غزة | دخلت المعركة بين «حماس» والسلفية الجهادية في غزة مرحلة جديدة من «كسر العظم». فبعد محاولات سلفية لتجنّب «حرب خاسرة مع حماس»، ودخول عناصر يتبعون لسلطة رام الله ــ كما تتهم الحركة ــ إلى اللعبة الأمنية الدائرة في غزة، والمتمثلة في الانفجارات الليلية، جاء دخول الذراع المسلحة لـ«حماس»، «كتائب القسام» ليغير شكل المواجهة مع المجموعة السلفية التي أعلنت البيعة لتنظيم «داعش» دون قبول الأخير بها.وعلمت «الأخبار» أن ثمانية أسماء وضعتهم قيادة «القسام» على قائمة المطلوبين، والمشتبه بتورطهم في التفجيرات. ولا سيما أن الموجة الأخيرة استهدفت أول من أمس سيارات لقادة فعالين في الكتائب، واثنين آخرين من «سرايا القدس ــ الجهاد الإسلامي»، أمام منازلهم، ما تُرجم لدى قيادة «القسام» على أنه استهداف يخدم «أجندة العدو».

وعادة لا يتدخل الجهاز الأمني الخاص بالكتائب إلا في القضايا التي ترتبط بالعمالة مع العدو، أو أجهزة استخبارات أخرى، ما يعني أن الجناح العسكري لـ«حماس» بات ينظر إلى القضية التي كانت تعالجها الأجهزة الرسمية ولجان الوعظ والوساطات الدينية، بعين أخرى.
ثمة رأي في «حماس» يربط بين ما يجري و«حرب رام الله» على الحركة

حتى أمس، كانت الأنباء تدور حول اعتقال اثنين لم يتضح هل هما من الثمانية، أم لا، ولكن ما أكد حتى كتابة التقرير اعتقال واحد منهم، فيما وزعت صور لسبعة آخرين، وذلك في وقت عُلم فيه أن الثمانية من سكان حي الشيخ رضوان، غرب غزة، ومخيم النصيرات وسط القطاع، وآخرين من رفح جنوبي القطاع، وكان بعضهم سابقاً في صفوف «حماس». وهؤلاء هم: (مصطفى ع. ومحمد د. وفادي ح. ونادر ج. وعبد الرحمن أ. وعصام ن. ومحمد أ.)، وأخيراً (عبد الرازق.)، وهو صديق مقرب من القيادي السلفي يونس الحنر الذي قتلته «حماس» قبل نحو شهر ونصف في الشيخ رضوان، كما كان الحنر أحد أعضائها العسكريين. كذلك أسرّت مصادر في «داخلية غزة» أن طرف الخيط الذي أوصلهم إلى هذه الأسماء تصوير لكاميرا مراقبة عامة رصدت المنفذين.
وثمة رواية لدى «حماس» تنظر إلى أن تحرك هؤلاء قد يكون متناسقاً مع السلطة أو بدفع وبدعم منها، وذلك في إطار اتهام رام الله «حماس» بأن لها بصمات في العمليات الأخيرة التي جرت في الضفة. ويعتقد أصحاب هذا الرأي في الحركة، أن السلطة تواجه أزمة مع قوات الاحتلال بسبب إخفاق حملتها الأمنية داخل مدن ومخيمات الضفة. ويرى هؤلاء أن «تورط السلطة في تفجيرات غزة» قد يكون خلفيته البعث برسائل إلى قيادة «حماس» تفيد بأن الضغط على السلطة بضرب الاحتلال في الضفة سيقابله خلط الساحة الداخلية في القطاع.
هذا التفسير الحمساوي يستند إلى عاملين: الأول هو دخول المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة عدنان الضميري على خط المواجهة بين السلفية و«حماس» قبل شهرين، ولصق كل الاتهامات ضد السلطة بالصراع بين الجهتين بسبب حركة «الصابرين» المتهمة بأنها شيعية، وهو ما يعني اطلاع رام الله جيداً على التفاصيل الأمنية في غزة برغم خروجها منها منذ عام 2007. والعامل الثاني هو ما نشرته الرقابة الإسرائيلية أول من أمس، وفيه اعتقال خلية تنتمي إلى «حماس» ومتهمة بتنفيذ عدة عمليات من بينها قتل مستوطنين جرى بالتنسيق مع السلطة، بل قالت إن عدداً من أعضاء الخلية معتقلون لدى أجهزة الأمن في الضفة، ومن بينهم معاذ حامد وأحمد شبراوي.
وما يعزز هذا على الصعيد السياسي، اتهام النائب عن «حماس» ومسؤول اللجنة الأمنية في المجلس التشريعي، إسماعيل الأشقر، إسرائيل وبعض أجهزة المخابرات الإقليمية والمحلية بالتورط في التفجيرات الأخيرة التي هزت القطاع أخيراً. وقال الأشقر في حديث صحافي لموقع محلي أمس، إن الأجهزة الأمنية تمكنت من اعتقال أشخاص مشتبه فيهم على خلفية التفجيرات ويجري التحقيق معهم لكشف ملابسات الأحداث، مؤكداً أن حركته لن تسمح بعودة الفلتان الأمني إلى غزة.
وعن علاقة التفجيرات الأخيرة بزيارة وفد «حماس» للسعودية، نفى الأشقر أن يكون للزيارة علاقة من قريب أو بعيد بتلك التفجيرات، محملاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة. أما في شأن الزيارة نفسها، فإنه قال إن حركته معنية بـ«علاقات استراتيجية مع كل الدول خصوصاً إذا كانت كالمملكة العربية السعودية التي لها نفوذ كبير عربياً وإسلامياً».
والجدير بالذكر أن أولى تفاعلات هذه الزيارة إفراج السلطات السعودية، أمس، عن معتقلين لهم علاقة بـ«حماس»، وأظهرت مقاطع مصورة عودتهم إلى بيوتهم.
وفيما كان الأشقر يصف العلاقة بين حركته والسلطة بأنها متوترة وسيئة للغاية «بفعل اعتقال أكثر من 250 من أنصار الحركة وكوادرها في الضفة على خلفية سياسية»، كانت «فتح» تتهم «حماس» بأنها شنت حملة اعتقالات ضد قادتها في غزة. ولكن وزارة الداخلية التابعة لحكومة غزة السابقة، نفت أنها اعتقلت القيادي في «فتح» أحمد نصر، قائلة إن ما جرى «اقتصر على استيضاح منه حول قيامه بأنشطة وأعمال ليست من اختصاصه وتتجاوز حدود عمله التنظيمي».
وفي ملف آخر، نفى الأشقر الأنباء عن تدخل مشعل لدى السعودية لمنع تنفيذ الإعدامات بحق جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر. كذلك تطرق إلى الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، قائلاً: «لإيران الحق في امتلاك النووي سواء الاقتصادي أو السلمي، كما من حق أي دولة عربية أن تمتلكه في ظل امتلاك الاحتلال الإسرائيلي نحو 200 رأس نووي». وأضاف: «لو اتجهنا إلى إيران، فنحن هناك للبحث عن مصالح تصب في قضيتنا، فإنه لو (كانت) هناك دولة تريد أن تدعمنا سنتعامل معها ونكون أول الذاهبين إليها».