سرعان ما قطع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مشاركته في أعمال «منتدى شباب العالم» المقام في مدينة شرم الشيخ المصرية، متجهاً إلى العاصمة السعودية الرياض، بعدما وصلته دعوة مفاجئة من الملك سلمان، على أن يلتقي إلى جانب الملك ولي العهد محمد بن سلمان، وفق مصادر فلسطينية رسمية.
وبينما لم تتضح أسباب هذه الدعوة التي تترافق مع تغيرات كبيرة في المملكة، قالت مصادر رسمية إن «عباس سيبحث في الرياض تعزيز العلاقات بين الطرفين... وسيطلع الملك السعودي على آخر مستجدات القضية الفلسطينية». لكنّ أوساطاً فلسطينية أخرى تقول إن هذا «الاستدعاء» يأتي في سياق التوجهات السعودية الأخيرة القاضية بإعلان «حرب» على إيران.
وجراء اتفاق المصالحة الأخير، الذي تزامن مع تعزيز حركة «حماس» علاقتها بكل من طهران وحزب الله، بل تظهير ذلك إعلامياً (قبل أيام شارك وفد من الحركة في تعزية قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، بوفاة والده)، يبدو أن السعودية لن تغفل «حماس»، رغم أن الراعي الأساسي للمصالحة الجارية هو القاهرة.
ومع أن «حماس» لم تبادر إلى التصعيد مع الرياض، في ظل الأزمة الخليجية الجارية والمقاطعة لقطر، ورغم تخفيض رئيس مكتبها السابق، خالد مشعل، المقيم في الدوحة، مستوى تصريحاته وظهوره، فإن الحركة لا تزال على قائمة «الملاحقة» السعودية، مع الإشارة إلى أن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، بادر إلى تهنئة ابن سلمان عند توليه ولاية العهد بمنصبه، وذلك بعد توتر ساد العلاقة بسبب تبادل تصريحات وبيانات سعودية وحمساوية (بيان واحد من الحركة فقط).
تضيف تلك الأوساط أن السعودية ستطلب من رئيس السلطة الفلسطينية أن يعمل على الضغط على «حماس»، عبر الضغط لتسلّم الأمن كاملاً منها في غزة (هذا الطلب يرفضه المصريون في المرحلة الجارية على الأقل، راجع العدد ٣٣١٤ في ٢ تشرين الثاني)، وأيضاً الطلب منها التخلي عن سلاحها. لكن الرياض اشترطت على عباس أن يتصالح مع القيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان، الذي يمثل الذراع الإماراتية الأقوى في محاربة «الإخوان المسلمين» في المنطقة كما ترى المملكة.

