واشنطن | بينما يقول المسؤولون العسكريون الأميركيون إن الحرب ضد «داعش» في سوريا أوشكت على الانتهاء، فإن الأنظار تتجه إلى اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في «حلف شمالي الأطلسي» (الناتو) في بروكسل، يومي الأربعاء والخميس، حيث يتوقع أن يطرح وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، استراتيجية بلاده لمرحلة «ما بعد داعش».
ويناقش خبراء ومحللون في واشنطن حزمةً من الأسئلة المتعلقة بهذه الاستراتيجية، وخاصّةً في ما يتعلق بالدعم اللوجستي، والتسليحي، والتمويلي للمجموعات السوريّة المسلحة المرتبطة بالولايات المتحدة، وفي مقدمتهم «قوات سوريا الديموقراطية (قسد)». وكان رئيس «هيئة الأركان المشتركة الأميركية» الجنرال جوزيف داتفورد، قد قال في الاجتماع الثاني الخاص بالجهود المبذولة لمحاربة جماعات العنف المتطرف، والذي عقد الأسبوع الماضي في قاعدة فورت بلفوير القريبة من واشنطن بحضور نحو 75 من نظرائه الأجانب، إن المسالة الأساسية «أننا ندرك أن الإجراء الأكثر فعالية ضد هذه الجماعات هو العمل المحلي... هو تمكين هذه التحالفات المحلية من مواجهة هذا التحدي».
وهنا، تؤكّد قيادة «قوات العمليات الخاصة الأميركية في سوريا» عزمها على مواصلة دعم «قسد»، التي دربّتها وسلّحتها، وقاتلت إلى جانب القوات الأميركية، إذ يرون فيها «حصناً» ضد النفوذ الإيراني المتزايد، والقوّة العلمانية في المنطقة.
وفي سياقٍ متصل، قال المبعوث الأميركي الخاص في الحرب ضد «داعش» بريت ماكغورك، إنه «يمكنكم حقاً الحصول على الشعور بالزخم الذي يبني حقاً الآن... لدينا دورات تدريبية لقوات (قسد)، ونجري لهم تدريبات كاملة، ولدينا المزيد من المجندين أكثر من قدرتنا على التدريب. لذلك، هو نوع من الزخم الإيجابي».

يجتمع وزراء دفاع «الناتو» في بروكسل اليوم وغداً

ويرى محللون أن الالتزام الأميركي يتجاوز «مهمة عسكرية» بإرسال قوات أميركية لمساعدة «قسد» ــ وغيرها، على استعادة الرقة والعودة إلى الولايات المتحدة، في وقتٍ وصف فيه قائد «العمليات الخاصة في سوريا والعراق» الجنرال جيمس جارارد، أن هذا «الهدف الحكومي قد يستغرق شهوراً، وربما سنوات».
هذه المهمة، تبدو بأكملها شبيهةً بحرب العراق الأخيرة، والحرب الجارية في أفغانستان، ولكن من دون وجود قوات مشاة تقود الحرب على الأرض. وقال الجنرال جارارد «نحن جميعاً نؤيد مجلس الرقة المدني، أو مجلس الحكم المحلي الذي يعمل على تحقيق الاستقرار في المدينة التي دمرها داعش»، معتبراً أن «نقل مهمة الأمن إلى مجلس الرقة المدني، وقوات الأمن الداخلي لقسد، وإزالة العبوات الناسفة والفخاخ المتفجرة يتطلب بقاء القوات الأميركية لفترة طويلة».
وبالرغم من تأكيده أن مهمة القوات الأميركية هي تقديم الدعم لـ«قسد»، وضمان عدم عودة مقاتلي «داعش» إلى الرقة، إلا أن جارارد تجنّب الرد على سؤال افتراضي حول «ماذا ستفعل الولايات المتحدة إذا تقدمت دبابات الجيش السوري مدعومة من القوات الجوية الروسية نحو الرقة»، معتبراً ذلك «قراراً سياسياً»؛ غير أن وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، أشار في جلسة استماع عقدت في «مجلس الشيوخ»، الأسبوع الماضي، إلى أنه يتصور وضعاً يحتل فيه النظام السوري مواقعه ولا يحاول تجاوز المناطق التي يحررها الآخرون أو الاستيلاء عليها.
وفي الوقت الذي يُنتظر فيه أن توضح الحكومة الأميركية استراتيجيتها تجاه سوريا، يبدي أعضاء «الكونغرس» عدم رغبتهم بالدخول في معركة أخرى، ولا سيما تلك التي لا يجدون فيها سوى مصلحة أميركية قليلة جديرة بالدفاع.
ويرى محللون أن توالي الانتصارات والمكاسب التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه (روسيا، إيران وحزب الله) على الأرض، يدفع الحكومة الأميركية إلى الحديث مع روسيا حول خريطة طريق لتحقيق تسوية سلمية في سوريا، حيث يقول الجميع إن «الحرب تنتهي في جنيف».
ويتحدث تيلرسون ومسؤولون عسكريون بارزون عن الحاجة إلى حل دبلوماسي للصراع في سوريا، مكرّراً دعم بلاده لعملية جنيف، والتي من المقرر أن تستأنف يوم 28 من الشهر الجاري.