القاهرة | من دون مواربة، كشف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن رغبته في تعديل الدستور الجديد وتقليص صلاحيات مجلس النواب المقبل، لمصلحة توسيع سلطات الرئاسة وصلاحياتها. أمرٌ تزامن مع إعلان مصدر حكومي أن الحكومة أعدت، قبل أشهر عدة، مقترحاً لتعديل عدد من مواد باب نظام الحكم بالدستور، وخاصة نصوص سلطات البرلمان المتعلقة بسحب الثقة من الرئيس، فضلاً عن تلك المتعلقة بمراجعة القوانين التي صدرت في المدة الأخيرة.
«أنا بقول لكل المصريين، الدستور ده طموح جداً، وحط صلاحيات لو مكنش هتستخدم في البرلمان برشد وبوطنية ممكن يتأذى المواطن أوي ومصر تتأذى أوي، مش هنعمل إجراء استثنائي وأنا أؤكد ذلك، وممكن البرلمان يكون أداؤه خطير جداً بقصد أو بدون قصد يغرّق كل اللي بنعمله»؛ هكذا قال السيسي، خلال حفل إفطار جمعه، يوم الثلاثاء الماضي، بعدد من أسر الشهداء والشخصيات العامة تحت مسمى «إفطار الأسرة المصرية». لكن، ما هي صلاحيات البرلمان التي يخشى الرئيس أن يتضرر منها المصريون؟

الدستور المصري، الذي وافق عليه 20 مليون مصري في كانون الثاني من العام الماضي، خصص للبرلمان 37 مادة، أبرزها المادة 131 التي تعطيه سلطة سحب الثقة من الحكومة، والمادة 137 التي تحظر على الرئيس حل البرلمان إلا في حالات الضرورة، إضافة إلى المادة 159 التي تخوّل البرلمان اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو بأي جناية أخرى. لكن تبقى صلاحية سحب الثقة من رئيس الجمهورية نفسه، إحدى أبرز الصلاحيات التي منحها الدستور للبرلمان المقبل.
ويمكن للبرلمان سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات مبكرة استناداً إلى المادة 161 من الدستور، التي تشترط أن يكون سحب الثقة «بناءً على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثي أعضائه». ووفقاً لهذه المادة، بمجرد موافقة ثلثي البرلمان على اقتراح سحب الثقة، يطرح أمر سحب الثقة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في استفتاء عام، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة، يُعفى رئيس الجمهورية من منصبه ويصبح المنصب خالياً، وتجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء. أما إذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض، فإن مجلس النواب سيكون في موقع الحلّ، ثم يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخاب مجلس جديد للنواب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الحل.
مصدر حكومي بارز رأى في ذلك، خلال حديث إلى «الأخبار»، «تهديداً لاستقرار مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية والتنفيذية»، موضحاً أن مجلس الوزراء أعدّ منذ أشهر عدة مقترحاً بتعديل عدد من مواد باب نظام الحكم بالدستور بما يحقق التوازن بين صلاحيات الرئيس والحكومة والبرلمان، ومشيراً إلى أنه سيعرض على مجلس النواب فور انعقاده لطرح أمر تعديل الدستور في استفتاء على الشعب حتى يعبّر عن موقفه من تعديل صلاحيات الرئيس. وشدد المصدر على أن التعديلات لن تمس النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات العامة، وإنما ستقتصر على إعادة النظر في صلاحيات الرئيس والحكومة والبرلمان.
الباحث القانوني في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المحامي عادل رافع، وضع ما يجري الحديث عنه في خانة تراجع دولة القانون وعودة الأنظمة السلطوية التي يحكم بها الرئيس الشعب، ولا يحكم الشعب عبر ممثليه في البرلمان. وتابع قائلاً إنّ «خطورة تعديل الدستور تكمن في أن الدستور الذي أقره 20 مليوناً من المصريين ووافقوا على نصوصه، قد لا يشارك في الاستفتاء على تعديله ربع هذا العدد».