خسر تنظيم «داعش» وجوداً مهماً استثمره لسنوات في ريف حماة الشرقي، بعد سيطرة الجيش السوري وحلفائه على بلدة الحردانة والقرى المحيطة بها، والتي كانت آخر معاقل التنظيم في القسم التابع لريف حماة من «جيب عقيربات» المتجه نحو الزوال.
ومع استعادة الجيش أمس، لبلدات أبو حنايا وأبو حبيلات وعكش والحردانة والبرغوثية وعدة قرى جنوب غرب عقيربات، انكفأ مسلحو «داعش» نحو ريف حمص الشرقي، وانحصرت سيطرتهم على جيب صغير محصور بين جنوب عقيربات، والأطراف الجنوبية الغربية لجبل البلعاس. وتابع الجيش ضغطه بالتوازي، على مسلحي التنظيم عند أطراف هذا الجيب الجديد، وتمكن من استعادة السيطرة على قرى جب البشير والجرف الجنوبي والجرف الشمالي، شمال شرق منطقة جب الجراح.

نفت «تحرير الشام» إصابة
زعيمها أبو محمد الجولاني


ومن شأن التقدم الأخير للجيش وحلفائه تخفيف الضغط عن مدينة وريف السلمية، التي بقيت طوال سنوات (منذ 2013) خطاً أمامياً للعمليات العسكرية. وصمدت أمام هجمات عنيفة ومتكررة شنها التنظيم على امتداد ريفها الشرقي، إلى جانب آلاف الصواريخ التي طاولت أحياء المدينة وأوقعت عدداً كبيراً من الضحايا بين ساكنيها. ويُتوقع أن ينعكس الأمر أيضاً على الجبهات الأخرى المشتركة مع تنظيم «داعش»، ولا سيما في منطقتي السخنة وحميمة، ومحيط طريق تدمر ــ دير الزور.
ويدافع الجيش هناك ضد هجمات التنظيم المتواصلة على مواقعه الممتدة بين السخنة ودير الزور، والتي تركزت أمس في محيط بلدة حميمة، في أقصى ريف حمص الشرقي، وفي منطقة حقل الهيل النفطي والأطراف الجنوبية الشرقية لبلدة السخنة. كذلك، صمدت مواقع الجيش في محيط بلدة كباجب، بدعم مكثف من سلاح الجو، في وجه هجوم عنيف حاول فيه التنظيم دخول البلدة وتثبيت نقاط قوية لقطع الطريق نحو دير الزور.
ولم يمنع الضغط الذي يواجهه الجيش على طول جبهة البادية، من تعزيز الهجوم على طول طريق دير الزور ــ الميادين الرئيسي، حيث تمكنت وحدات الجيش هناك من إحراز تقدم لافت، وضعها في محيط بلدة بقرض فوقاني، المحاذية للطريق، لتصبح تلك القوات على بعد أقل من 10 كيلومترات عن أطراف مدينة الميادين. وترافق التقدم بغارات جوية كثيفة استهدفت معظم البلدات والتجمعات المحصورة بين محور تقدم الجيش ونهر الفرات، في محاولة لعرقلة أي هجمات واسعة قد يلجأ «داعش» إليها، لوقف تقدم الجيش وقطع الطريق المحرر أخيراً. وبينما تركزت الغارات على بلدات بقرص فوقاني والبوليل ومو حسن على الضفة الجنوبية، امتدت لتشمل القرى والمزارع على الضفة الشمالية للنهر، وتحديداً بلدة جديد عكيدات، وهو ما يندرج ضمن عمليات التمهيد لتحرك مرتقب من بلدة خشام، على طول الضفة الشمالية للفرات نحو بلدة البصيرة.
وفي موازاة العمليات العسكرية، صعّدت وزارة الدفاع الروسية من لهجتها تجاه الجانب الأميركي، مشيرة إلى أن الدعم الأميركي للإرهابيين هو «العقبة الأهم» أمام القضاء على تنظيم «داعش». وأوضح المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف، أن عدة هجمات ضد القوات الحكومية السورية شُنّت انطلاقاً من منطقة (منع التصادم) حول منطقة التنف القريبة من الحدود الأردنية، والخاضعة للسيطرة الأميركية. وأشار إلى أنه «إذا رأى المسؤولون الأميركيون أن مثل هذه الأعمال حالات طارئة غير متوقعة، فإن قواتنا الجوية مستعدة للبدء في القضاء التام على مثل هذه التحركات» حتى داخل منطقة «منع التصادم». ولفت إلى أن نجاح الجيش السوري بدعم من القوات الجوية الروسية، والتحرير السريع لوادي نهر الفرات «يتناقض مع خطط الزملاء الأميركيين».
وأوضح أن «عشرات من العربات التي تقل نحو 300 من عناصر (داعش) تقدمت إلى بلدة القريتين في محافظة حمص، من محيط منطقة الركبان»، مضيفاً أن العربات نجحت في تجاوز جميع مواقع الجيش السوري السرية في محيط خربة الشحيمي والبصيري «باستخدام إحداثيات مباشرة، لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال عمليات استطلاع جوي ودراستها من قبل متخصصين». وقال إن التنظيم نفذ في الوقت نفسه سلسلة من الهجمات المنسقة على مواقع الجيش السوري الواقعة على طول طريق تدمر ــ دير الزور، موضحاً أن «هناك شيئاً واحداً يجمع بين تلك الهجمات الإرهابية، وهو أنها نفذت انطلاقاً من محيط منطقة التنف، حيث تتمركز القوة العسكرية الأميركية التي منعت القوات الحكومية من مطاردة الإرهابيين هناك».
وفي موازاة هذا التصعيد الروسي ضد واشنطن، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها تمكنت من قتل نحو 60 عنصراً من «جبهة النصرة» في غارة جوية على أحد المقرات في منطقة إدلب، موضحة أن الغارة سبّبت مقتل 12 قيادياً، وإصابة زعيم التنظيم أبو محمد الجولاني بجراح حادة، إلى جانب «بتر أحد ذراعيه». وأوضحت في بيان أن «المخابرات العسكرية الروسية كشفت عن مكان ووقت انعقاد اجتماع لقادة التنظيم، قبل أن تقوم مقاتلتان باستهداف المكان». وفي وقت متأخر من ليل أمس، نفت «هيئة تحرير الشام» عبر عدد من قنواتها الإعلامية غير الرسمية، أنباء إصابة الجولاني، وذلك بعد رفضها الإدلاء بأي تصريحات حول هذا الموضوع لعدد من وسائل الإعلام المعارضة القريبة منها.