غزة ــ الأخبارتحولت الجولة التقييمية لتنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطيني، التي يجريها الوفد الأمني المصري في قطاع غزة، إلى جلسات مكوكية لتدارك الاتفاق من الانفراط، بعدما أصدرت حكومة «الوفاق الوطني» قراراً فجائياً بإعادة الموظفين المحسوبين عليها كافة إلى مواقعهم الوظيفية في محافظات القطاع، وذلك مع أن اللجنة الإدارية الخاصة بدمج الموظفين لم تُتمّ عملها، في ما يشبه إحلال هؤلاء مكان موظفي حكومة غزة السابقة التي شكلتها حركة «حماس».

صحيح أن «حماس» صعّدت في الأيام الماضية خطابها، لكن ليس بالصورة التي تستدعي هذا الرد، إذ إنها انتقدت مماطلة «فتح» في تنفيذ الاتفاق، وهو ما تؤكده الفصائل الفلسطينية كافة، وإلى حدّ ما يستشعره الوسيط المصري. في المقابل، تردّ «فتح» بأقسى ما تملك من قوة في الملف الداخلي، وذلك في الوقت الذي تسرّ فيه قيادتها للقيادة الحمساوية، أن هذا وراءه ضغوط أميركية وسعودية، وكذلك إسرائيلية ومصرية. وكان أبرز تجليات ذلك تصريح مسؤول ملف المصالحة في الحركة، عزام الأحمد، الذي اتهم فيه إيران بتخريب المصالحة عبر دعمها «حماس» مالياً (راجع عدد أمس).
وكانت حكومة «الوفاق الوطني» قد قررت في جلستها الأسبوعية أمس «عودة جميع الموظفين المستنكفين في غزة إلى عملهم»، وأن يتابع الوزراء هذه الخطوة التي رأت أنها تعني «تمكين» الحكومة من العمل، وهو المطلب الفتحاوي الذي تردد صداه طوال الأيام الماضية، وذلك قبل أن يصدر رئيس الحكومة، رامي الحمدالله، في وقت متأخر على صفحته في «فايسبوك»، بياناً قال إنه تراجع فيه عن قراره. وأضاف البيان: «إيماناً منا بضرورة إنجاح جهود إنهاء الانقسام... وبعد التفسيرات الخاطئة التي استغلتها بعض الجهات، أؤكد لكم أن الحكومة بعد انتهاء عملية حصر الموظفين لما قبل 2007 في الهيئات والوزارات كافة في المحافظات الجنوبية ارتأت الإيعاز إلى وزرائها بالعمل على إعادة الموظفين القدامى إلى أماكن عملهم وفق الحاجة».
وفق مصادر محلية، كان من المتوقع بطريقة تنفيذ القرار المتراجع عنه أن يحدث صدام بين موظفي غزة والموظفين العائدين، إلى حدّ خلق أزمة اجتماعية كبيرة، خاصة أن مصير رواتب الفئة الأولى لهذا الشهر غير واضحة، مع الأخذ بالاعتبار أن هذا يمثل «خطاً أحمر» لدى «حماس» التي سارعت إلى إصدار رفض لهذا القرار، خاصة أن يأتي بعد يوم على طلب الأحمد منها إرجاع هؤلاء الموظفين إلى بيوتهم.
لكن ما جعل رد «حماس» محدوداً أمس هو استمرار الوفد المصري في مشاوراته مع الفصائل كافة، ومنها «فتح»، وهي قد أدت مبدئياً إلى تعليق القرار. كذلك، يواصل الوفد لقاءاته مع بقية الفصائل، وتحديداً «حماس»، التي التقى قائدها في غزة أول من أمس، يحيى السنوار، ثم عاد والتقاه أمس، مع رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية. وقال بيان لـ«حماس» إن «وفد المخابرات المصرية الذي التقى هنية والسنوار... أكد التزام القاهرة المتابعة الدقيقة والأمينة لعملية تطبيق اتفاق المصالحة»، فيما شدد قائدا الحركة على «وجوب وفاء الحكومة بما نص عليه اتفاق القاهرة الحالي الذي يُلزمها دفع رواتب الموظفين في قطاع غزة كافة بدءاً من الشهر الجاري».
في هذا السياق، تفيد مصادر حمساوية بأن الوفد المصري سيعود الأحد المقبل بعدما يقدم تقييمه الكلي إلى قيادته في القاهرة، وذلك مع وجود ترقب وحذر تبديه الحركة تجاه طبيعة الموقف الذي يمكن أن تتخذه مصر ضد السلطة، وإمكانية أن تكون في موقف يظهرها بجانب «حماس».
وكانت «فتح» قد أصدرت بياناً بررت فيه خطوة الحمدالله، قائلة أمس إن «كل موظف يتقاضى راتباً من واجبه أن يعمل في مكان عمله، فلا يجوز أن يأخذ شخص راتباً من دون عمل»، علماً بأن السلطة نفسها كانت قد دفعت رواتب نحو 70 ألف موظف مدني وعسكري منذ حزيران 2007 في غزة، مع أنها طالبتهم بالجلوس في منازلهم، قبل أن تعود وتقرر هذه السنة إحالة عدد منهم على التقاعد والحسم من قيمة رواتبهم بعد نحو عشر سنوات، وهي إجراءات وصفتها الفصائل بـ«العقابية»، ولا تزال مستمرة.

