في سيناريو شبيه ببداية عدوان عام 2014، استهدفت طائرات العدو الإسرائيلي أمس، نفقاً قيد الحفر لـ«سرايا القدس» (الجناح المسلح لـ«حركة الجهاد الإسلامي»)، ما بين الحدود مع غزة وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨، ما أدى إلى استشهاد سبعة أشخاص من «السرايا» و«كتائب القسام» (الذراع العسكرية لحركة «حماس»)، فيما تتواصل عمليات الإنقاذ/ الانتشال.
وقصف جيش العدو بخمسة صواريخ النفق الذي كان بالقرب من موقع «كيسوفيم» العسكري شرق مدينة خانيوس، جنوب قطاع غزة، علماً بأنه سبق العدوان على المقاومة نشر منظومة «القبة الحديدية» في أسدود (بدأ نشرها منذ الجمعة الماضية) واستدعاء العدو بصورة مفاجئة جنود الاحتياط (صباح أمس)، وفق مواقع عبرية مقربة من الجيش، ومصادر قريبة من المقاومة.
مع ذلك، قال موقع «٠٤٠٤» الإسرائيلي، إن «قوات الاحتياط استُدعيَت لتنفيذ تدريبات عسكرية واسعة، فيما قال المتحدث باسم جيش العدو، رونين منليس، إن «المناورات ستستمر حتى نهاية اليوم (أمس)... وتأتي فى إطار خطة المناورات السنوية الهادفة إلى الحفاظ على استعدادات قوات الطوارئ»!