ستسهل القاهرة عبور
الطلاب من معبر رفح، كما
ستدرّب أمن السلطة

مع ذلك، يخدم الصلح بين عباس ودحلان «حماس» من جهة، لكنه يضرها من جهة أخرى. ومع توقع الأوساط نفسها أن يماطل عباس في تنفيذ المصالحة مع دحلان، بالتوازي مع قبوله التباطؤ في تطبيق بنود المصالحة، فإن ذلك كله مرتبط بالموقف المصري، الذي بدا إلى حدّ ما متضارباً مع الموقف السعودي في نقاط عدة أخيراً، وإن لم تكن رئيسية، لكنها الآن بشأن غزة ستكون قضية أساسية.
وكان عباس، كحال دول ومؤسسات عربية وإسلامية، قد أصدر بيان استنكار رسمي مساء أول من أمس، لقصف حركة «أنصار الله» مطار الملك خالد الدولي في الرياض بصاروخ باليستي السبت الماضي. وطبقاً لـ«وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية» (وفا)، عبّر رئيس السلطة عن «تضامنه مع المملكة... ضد ما تتعرض له من اعتداءات».
وقبيل سفر رئيس السلطة، التقى في شرم الشيخ، أمس، الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ قال بيان صادر عن الرئاسة المصرية، إن السيسي أكد لعباس أن بلاده «ستواصل جهودها لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي حتى التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، مشيراً إلى «أهمية مواصلة جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام». في المقابل، أكد عباس، وفق البيان نفسه، حرصه على «التشاور المستمر مع السيسي، وإشادته بجهود مصر الصادقة لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية».
على صعيد ملف المصالحة الفلسطينية، وفي تسهيل طفيف، أعلنت وزارة التربية والتعليم في رام الله أن الحكومة المصرية وافقت على مرور معظم الطلبة الفلسطينيين من قطاع غزة، الحاصلين على منح دراسية في الخارج، عبر معبر رفح البري، في وقت صرّح فيه مفوض «فتح» في غزة، أحمد حلس، بأن «الإجراءات الإدارية بدأت لنشر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة على الحدود والمعابر في غزة»، مضيفاً أن ثمة دوراً مصرياً في تأهيل هذه القوات.
كذلك، قال عضو «اللجنة المركزية لفتح»، عزام الأحمد، إن أول مرحلة من تنفيذ اتفاق المصالحة، الذي يستند إلى اتفاق 2011، انتهت في الأول من الشهر الجاري بعد إتمام تسليم المعابر بنجاح، مشيراً إلى أن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» ستنضمان إلى «منظمة التحرير» في ظل المصالحة الجارية. وأضاف الأحمد: «السلطة وفتح تعرضتا في مرحلة سابقة للضغوط، ومنها ضغوط أميركية، لمنع توقيع المصالحة... الأردن وافق على التكليف العربي لمصر برعاية ملف المصالحة، كما كان من ضمن الدول الثماني التي أبدت استعداداً للإشراف على إعادة بناء هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية».
في المقابل، قال عضو المكتب السياسي في «حماس»، موسى أبو مرزوق، إن حركته لم تعد تتحمل مسؤولية المواطنين في غزة، مضيفاً أن هناك «حكومة يجب أن تتولى مسؤولياتها، وهناك فصائل يجب أن تضغط على الحكومة» لذلك. وأضاف في تصريحات صحافية أمس، «إن كانت إجراءات عقابية وليدة أشهر سابقة لم يقرر الرئيس محمود عباس رفعها، فكيف سيكون قراره في القضايا الكبرى التي سنناقشها في اجتماع الفصائل نهاية الشهر الجاري». وعن التصعيد الأخير، قال أبو مرزوق: «العدوان الإسرائيلي بحاجة إلى ردع، والعدو لا يفهم غير القوة... مصر أجرت عدة اتصالات لضبط الوضع الميداني، ونحن نُقدّر هذه الجهود، أما الاحتلال فلا ضامن له سوى ردعه بالمقاومة المسلحة».
إلى ذلك، رد رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، على حركة «الجهاد الإسلامي» وذراعها العسكرية (سرايا القدس)، بالقول إن استعادة جثامين شهداء نفق خان يونس لن تكون بالمجان. ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، توعد نتنياهو أمس بإعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، مضيفاً: «لا نقدم هدايا مجانية... وسنعيد جنودنا إلى منازلهم».
(الأخبار)




الزهار: مستعدون للجلوس مع السوريين

أعلن عضو المكتب السياسي لـ«حماس» في غزة، محمود الزهار، استعداد حركته للجلوس «مع النظام السوري، أو أي طرف عربي مساند للقضية الفلسطينية ما دام ذلك لا يؤثر في القضية بالسلب»، مشدداً على أن «حماس لن تُعيد خطأ فتح، ولن تتدخل في أزمات عربية داخلية».
وقال الزهار، في حوار تلفزيوني، أمس، إن العلاقة بين «حماس» ومصر «مميزة طوال عمرها... القاهرة كانت مسؤولة عن غزة بعد جريمة نكبة 1948، وحماس لم تتدخل في أي عهد، سواء عهد حسني مبارك ومحمد مرسي أو الرئيس الحالي (عبد الفتاح) السيسي»، لافتاً إلى أن لقاء نائب رئيس الحركة، صالح العاروري، والأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، «منطقي جداً... لأن لبنان وسوريا وفلسطين فيها احتلال... وفلسطين تحتاج الى دعم الجميع».
(الأخبار)