياضة وفرض نفسه كـ «الوجه الجميل» لبلاده.
يستخدم «سوبر ناصر»، كما سمّته صحيفة «بليك» السويسرية، الرياضة وسيلة لتلميع صورته في الأوساط الغربية وإظهار وجه «حضاري» زائف. وهو، كما يسوّق لنفسه على حسابه الافتراضي (أكثر من مليون معجب)، يحب الحياة والمغامرات، متعدد المواهب، رياضي وعسكري ورجل دولة، وأب وابن وأخ... يصعب على من يتابع هذا الشقّ من حياته أن يتخيل أنه وقف مرّة أمام الشاشة علناً وقال إن «كلّ من طالب بإسقاط النظام ستسقط على رأسه طوفه (جدار)»، وقام بنفسه بجلد رجل المنصّة الرئيس في دوّار اللؤلؤة، محمد حبيب المقداد، وهو الذي دعا كل جندي في الجيش البحريني لقتل 5 يمنيين، ثأراً لمقتل 5 عسكريين بحرينيين.
ناصر، مثل ابن سلمان، في أول الثلاثينات، ملتح وطويل القامة، يوصف بـ«الوسيم والجذّاب». وكل منهما حاول في فترة قياسية أن يجمع أكبر عدد من المناصب، في مختلف المجالات. فناصر ممثل ملك البحرين للأعمال الخيرية وشؤون الشباب، قائد الحرس الملكي البحريني، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الخيرية الملكية، قائد الفريق الملكي للقدرة، الرئيس الفخري للجنة البحرينية لسباق القدرة، وغيرها من المناصب والألقاب.
الشابّان يشتركان أيضاً في التعطّش للحرب، خاصةً في اليمن، حيث يحاول البحريني أن يلعب دوراً في العمليات العسكرية المتواصلة هناك، وقد انتشرت له، كما لابن سلمان، صور مع القوات المشاركة في العمليات العسكرية.
الوجه الثاني لـ«العدوى»، هو ولي عهد دبي حمدان بن محمد بن راشد، الملقب بـ«فزّاع»، والذي يتمتع بشهرة واسعة في الإمارات، إذ لديه أكثر من 2.33 مليون متابع لحسابه على «تويتر»، و5 ملايين متابع على «إنستغرام» وحوالي مليونين على «فيسبوك». وتصف الصحافة العربية والغربية والعبرية حساباته بـ«الساخنة»، مشيرة إلى أنه «قدوة» للشباب إذ ينشر «الوعي حول اللياقة البدنية»، ويتقرّب من الشعب من خلال نشر صور تظهر حبّه للحيوانات والرياضة، إضافة الى اخرى تجمعه بوالده حاكم دبي وبعدد من افراد عائلته.
وفي محاولة للتقرب من «الشباب» أطلق «فزاع» تطبيقاً خاصاً به يحتوي على سيرته الذاتية ومقتطفات من حياته، ويشمل آخر أخباره والنصائح والمبادرات التي أطلقها، إلى جانب قصائده الشعرية.
وبعيداً عن الخليج، يبدو أن «العدوى» وصلت إلى نجل ملك الأردن الحسين بن عبد الله أيضاً، الملقب بـ«ملك الإنستغرام». ففي عام 2017، بدأ الحسين يظهر أكثر فأكثر بين الجمهور، وتصفه صحف بلاده بـ«ممثل جيل المستقبل في المملكة الهاشمية، ويربط مصيره بمصير الشبان الأردنيين من خلال شبكات التواصل الاجتماعية وهواياته المختلفة».