لم يكد يمرّ يومان على إعلان السعودية موازنتها لعام 2018، بنسبة إنفاق عسكري قياسية بلغت 21%، حتى جاءت أولى بشائر ذلك الإنفاق، لتقفل بها المملكة العام 2017 وتستقبل العام الجديد. صفقتان ضخمتان، إحداهما بقيمة 480 مليون دولار، أعلنتهما وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، ليل الخميس - الجمعة، لدعم سلاح الجو السعودي.
إعلان يأتي في وقت تتصاعد فيه الاتهامات الدولية لتحالف العدوان على اليمن بارتكاب جرائم حرب ضد اليمنيين، وتتعالى المطالبات بوقف تزويد المملكة بالأسلحة والمعدات العسكرية والخدمات على خلفية تلك الانتهاكات. هذا التجاهل لا يصعب تفسيره بكون الطرف البائع يتطلع، حصراً، إلى ما سيدخل جيبه من وراء الصفقات مع السعودية، بمعزل عما ستجنيه الأخيرة، التي لا يردعها «نهمها العسكري» عن إبرام صفقة مع روسيا لشراء رديف، على ما يبدو، لمنظومة «باتريوت» التي يشكك خبراء في نجاعة استخدامها بالمملكة، والتزود بمزيد من الصواريخ المضادة الأميركية في الوقت نفسه.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن شركة «بوينغ» فازت بعقد دفاعي بقيمة 480 مليون دولار، لـ«تقديم خدمات دعم وإصلاح للقوات الجوية في المملكة العربية السعودية». وأضافت أن شركة «لوكهيد مارتن» فازت، هي الأخرى، بعقد دفاعي هائل تصل قيمته إلى نحو 945 مليون دولار، «يتعلق بصواريخ باتريوت للسعودية وقطر» من دون إيضاح نصيب كل منهما من الصفقة. وجاء الإعلان الأميركي هذا بعد ساعات من إعلان مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون العسكري - التقني، فلاديمير كوجين، أن «روسيا والسعودية قد تتفقان بشأن كل الأمور المتعلقة بتوريدات أنظمة (أس 400) للدفاع الجوي قبل نهاية العام». وأشار كوجين، في تصريحات صحافية، إلى «توقيع رزمة من الاتفاقيات مع السعودية، بما في ذلك حول (أس 400)... تُناقَش الآن المسائل التقنية والجوانب المالية. وآمل أن نتلقى الأجوبة على كافة الأسئلة الباقية قبل نهاية العام».
ويُرجع خبراء عسكريون اهتمام السعودية بشراء صواريخ «أس 400» الروسية بأي ثمن (حتى لو كان دفعة مقدمة تغطي 100% من ثمنها) إلى حاجتها لتعزيز منظومتها الدفاعية التي واجهت الكثير من العثرات خلال ما يقارب 3 سنوات من الحرب المندلعة في اليمن. عثرات تمثلت في عجز منظومة «باتريوت»، التي تملكها السعودية، غير مرة، عن اعتراض صواريخ أطلقتها «أنصار الله» باتجاه أراضي المملكة، على الرغم من أن الرياض تدعي أن منظومتها تمكنت من اعتراض الصواريخ الـ83 (بحسب الأرقام المعلنة) التي أُطلقت من اليمن على السعودية.
وإذا كان ذلك هو حال صواريخ «باتريوت» في المملكة، فلماذا الإصرار السعودي على التزود بكميات إضافية منها؟ يبدو الأمر جزءاً من اشتراطات الصفقة الكبرى التي أبرمها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال زيارته الرياض في أيار/ مايو الماضي، والتي تخللها إبرام صفقات تجاوزت قيمتها الـ400 مليون دولار، بينها عقود دفاعية بقيمة 110 مليارات دولار. عقودٌ تندرج ضمنها صفقة أُعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لتزويد السعودية بـ44 منصة إطلاق لمنظومة «ثاد»، وجرارات خاصة بها، و360 صاروخاً، و16 مركز قيادة، و7 رادارات. ولعلّ تلك هي المنظومة الرئيسة التي تتطلع المملكة إلى التزود بها، والتي لم يعطِ ترامب، إلى الآن، الإذن بتوريدها إلى السعودية، ما يحمل الأخيرة على المبالغة في إرضاء «التاجر» الأميركي، طمعاً في ما تعتقد أنه حصنها ضد الخطر المفترض القادم من إيران.
(الأخبار)