يصل وفد من «المخابرات المصرية» اليوم إلى
غزة لتثبيت التهدئة وتسليم المعابر

وركّز بيان جيش العدو على أن القصف حصل داخل أراضي الـ48، لا في قطاع غزة، وذلك لإحراج المقاومة ومنعها من الرد، وهذا ما روّج له المتحدث بالعربية باسم جيش العدو، أفيخاي أدرعي، حينما صرّح بأن «التفجير حدث داخل الأراضي الإسرائيلية، بينما معظم القتلى هم ناشطون دخلوا إلى النفق بعد تفجيره وقتلوا داخل غزة ولا (ليس) نتيجة التفجير».
طبقاً لبيانات فصائل المقاومة، فإن خمسة من الشهداء هم من «سرايا القدس»: قائد «لواء الوسطى» وعضو «المجلس العسكري» عرفات مرشد أبو عبد الله، ونائبه حسن رمضان أبو حسنين، بالإضافة إلى عمر نصار الفليت، وأحمد خليل أبو عرمانة، وحسام السميري، واثنان من «كتائب القسام»: القائد الميداني في «وحدة النخبة» مصباح فايق شبير، ومحمد مروان الآغا، وكذلك أصيب ١١ شخصاً.
ووفق المعلومات، توجّهت بعد القصف الإسرائيلي للنفق فرقٌ من «القسام» و«السرايا» للمساهمة في إنقاذ المقاومين. وبعد دخولهم إلى النفق، أدت الغازات التي أطلقتها صواريخ العدو إلى استشهادهم، فيما بقيت المجموعة المستهدفة داخل النفق من دون تحديد مصيرها (حتى كتابة التقرير).
وكشف المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، عن «استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دولية في عدوانه الأخير، مضيفاً في تصريح صحفي أنّ «الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفى تعرضوا لكمية كبيرة من البارود والغاز السام... هذه الغازات تستخدم للمرة الأولى ولم نعرفه نوعها»، وهو ما أكده مدير مستشفى شهداء الأقصى، كمال الخطيب، الذي قال إن «عدداً من الإصابات الطفيفة التي غادرت المستشفى عادت بعد ساعات وعليها أعراض أخرى».
من الفور، أعلنت «سرايا القدس» حالة «الاستنفار العسكري العام في صفوف عناصرها»، وأكدت في بيان أن «دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وأن جميع خيارات الرد ستكون أمامنا مفتوحة». أيضاً، قالت «القسام» إن «محاولات العدو لفرض قواعد جديدةٍ للاشتباك عبر ارتكاب جرائم واعتداءاتٍ على أرضنا ومجاهدينا وشعبنا هي محاولاتٌ بائسةٌ تعيها المقاومة جيداً وستبوء بالفشل».
وبينما عقدت الفصائل اجتماعاً لتقييم الوضع وأجرت اتصالات مع القاهرة، قالت «الجهاد الإسلامي» إن «سرايا القدس ستقرر في الساعات القادمة طريقة الرد على العدوان... الذي حدث هو إعلان حرب من جانب الاحتلال». أما «حماس»، فوصفت الاستهداف الإسرائيلي بأنه «محاولة يائسة لتخريب جهود المصالحة».
في السياق نفسه، أدانت «فتح» «الجريمة الإسرائيلية البشعة»، وقال نائب أمين سر «المجلس الثوري» للحركة فايز أبو عيطة، في تصريح صحافي، إنّ «هذه الجريمة تأتي في سياق خلط الأوراق وتوتير الأجواء لإفشال المصالحة... المضيّ في تنفيذ اتفاق المصالحة هو الرد الأمثل».
من جهة أخرى، أعلنت الأذرع العسكرية للمقاومة وقوفها مع «سرايا القدس»، وقالت «كتائب أبو علي مصطفى»، الجناح العسكري لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، في بيان، إنّ «جريمة استهداف المقاومة... تفتح كل الخيارات أمام المقاومة»، ودعا المكتب السياسي لـ«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، «قيادة الأجنحة العسكرية لعقد اجتماع طارئ لدرس هذا التصعيد والخطوات المطلوبة لمجابهة هذا الاعتداء». كذلك، رأت «لجان المقاومة الفلسطينية» أن القصف الإسرائيلي «جريمة عدوانية وللمقاومة الحق في استخدام كافة الخيارات للرد»، معلنة «حالة التعبئة العامة في صفوف مقاتليها».
وإذ يتكرّر تقريباً ما حدث عام ٢٠١٤، حينما أدت عملية «الجرف الصامد» إلى تخريب نتائج الاتفاق بين «فتح» و«حماس» (اتفاق الشاطئ) بعد 51 يوماً من المواجهة، فإنّ اندلاع حرب جديدة قد يؤدي أيضاً إلى إجهاض الاتفاق الأخير في القاهرة. لكن في محاولة إسرائيلية لاستيعاب تداعيات العداون، قال المتحدث باسم جيش العدو، في وقت متأخر مساء أمس، إن «مزاعم استخدام غازات خطيرة في عملية تفجير النفق كاذبة... ولم نقصد استهداف مسؤولين كبار».
ويأتي هذا الاستهداف في وقت تواصل فيه مصر متابعة ملف تسليم المعابر للسلطة في رام الله، فيما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر أمني في رام الله قوله إن السفير المصري لدى السلطة، سامي مراد، ومعه اللواء في «المخابرات المصرية» همام أبو زيد، قرّرا في زيارة غير مخطّط لها سابقاً، أن يصلا غزة صباح اليوم، عبر حاجز «بيت حانون ــ إيريز»، للقاء الفصائل وتثبيت التهدئة، كما سيشاركان في عملية تسليم معابر القطاع لحكومة «الوفاق الوطني».




المعابر «قيد التسليم»

كشفت مصادر مصرية عن وصول وفد يرأسه مدير «هيئة المعابر الفلسطينية»، نظمي مهنا، إلى القاهرة، برفقة وفد من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. وقالت تلك المصادر إن الوفد الفلسطيني التقى مسؤولين مصريين لبحث آليات تسلُّم معابر قطاع غزة كافة، تمهيداً لتطبيق بند اتفاق المصالحة الخاص بالمعابر الذي ينص على تسلُّم السلطة إدارة المعابر ابتداءً من مطلع تشرين الثاني.
من جهة ثانية، أعلنت حركة «حماس» جاهزيتها لتسليم إدارة المعابر للحكومة بصورة كلية تضمن إشرافها على الحركة فيها وجمع الإيرادات التي ستودع في صندوق الحكومة «لتتحمل بذلك المسؤولية تجاه القطاع». لكن «حماس» لمّحت إلى أن ذلك يعني «دفع رواتب الموظفين الموجودين في غزة (الذين عينتهم الحركة)، على غرار المرحلة السابقة (بقيمة نصف راتب شهرياً)، وذلك لحين دمجهم في الوظيفة الرسمية».
(الأخبار)