غزة ــ الأخبارعلمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية قريبة من حركة «حماس» أن دولة قطر تمارس ضغوطاً كبيرة على «حماس» لدفعها إلى تقديم موقف سياسي داعم لها في أزمتها الخليجية، وذلك بعد حديث لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، لقناة «العربية» الأسبوع الماضي، عن أن هناك أدلة ووثائق تدين الدوحة في «الإرهاب»، مشيراً إلى أن الأخيرة «تدخلت لإشعال الفتنة بين السلطة الفلسطينية وحماس».

المصادر قالت إن هناك «انزعاجاً قطرياً واضحاً من خطوة حماس بالتقارب مع السلطات المصرية والقائد الفتحاوي السابق محمد دحلان»، الذي ترى الدوحة أنه يعمل لخدمة الإمارات والسعودية ومصر، وهو ما صرّح به مؤكداً القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق، الذي قال إن حركته ستسعى إلى توضيح المشهد السياسي الجاري لكل من قطر وتركيا. ووفق المعلومات، أرسلت «حماس» إلى الدوحة «ورقة» تشرح فيها موقفها من التصالح مع دحلان والتفاهم مع السلطات المصرية. ومع أن القطريين أبدوا تفهماً للشرح الحمساوي، لكنهم لا يزالون يطالبون بأن ترد الحركة على الرياض، خاصة بعدما صارت جزءاً من الاتهام الموجه إلى قطر.

أبدى الأتراك أيضاً
غضباً من تواصل الحركة مع دحلان

تشرح المصادر أنه حتى هذه اللحظة تحاول «حماس» تجنب الرضوخ للضغوط القطرية، وذلك «كي لا تفسد علاقتها بأي دولة عربية وفق استراتيجيتها الجديدة التي أقرها قائد الحركة في غزة يحيى السنوار بالانفتاح على جميع الأطراف وإعادة بناء العلاقات الاستراتيجية مع محور المقاومة في المنطقة».
وتأتي الاتهامات السعودية بالتزامن مع موافقة «حماس» على حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة والبدء بخطوات المصالحة مع «فتح»، لكن ذلك يجعل إتمام المصالحة مرهوناً بإبعاد قطر التي في حال تمت المصالحة عبر المصريين، ستبدو كم كان يمثل عقبة أمام تصالح الفلسطينيين، الأمر الذي يؤكد اتهامات السعودية.
وكان الجبير قد قال إن بلاده «لا ترى مبرراً لاستمرار النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل التوافق الدولي بشأن الحل القائم على دولتين»، داعياً في كلمة السعودية أول من أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إلى «توفير الإرادة الدولية الجادة لترجمة الحل (السلمي) إلى واقع ملموس».
أما عن النسخة الأخيرة التي وصلت تركيا، فإن الأخيرة أبدت انزعاجاً من التقارب مع الإمارات عبر دحلان، وذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس محمود عباس الأخيرة لأنقرة، حيث «حاول إفساد العلاقة بين حماس وتركيا، مستغلاً تقارب حماس ودحلان الذي يرى فيه الأتراك أنه من الشخصيات التي لها ضلع في ضعضعة الأمن التركي ومحاولة الانقلاب العام الماضي»، وفق المصادر نفسها.
ورغم كل ما قدمته «حماس» من تنفيذ لشروط جهاز «المخابرات المصرية»، بحل لجنتها الإدارية وإعلانها الاستعداد لتسليم شؤون غزة ومعابرها لحكومة «الوفاق الوطني»، فإنه رغم مرور أسبوع على ذلك، لم تزر «الوفاق» أو أي من وزرائها غزة، بل إن الحركة صدمت بنتائج اجتماع «اللجنة المركزية لفتح» الأخير، إذ قال متحدث باسم «حماس» أمس، إنّ «من غير المقبول التلكؤ في التراجع عن الإجراءات العقابية التي ما زالت قائمة»، خاصة أنه لا يوجد «ما يعوق الحكومة عن القيام بواجباتها في قطاع غزة، بعد مضي أسبوع على حل اللجنة الإدارية».
ومع أن مصادر في «فتح» قالت إن الإجراءات العقابية سترفع قريباً، فإن رام الله التي فوجئت بموافقة «حماس» على شروطها بضغط مصري، لا تزال تضع اشتراطات جديدة، إذ قالت إنها سترسل وفداً إلى القطاع لفحص الظروف «في خطوة أولى لتقويم الوضع والبدء في عملية تمكين حقيقية وممارسة الصلاحيات في كل المجالات». والأمر نفسه تكرر في اجتماع «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير» مساء أمس بحضور رئيس السلطة، محمود عباس، فيما علّقت «الوفاق» إجراءاتها بقرار من عباس.
كذلك، تربط «فتح» موافقتها على تنفيذ ما وعدت به، بوجود وفد مصري أمني يراقب تطبيق خطوات المصالحة. ونقلت صحيفة محلية عن أمين السر لـ«مركزية فتح» جبريل الرجوب، قوله إن القيادة لا تزال «بصدد عقد سلسلة لقاءات واجتماعات وإجراء مراجعة وطنية شاملة للوضع الداخلي وللمسار السياسي». وكشف الرجوب عن نيتهم عقد «المجلس الوطني» داخل غزة في حال إتمام المصالحة، إذ «يستطيع الجميع التوجه إلى غزة وعقد المجلس هناك كما فعلنا من قبل، لأنه يستطيع الإخوة من الخارج والدخول عبر مصر ومعبر رفح دون استثناء أي أحد... لم تعد هناك دولة عربية تقبل عقده على أراضيها في ظل الخلافات والحروب المشتعل». وأضاف: «اللجنة التنفيذية ستجتمع اليوم (أمس)، كذلك سيعقد الاثنين (اليوم) اجتماع موسع للقيادة والأجهزة والمحافظين... رسالة فتح واضحة، إننا صادقون في المصالحة مع حماس، والحكومة بصدد التوجه الأسبوع المقبل إلى قطاع غزة لمباشرة عملها».