يحقق الجيش السوري خطوات كبيرة على طريق إنهاء وجود تنظيم «داعش» داخل مدينة دير الزور، وعودة عاصمة الشرق إلى كنف الدولة السورية كاملة، بعد صمودها لسنوات في وجه أعنف الهجمات. ويترافق التقدم داخل المدينة مع تحرك على محاور جنوب الميادين وشرق محطة «T2» باتجاه المنطقة الحدودية مع العراق. وتمكن الجيش خلاله، من قطع نحو 11 كيلومتراً إضافياً شرق المحطة، أمس، ليصبح على بعد قرابة 50 كيلومتراً عن أطراف مدينة البوكمال من الجنوب الغربي.
وتشير المعطيات إلى أن الجيش يستعجل العمليات للوصول إلى الحدود، وعزل منطقة وادي الوعر (جنوب شرق المحطة)، التي ما زالت منطقة نفوذ لتنظيم «داعش». وبينما ينشّط الجيش وحلفاؤه العمليات من هذا المحور، بقيت الجبهة العراقية هادئة خلال اليومين الماضيين، وسط تأكيدات بقرب التحرك ضمن المرحلة الثانية من عمليات غرب الأنبار، التي تتضمن دخول أحياء مدينة القائم.
وعلى وادي الفرات جنوب مدينة الميادين، يتابع الجيش تحركه في محيط بلدة محكان، مدعوماً بغارات جوية متواصلة تستهدف مواقع التنظيم وتحركاته هناك. ويبدو لافتاً أن التحرك على محور محطة «T2» لا يلقى الدعم الجوي الروسي المتوافر على محور وادي الفرات. وهو ما يتسق مع كثافة الحضور العسكري البري إلى جانب الجيش هناك، وغيابه في بادية دير الزور الجنوبية الشرقية. ويساعد هذا التركيز الروسي على تجنب الصدامات بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، والقوات المدعومة أميركياً من الجهة المقابلة، خاصة أن الطرفين يشتركان بجبهة طويلة ومتداخلة. وتعمل القوات الروسية على استهداف المقارّ الرئيسية التي يحصّنها «داعش» في بلدات الفرات، لتسهيل مهمة الجيش في التحرك داخل البلدات من دون مقاومة عنيفة. وكما استهدفت مراكز التنظيم على طول البلدات بين دير الزور والميادين، تعمل الآن على استهداف أبرز مواقعه شرقاً نحو البوكمال. وهو ما يلفت إلى وجود توجه روسي ــ سوري بإكمال التحرك نحو البوكمال خلال وقت قصير. إذ نفذت 6 قاذفات روسية استراتيجية من طراز «تو 22»، ضربات جوية على مواقع «داعش» قرب مدينة البوكمال، انطلاقاً من الأراضي الروسية وعبر الأجواء الإيرانية والعراقية. وداخل مدينة دير الزور، سيطر الجيش على المناطق المتاخمة لحيّ الحميدية من الجهة الغربية. واستهدف سلاح الجو والمدفعية مواقع التنظيم في أحياء الحميدية والجبيلة والرشدية والحويقة والعرضي. وتابعت وحدات الهندسة تفكيك الألغام والعبوات الناسفة في أحياء المطار القديم وكنامات والرصافة ومحيط الثانوية الصناعية والمعهد الصناعي والشارع المؤدي إلى دوار غسان عبود، بعد سيطرة الجيش عليها أول من أمس.

نفت «تحرير الشام» ضلوعها في محاولة اغتيال قائد «جيش الأحرار»


وفي تطورات مخرجات الجولة الأخيرة من محادثات أستانا، وخاصة في ملف مؤتمر «الحوار الوطني» الذي تُعدّه روسيا، خرج اعتراضان متزامنان على عقد المؤتمر من قبل أطراف سورية معارضة، ومن قبل أنقرة. إذ قال عضو «هيئة التفاوض العليا» المعارضة ورئيس المكتب السياسي في «جيش الإسلام» محمد علوش، إن المؤتمر تحول إلى اجتماع بين «النظام والنظام». وأضاف في حديث لوكالة «رويترز» أن «الهيئة تفاجأت بذكر اسمهم في قائمة الدعوة، وهي بصدد إصدار بيان مع قوى أخرى يحدد الموقف العام الرافض لهذا المؤتمر». بدوره، أشار «الائتلاف السوري» المعارض، إلى أن المؤتمر يُعَدّ محاولة للالتفاف على «الإرادة الدولية في الانتقال السياسي في سوريا» وعلى المسار السياسي بقيادة الأمم المتحدة في جنيف. أما تركيا، فقد رأى المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالين، أن بلاده لا يمكنها قبول دعوة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي، إلى المحادثات، مضيفاً أن أنقرة بدأت بإجراء اتصالات لمتابعة هذا الموضوع. وفي المقابل، خرج موقف مرحب وغير حاسم من جانب الرئيس المشارك للحزب، شاهوز حسن، الذي قال إن حزبه يؤيد حضور المؤتمر، مضيفاً في تصريح مكتوب لوكالة «رويترز»، أنه «سيدعو إلى تطبيق صيغته اللامركزية» في سوريا. ولم يؤكد حسن التزامه الحضور، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأغلبية داخل الحزب، وحلفاءه «يفضلون الآن الحضور»، ويجري نقاش القرار.
وعلى صعيد آخر، تتابع القوات التركية تحركها على أطراف منطقة «تخفيف التصعيد»، في موازاة زيارة أجراها رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، أمس، لمواقع الوحدات العسكرية العاملة على الحدود، وذلك برفقة قائد القوات البرية يشار غولر، وقائد القوات الجوية حسن كوجوك أقيوز. وفي موازاة ذلك، شهدت أمس منطقة إدلب تطوراً لافتاً، تمثل في محاولة اغتيال أحد أبرز قادة الفصائل التي كانت منضوية تحت راية «هيئة تحرير الشام» سابقاً، وهو قائد «جيش الأحرار» أبو صالح طحان. وأفاد بيان أصدره «جيش الأحرار» بأن طحان تعرض لإطلاق نار خلال مروره بسيارته على حاجز «قطاع البادية» في البرقوم في ريف حلب الجنوبي، الذي تسيطر عليه «هيئة تحرير الشام». وبينما اتهم البيان «قطاع البادية في هيئة تحرير الشام بتبني العملية»، نقلت «وكالة إباء» المحسوبة على «تحرير الشام» نفي مصدر مسؤول من «الأخيرة»، وتأكيده «التبرؤ» من الحادثة، مضيفاً القول: «بدأنا بالتحقيقات اللازمة للوقوف على تفاصيل ما حصل، وسنعمل على محاسبة من أقدم على هذا الفعل الشنيع، كما نحمد الله على سلامة الأخ أبي صالح طحان».