لا يزال التوتر سيد الموقف، داخل المملكة السعودية، بفعل الحملة المتواصلة لولي العهد محمد بن سلمان، على أجنحة خصومه في أسرة آل سعود، وعدد كبير من رجال الأعمال والمسؤولين البارزين في الدولة. توتر لا يقتصر على السعودية فحسب، في وقت يسير فيه بالتوازي مع حملة تصعيد إعلامي وسياسي خارجية، تقودها الرياض ضد اليمن وإيران ولبنان، وحزب الله خصوصاً.
ولاقت واشنطن حفلة التصعيد السعودية خارجياً، بتغريدة على موقع «تويتر» للرئيس دونالد ترامب، أكد فيها أنّ «لديه ثقة كبيرة بالملك سلمان وولي عهد السعودية، فهما يعلمان جيداً ما يفعلانه».
الغطاء والمباركة الأميركية لحملة التطهير «السلمانية»، كان قد سُلّط الأضواء على أجوائها بعد الاتصال الذي جمع الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، بالرئيس الأميركي، إذ ربطت صحيفة «واشنطن بوست» خطوات محمد بن سلمان بالزيارة السرية التي قام بها مستشار ترامب وصهره، جارد كوشنير للرياض، الأسبوع الماضي. ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصادرها بأن ابن سلمان وكوشنير «كانا يضعان الخطط والسيناريوات في خلال تلك الاجتماعات التي كانت تستمر إلى ساعات الصباح الأولى».
في الرياض، استمرت، أمس الاثنين، عمليات الاحتجاز للأمراء والمسؤولين والنافذين، وتوسعت لتضم أسماء جديدة، تردد أن من بينهم أعضاء مجلس إدارة شركة «عسير للتجارة والصناعة» وشركة «البحر الأحمر العالمية»، صالح كامل وخالد الملحم وعمرو الدباغ. وتسبب خبر عن اعتقال عضو مجلس إدارة «مجموعة الطيار للسفر» ناصر بن عقيل، بهبوط سهم الشركة 10 في المئة.
وقالت وكالة «رويترز»، أمس، إنه جرى أيضاً احتجاز الأمير متعب بن عبدالله، الذي كان قد صدر أمر ملكي بإقالته من منصبه في رئاسة جهاز «الحرس الوطني».
وعلى الرغم من حال القلق السائدة في الداخل السعودي والخارج، من عملية الإقصاء والبطش بالخصوم التي يقودها ولي العهد، والتي لا يزال بعض من فصولها يلفه الغموض، فإن السلطات السعودية تواصل إضفاء صبغة «مكافحة الفساد» على حملات التوقيف الجارية. وعلّق، أمس، النائب العام السعودي، سعود المعجب، على عمليات الاحتجاز، قائلاً إن «المحتجزين خضعوا للاستجواب، وإن السلطات جمعت الكثير من الأدلة». وأضاف أن الاعتقالات «لا تمثل البداية، بل جاءت استكمالاً للمرحلة الأولى من مسعى لمكافحة الفساد». وقال عضو «لجنة مكافحة الكسب غير المشروع»، خالد بن عبد المحسن المحيسن، إن «المحققين يجمعون الأدلة منذ ثلاث سنوات وسيواصلون تحديد الجناة وإصدار مذكرات الاعتقال والمنع من السفر وتقديم المخالفين للعدالة».
وقال «مركز التواصل الدولي» التابع لوزارة الإعلام السعودية إن الرياض ستقوم بتجميد الحسابات المصرفية للشخصيات التي أوقفت. وذكر المركز أن «المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد ستعاد إلى الخزينة العامة للدولة السعودية». وقدّرت تقارير إعلامية غربية المبالغ التي قد تحصل عليها سلطات ابن سلمان بما يفوق تريليون دولار.
ونفى وزير الخارجية عادل الجبير، الاتهامات بأن الحملة تستهدف معارضي ولي العهد، معتبراً أن هذا الرأي «غير منطقي»، بحسب ما جاء في مقابلة أجراها مع شبكة «سي أن أن» الأميركية. وتابع الجبير قائلاً إن «بلاده لا تتساهل في ما يتعلق بقضايا الفساد أو الإهدار أو سوء الإدارة»، واعداً بأن «الناس ستعرف الأسباب عندما تنتهي التحقيقات».
في غضون ذلك، قام الملك السعودي، بحسب وسائل الإعلام السعودية، بزيارة لولي العهد السابق مقرن بن عبد العزيز، لتعزيته بابنه الأمير منصور، الذي قضى في حادث غامض، إثر تحطم مروحيته، مع عدد من المسؤولين السعوديين، في منطقة عسير القريبة من الحدود الجنوبية مع اليمن، وذلك في تزامن مريب مع عمليات الاحتجاز والإقالة في المملكة، وبعد ما تردد عن قرار لمحمد بن سلمان بإيقاف سفر الطائرات الخاصة.
وتسلم، أمس، الأمير خالد بن عبد العزيز بن عياف آل مقرن، رئاسة جهاز «الحرس الوطني»، خلفاً للمقال الأمير متعب بن عبدالله، وأدّى القسَم أمام الملك في قصر اليمامة في الرياض. وأدى القسم كذلك وزير الاقتصاد الجديد، محمد بن مزيد التويجري.
(الأخبار)