جددت إسرائيل رفضها لمبادرة السلام العربية للعام 2002، وأكدت أنها لم تعد قائمة ولا يمكن للحكومة الإسرائيلية اعتمادها كأساس حل للنزاع مع الفلسطينيين.الرفض الإسرائيلي الرسمي والواضح، جاء على لسان نائب رئيس الحكومة، سيلفان شالوم، وذلك خلال كلمة ألقاها في تل أبيب، أكد فيها الرفض القاطع لـ«المبادرة السعودية»، التي تبنتها جامعة الدول العربية في مؤتمرها عام 2002 في بيروت، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، وكل الحكومات اللاحقة، لن تتفاوض بناء على هذه الوثيقة.

وأضاف شالوم، الذي يتولى أيضاً ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني في الحكومة الإسرائيلية الحالية، «لا وجود للمبادرة السعودية»، موضحاً أنها قد تغيّرت على مر الوقت، قياساً بما كانت عليه عام 2002، وأشار إلى أن السعوديين وافقوا على إدخال ثلاثة تغييرات كبرى على المبادرة، تجعل قبولها أمراً مستحيلاً.
شدد شالوم على أنه ليس بإمكان إسرائيل التعايش مع إيران نووية

وقال شالوم إن من «اللطيف» التحدث عن مبادرة سعودية، إلا أن النسخة الأساسية لهذه المبادرة لم تعد قائمة، إذ أدخل السعوديون عليها تعديلات جعلتها مختلفة تماماً، وأضاف «أدخلوا على المبادرة بنداً ينص على أن اتفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سيتم بناء على حدود عام 1967، الأمر الذي لم يكن وارداً في نص المبادرة الأصلية للعام 2002، كما نص تعديل آخر جديد على ضرورة إعادة الجولان إلى سوريا، وكذلك بند ثالث ينص على التنفيذ الكامل لحق عودة الفلسطينيين إلى إسرائيل».
ولفت شالوم إلى أن رفض المبادرة السعودية بصيغتها الحالية يعبر عن موقف إسرائيلي جامع، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود أولمرت، الذي تفاوض في الماضي بشكل مركز مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، رفض أن تكون المفاوضات مبنية على مبادرة السلام العربية للعام 2002، فـ«إذاً المسألة ليست مسألة رفض متشددين، لكن إذا صدر عن جامعة الدول العربية مبادرة بصيغة أخرى، فيمكننا أن نتعامل معها».
مع ذلك، شدد شالوم على أن إسرائيل معنية باستئناف عملية التفاوض مع الفلسطينيين، رغم تأكيده في مقابل ذلك أنه لا يرى إمكاناً للتوصل إلى حل نهائي، وقال «أعتقد أننا بحاجة إلى استئناف المفاوضات ومحاولة التوصل إلى تفاهمات وإلى اتفاقات، لكن لا أرى في هذه المرحلة أنه يمكن رؤية ضوء في نهاية النفق، أي التوصل إلى اتفاق للوضع النهائي مع علاقات سلمية بيننا وبينهم»، وأضاف «هذا لا يعني أن من المستحيل أن نسعى جاهدين للوصول إلى اتفاق».
وكشف شالوم استراتيجية التفاوض التي ينوي اعتمادها مع الفلسطينيين، وقال إن أفضل طريقة للتوصل إلى اتفاق مع الجانب الفلسطيني يكون عبر اعتماد المراحل وتجزئة التفاوض، لكنه شدد في المقابل على أن «من المحظور التطرق إلى مسألة ترسيم الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية في بداية المفاوضات، لأن الفلسطينيين سيتصلبون أكثر تجاه بقية القضايا الجوهرية، مثل الترتيبات الأمنية والقدس واللاجئين، في حال الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية».
ولفت شالوم إلى أن الواقع القائم في قطاع غزة يجعل اتفاق الوضع النهائي أمراً مستحيلاً، إذ إن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على القطاع، وتساءل: «إذا توصلنا إلى اتفاق ما، فهل يكون بين إسرائيل والضفة الغربية، أم مع قطاع غزة؟، وهل يمكن للسلطة (الفلسطينية) أن تلتزم بالاتفاق بالنيابة عن غزة؟». الجواب كما أكد شالوم هو النفي المطلق، إذ «لا يمكنهم، ولا يستطيعون ذلك».
وتطرق شالوم أيضاً إلى المبادرة الفرنسية الرامية إلى استئناف المفاوضات، وقال إنها لم تحصل على دعم الأطراف، وقال «لدينا الآن مبادرة فرنسية، إلا أن الجميع تجاهلوها وأداروا ظهرهم لها»، وشدد على أن إسرائيل ترفض هذه المبادرة بصورة قطعية، لأنها مبنية على حدود العام 1967، كما أنها تنص على جعل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وحول المفاوضات الجارية بين إيران والدول الست، عشية التوصل إلى اتفاق نووي، أعلنت إسرائيل رفضها المسبق له، وقال شالوم إنه لا يمكن لإسرائيل أن تتعايش مع إيران نووية، مشدداً على أن من شأن اتفاق كهذا أن يؤدي إلى سباق تسلح في منطقة الشرق الأوسط، و«هذه المفاوضات جعلت الكثير من التنظيمات الإرهابية تدرك أن بإمكانها التصرف على هواها، لأنه يمكن في نهاية المطاف إجراء مفاوضات معها».
يشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية كلف شالوم، إضافة إلى توليه منصب وزير الداخلية، بملف المفاوضات مع الفلسطينيين باسمه، إلا أن الإعلام العبري اعتبر أن التكليف جاء لدوافع خاصة بتشكيل الحكومة وإرضاءً لشالوم الذي كان يرغب في تولي وزارة الخارجية، من دون أي صلة بالتفاوض وإمكاناتها، وخاصة أن المعروف عن شالوم عدم إيمانه بالدولة الفلسطينية وموقفه الرافض لحل الدولتين.