تراجعت رام الله عن قرارها المفاجئ بعودة موظفيها



مع ذلك، أبدى قياديون في فصائل فلسطينية رفضهم هذه الخطوة، مشددين على ضرورة التزام بنود اتفاق المصالحة. وقالت حركة «الجهاد الإسلامي»، في بيان إن «الدعوة لعودة الموظفين السابقين لعملهم قبل إتمام عمل اللجنة القانونية والإدارية... من شأنها إحداث بلبلة وسجالات بين الموظفين أنفسهم، كذلك فإنها ستضع معوّقات أمام الوفد المصري»، واصفة ما الخطوة الفتحاوية بأنها «استعجال في غير موضعه».
في غضون ذلك، التقى يحيى السنوار في غزة أمس، السفير السويسري لدى فلسطين، جوليان توني، للحديث في شأن المصالحة، علماً بأن قضية الموظفين مرتبطة بما سمي سابقاً «الورقة السويسرية»، خاصة أن المبادرة الأوروبية قائمة على دفع رواتب موظفي «حماس» عبر صندوق يكون خارج سجلات رام الله المالية.
وبجانب الخط الأحمر الأول حمساوياً المتعلق بقضية الموظفين، استبقت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، أي سجال جديد ــ ومتوقع ــ بشأن سلاح المقاومة، الذي يمثل الخط الثاني لدى الحركة، خاصة أنها تشعر بأن موضوع الموظفين قد يكون تغطية عليه. إذ قالت مساء أمس، إنها تجدد تمسكها بسلاح المقاومة، مشددةً على أنه «موجه تجاه الاحتلال الإسرائيلي». وأضافت عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية التابعة لها: «سلاحنا الذي جبل بدماء الآلاف من الشهداء هو أيقونة النصر وعنوان الخطاب مع المحتل وسيبقى مشرَّعاً في وجه الكيان الصهيوني الغاصب».
إلى ذلك، شددت «الجهاد الاسلامي» على رفضها تصريحات وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، غيلا غامليل، التي قالت فيها من القاهرة، إن «سيناء أفضل مكان للفلسطينيين ليقيموا فيه دولتهم». ووصفت «الجهاد» كلام غامليل بـ«العدائي للشعبين المصري والفلسطيني... تصريحات مدانة ومرفوضة رفضاً مطلقاً، فأرض سيناء تخص مصر الشقيقة التي دافع عنها الأشقاء المصريون بدمائهم وأشلائهم»، مطالبة مصر بإغلاق «أبوابها» في وجه هذه الوزيرة وغيرها من الإسرائيليين.
(الأخبار)





ترامب يعاود مجدداً بحث نقل السفارة إلى القدس

استكمالاً للقرار الأميركي بمواصلة الضغط على السلطة الفلسطينية، وبعد قضية تعليق عمل مكتب «منظمة التحرير»، قال نائب الرئيس الأميركي، مايكل بينس، إن دونالد ترامب «يدرس بجدية» كيفية نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة. من جهة أخرى، قالت صحيفة «إسرائيل اليوم»، في تقرير أمس، إن مصر انضمت إلى دول عربية «معتدلة» في المنطقة، تضغط على رئيس السلطة، محمود عباس، من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن «السلطة تتعرض لضغوط عظيمة من دول في المنطقة لإحياء المفاوضات، وإعادة التنسيق الأمني الكامل مع إسرائيل، وذلك لإنشاء جبهة إقليمية لصدّ النفوذ الإيراني في المنطقة ومكافحة الإرهاب». ونقلت عن مصدر فلسطيني أن «الضغوط المصرية ازدادت في أعقاب الهجوم الأخير شمال سيناء». في شأن قريب، كشف مندوب إسرائيل في الأمم المحتدة، داني دانون، أنه يجري حواراً «هادئاً» مع سفراء عرب ومسلمين لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع تل أبيب، موضحاً أنه خلافاً للأيام التي كان فيها مندوب إسرائيل معزولاً، «الآن كثيرون هم الممثلون الذين يتحدثون معه ويمازحونه ويصافحونه... يدور الحديث عن 12 دولة مسلمة، وبينها دول عربية أصبحت تدرك أهمية العلاقات مع إسرائيل، والتحدي الرئيسي الآن إخراج هذه التعاونات إلى العلن من الغرف المغلقة».
(الأخبار)