بينما كانت الدولة الجزائرية تواصل أعمالها لإعادة الهدوء إلى ولاية غرداية، حيث قتل 23 شخصاً إثر أعمال عنف هي الأسوأ منذ سنوات في المنطقة التي كثيراً ما تتصاعد فيها التوترات على خلفية أزمات اجتماعية واقتصادية متراكمة، فقد الجيش الجزائري، يوم الجمعة الماضي، تسعة جنود، على الأقل، في هجوم تبناه تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي تحدث، بدوره، عن «14 قتيلاً»، في عملية هي الأكبر ضد جنود جزائريين منذ أكثر من عام.
وأعلنت، وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان أمس «استشهاد تسعة عسكريين وجرح اثنين آخرين» عندما «تعرضت مفرزة للجيش الوطني الشعبي لإطلاق نار من طرف مجموعة إرهابية» مساء يوم الجمعة الماضي في ولاية عين الدفلى على بعد 150 كلم جنوب غرب العاصمة الجزائرية. وأضاف بيان الوزارة أنه «فور وقوع هذه الجريمة، جرى تطويق المنطقة ومباشرة عملية تمشيط واسعة ومطاردة هؤلاء المجرمين واكتشاف مخابئهم وتدميرها».
وفيما لم تعلن «الدفاع» حصيلة القتلى في صفوف منفذي الهجوم، أكدت أن «مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تأتي بعد الضربات الموجعة التي تلقتها الجماعات الإرهابية والخسائر الفادحة التي تكبدتها في الأشهر الأخيرة، لن تزيد أفراد الجيش الوطني الشعبي إلا عزيمة وإصراراً على مطاردة فلول هؤلاء المجرمين والقضاء عليهم».
الجدير بالذكر، أنّ مفرزة الجنود التي تعرضت لكمين مساء يوم الجمعة ــ أول أيام عيد الفطر ــ كانت تقوم «بعملية بحث» في منطقة جبل اللوح الحرجية ذات المسالك الوعرة. ومنطقة عين الدفلى كانت في بداية التسعينيات معقلاً للمجموعات الإسلامية المسلحة بمختلف فصائلها، لكنها استعادت هدوءها في السنوات العشر الأخيرة كباقي مناطق الجزائر. وتعدّ العملية التي وقعت هناك الأعنف التي يتعرض لها الجيش منذ أن قتل 15 جندياً في نيسان 2014 في جبال منطقة القبائل شرق الجزائر.
ووفق الرواية التي نشرتها صحيفة «الوطن» المحلية، فإن الهجوم جرى على مرحلتين، فقد قتل المسلحون يوم الخميس ثلاثة عسكريين، ثم لغموا جثثهم. وخلال تحرك وحدة من الجيش بقيادة ملازم شاب لاسترجاع الجثث، مساء الجمعة، تعرضت لوابل من الرصاص أدى إلى مقتل أحد عشر عسكرياً. وانتشر الخبر بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي ونشرت صور بعض الضحايا المفترضين مع تعليقات تعبّر عن تأييد شديد للجيش الجزائري. ووضع عدد من مستخدمي موقع «فايسبوك» على صفحاتهم صورة تعريف سوداء كتب عليها بالأبيض: «أنا جندي جزائري شهيد يوم العيد» مع شعار الجيش الجزائري.
ومنذ انتهاء الصراع الذي خاضته الجزائر ضد مسلحين إسلاميين في التسعينيات وقتل فيه أكثر من 200 ألف شخص، أصبحت هذه البلاد واحدة من أكثر دول شمال أفريقيا استقراراً، لكنّ مقاتلين متحالفين مع «القاعدة» تحت قيادة عبد المالك دروكدال ومقاتلين منافسين انشقوا لمبايعة تنظيم «داعش»، ولا يزالون يمارسون أنشطتهم في جيوب بالجزائر، ومعظمها في المناطق الجبلية النائية. وقد قال مصدر أمني لوكالة «رويترز»، إن دروكدال ربما يكون ضالعاً في الكمين الذي نصب للجنود سعياً إلى إظهار وجود «القاعدة» على الأرض.
وتبنّى تنظيم «القاعدة» الهجوم مساء السبت في بيان نشرته مواقع جهادية، معلناً مقتل 14 جندياً. وقال التنظيم، الذي نشأ على أنقاض «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» عندما أعلنت ولاءها وبيعتها لأسامة بن لادن في 2006، إنّ عناصره «تمكنوا في مساء يوم العيد من قتل 14 عسكرياً إثر كمين نصبوه لمجموعة من عساكر» الجيش الجزائري، مؤكداً أن المهاجمين غنموا أسلحة وذخائر وانسحبوا «سالمين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)