القاهرة | تخشى الحكومة المصرية في الوقت الحالي أن تكون مجبرة في شهر كانون الثاني/ يناير المقبل على زيادة أسعار المحروقات مع زيادة أسعارها عالمياً بسبب التوترات السياسية في المنطقة، علماً بأن المجموعة الاقتصادية أقنعت وفد صندوق النقد الدولي الذي اختتم زيارته نهاية الأسبوع الماضي، بإرجاء زيادة أسعار المحروقات والكهرباء إلى بداية العام المالي المقبل.
مخاوف الحكومة مرتبطة بارتفاع سعر برميل النفط ليقترب من 65 دولاراً، في وقت أعدّت فيه الحكومة ميزانيتها على سعر يراوح بين 52 و55 دولاراً للبرميل، ما يزيد من الفارق بين السعر الذي جرى الحساب عليه وبين السعر الفعلي، الأمر الذي سينعكس على عجز الموازنة مع الأخذ بالاعتبار أن الحكومة وضعت سعر أقل مما وصل إليه الدولار في الفترة الحالية.
الحكومة التي نجحت في إقناع صندوق النقد الدولي بصرف الدفعة الثالثة من قرض الـ12 مليار دولار بعد الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها على مدار عام كامل، ليصل إجمالي ما حصلت عليه مصر بعد الصرف المتوقع للدفعة الثالثة لنحو نصف قيمة القرض، تواجه مخاوف مرتبطة بعدم قدرتها على خفض عجز الموازنة ليكون 9% كما توقعت في نهاية العام المالي.
السبب الرئيسي في ارتفاع العجز عمّا كان متوقعاً، هو ارتفاع تكلفة دعم المحروقات التي تستخدم في محطات الكهرباء. بالإضافة إلى ثبات أسعار البنزين والسولار وعدم تحريكها وسط مقترحات بزيادة أسعار بنزين 95 الذي حُرِّر سعره قبل سنوات ليكون بالسعر العالمي، مع الحفاظ على باقي أسعار البنزين والسولار كما هي من دون تغيير حتى بعد الانتخابات الرئاسية، حيث ستكون الزيادة الجديدة اعتباراً من بداية العام المالي الجديد في أول تموز/ يوليو المقبل.
ولا ترغب الحكومة في أي قرارات جديدة من شأنها رفع الأسعار خلال الفترة المقبلة التي تسبق انتخابات الرئاسة المقررة في شهري نيسان/ أبريل وأيار/ مايو المقبلين، فيما يبقى عجز الموازنة مرشحاً للبقاء بالنسبة نفسها، في حال استمرار أسعار المحروقات أعلى من توقعات الحكومة. وتعوّل الحكومة على بداية إنتاج حقل ظهر خلال الأسابيع المقبلة لتخفيف الضغط على عملية الاستيراد، وتدرس كذلك الإسراع في تطبيق منظومة «الكروت» (البطاقات) بشكل كامل للحد من الكميات التي يجري توزيعها دون أي زيادة في الأسعار.
وأعلنت الحكومة في وقت سابق دراسةَ تأجيل استكمال خطة رفع الدعم التي يبقى منها عامان (من أصل أربعة أعوام) للتخفيف عن المواطنين، لكن هذه الخطة أُرجئت في ظل تحفظ صندوق النقد عن استمرار الدعم بصورته الحالية، فيما أُرجئت المناقشات فيها حتى إشعار آخر.
وقال محافظ البنك المركزي، طارق عامر، إن السياسات الاقتصادية التي وصفها بـ«التصحيحية» والتي اتخذتها الحكومة ساهمت في جذب استثمارات خارجية كبيرة، وصلت إلى 80 مليار دولار فى الأشهر الـ11 الأخيرة، معتبراً أن سياسات الصرف السابقة كانت مدمرة ولا تشجع على الاستثمار، وأهدرت فرص الإنتاج المحلي.
وأشاد عامر بانخفاض نسبة العجز وزيادة الإيرادات فى الدولة، متوقعاً زيادة الاحتياطي النقدي وتضاعفه خلال عام، وسط توقعات أن تقوم لجنة السياسات النقدية التي تجتمع غداً الخميس بخفض سعر الفائدة الذي ارتفع لأعلى مستوى له منذ بداية العام الجاري.