ما زالت حضرموت التي تمثل ثلث مساحة اليمن ترزح تحت سيطرة تنظيم «القاعدة» منذ الأسبوع الأول للعدوان على اليمن على مرأى التحالف السعودي ومسمعه. ويمارس التنظيم المتطرف نشاطاته ويكرّس مشاريعه وسيطرته على مركز المحافظة وأجزاء واسعة منها على كل المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
في اليومين الماضيين، برز تحرك جديد من شأنه أن يؤثر في مجريات الأحداث في المحافظة المستباحة تماماً من التنظيم المتطرف. وأكدت معلومات حصلت عليها «الأخبار» نقل «القاعدة» عتاداً عسكرياً ثقيلاً من معسكرات الجيش اليمني التي سيطرت عليها إلى أماكن مجهولة. وبحسب مصدر محلي، فقد شوهدت قوافل من السلاح الثقيل بينها دبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة ينقلها «القاعدة» عبر طرق مختلفة. وأفادت المعلومات بأن تنظيم «القاعدة» في مدينة المكلا (مركز حضرموت) يتحرك لتنفيذ مخططات مموّلة من التحالف، لاقتحام مناطق وادي وصحراء ‏حضرموت التي تسيطر عليها الآن، نظرياً، المنطقة العسكرية الأولى المؤيدة للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي. وكان بعض زعماء التنظيم قد هددوا بتنفيذ هذا الأمر في خطب سابقة في مساجد المكلا، بحسب شهود محليين.
وكانت إحدى الناقلات الكبيرة التي تحمل ‏معدات وأسلحة ثقيلة قد انحرفت عن مسارها وسبّبت إغلاق الطريق الرابط بين مديريات ساحل ‏ووادي حضرموت. وكشف مصدر أمني أن ناقلة تحمل دبابتين انحرفت مساء أول من أمس، عن مسارها في عقبة عبدالله غريب، مسببةً إغلاقاً جزئياً ‏للطريق، الأمر الذي شد انتباه الناس للقوافل التي تنقل ذلك السلاح.
جدد محافظ حضرموت اتهام رئيس حكومة هادي بالتواطؤ مع «القاعدة»

وفيما أشار المصدر الأمني إلى أن التنظيم نقل شحنات عدة خلال اليومين الماضيين من معسكر «اللواء 27» ومن ميناء الضبة في الساحل إلى وجهة غير معلومة، مرجحاً أن تكون وجهتها إلى مديريات الوادي، أفادت المعلومات «الأخبار» بأن ثلاث دبابات مرّت مساء أمس علی متن قاطرتين شوهدت آخر مرة في منطقة حورة وهي أولى مديريات الوادي والصحراء.
وأكدت المعلومات أن عناصر تابعين للتنظيم استهدفوا النقطة العسكرية التابعة لمنطقة وادي سر ظهر أمس بقذائف هاون، ما أدى إلى جرح جنديين. وتشير المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» إلى احتمال حدوث هجوم وشيك لعناصر «القاعدة» و«داعش» للسيطرة علی الوادي والصحراء، لافتةً إلى أن مقاتلي التنظيم يتحركون بكل سهولة وينقلون الأسلحة الثقيلة، ولا سيما في ظل غياب العمليات الأميركية للطائرات من دون طيار. من جهتها، أكدت مصادر محلية سحب التنظيم بعض النقاط التابعة له الواقعة في مناطق جولة مسحة بويش ونقطة الريان مدخل ‏المدينة والنقطة الواقعة عند قصر الرئاسة وسط المدينة.
على الصعيد نفسه، كشفت المعلومات أن أكثر من مئة مسلح من «القاعدة» كانوا أمس في طريقهم إلى محافظة شبوة عبر طريق نتيشة، وأن بعض المعدات الثقيلة التي شوهدت في اليومين الماضيين، هدفها شبوة وربما البيضاء.
على الصعيد نفسه، عثر مواطنون الأحد الماضي على ثلاث جثث مرمية بالقرب من إحدى المناطق في ‏مدينة ‏القطن في محافظة حضرموت. وأوضح مصدر محلي أن بعض المواطنين عثروا على ثلاث جثث مجهولة الهوية ذُبح أصحابها وأُلقوا في الطريق ‏العام ‏بالقرب من مدينة القطن. وأفادت التحريات الاولية بأن أصحابها من أبناء حضرموت، جاء ذلك بالتزامن مع استحداث «القاعدة» نقاطاً في إحدى الطرق المؤدية إلى مديرية القطن.
في هذه الأثناء، يواصل «القاعدة» في مناطق حضرموت ممارساته من دون رادع أو رقيب، حيث استولى على أموال الأوقاف بصورة كاملة في المحافظة بمساعدة بعض النافذين، كذلك اقتحم أول من أمس شركة «الجبل» للأدوية وأغلقها بعد مصادرة كل شيء فيها. وأكدت المعلومات أن التنظيم سرّح جميع العاملين ‏بعد «حكم» أصدرته «محاكم» التنظيم. وقبل أسبوع، أعدم التنظيم امرأة يمنية بتهمة «الزنى»، وذكرت مصادر متطابقة أن المرأة اعتقلها عناصر تابعون للتنظيم قبل اغتصابها ورجمها حتى الموت.
على وقع ذلك، جدد محافظ حضرموت، عادل باحميد، اتهامه لرئيس الحكومة المستقيلة، خالد بحاح، ‏بالتواطؤ مع تنظيم «القاعدة» وتضليل الرأي العام المحلي والإقليمي، في ما يخص سيطرة التنظيم على أجزاء واسعة من ‏حضرموت في نيسان الماضي، ملوّحاً مجدداً بالاستقالة بعدما أكد في بيان نشرته الصحافة اليمنية أنه حاول مرات عدة لفت اهتمام «التحالف» وبحاح وهادي إلى ما يجري في حضرموت من دون جدوى.
ولم تكن محافظة عدن أحسن حالاً من حضرموت، حيث أفادت مصادر محلية بأن عدداً من الجرحى سقطوا أمس إثر هجوم مسلح نفذه مجهولون يعتقد انتماؤهم إلى «القاعدة» على مركز شرطة في دار سعد في عدن. وأكدت المصادر أن المسلحين لاذوا بالفرار، رغم التشديد الأمني وحظر التجوال المعلن هناك المستمر منذ شهر، على خلفية عدد من عمليات الاغتيالات التي لم تتوقف حتى مساء أمس.