بعد زيارتين لوفدين رفيعي المستوى من حركة «حماس» إلى مصر، خرج رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في أول زيارة خارجية منذ توليه رئاسة المكتب مطلع أيار الماضي، ومعه وفد ضم عدداً من القيادات، بعدما رفضت القاهرة عدداً آخر ممن تقدمت الحركة بأسمائهم ضمن الوفد قبيل خروجه. ومن الذين سمحت لهم السلطات المصرية بالسفر رئيس «حماس» في غزة يحيى السنوار، ونائبه خليل الحية، اللذان سبق لهما السفر إلى مصر، وعدد من أعضاء المكتب السياسي الممثل لقطاع غزة ومنهم الأسير المحرر روحي مشتهى، على أن يلتحق بهؤلاء كل من موسى أبو مرزوق وصالح العاروري وآخرون من المكتب السياسي في الخارج، والضفة إن أمكن.
لكنّ عدداً آخر ممن قدمت أسماؤهم للسفر اعترضت القاهرة على خروجهم، وعلمت «الأخبار» من مصادر في «حماس» أن أبرز المرفوضين كان عضو المكتب السياسي في غزة فتحي حماد، الذي شغل منصب وزير الداخلية في عدة حكومات شكلتها الحركة في غزة، وذلك بسبب «اتهامات مصرية لحماد بتكوين علاقات مع جهات تخلّ بالأمن القومي المصري».
ومنذ اللقاء الأول للسنوار بقادة «المخابرات المصرية» في الرابع من حزيران الماضي، يتكرر الطلب من «حماس» تسليم أسماء تتهمهم القاهرة بأنهم نفّذوا أو شاركوا في تسهيل عمليات في سيناء، لكن لم يعلن أحد تلك القائمة، كذلك رفضت الحركة تسليمهم. مع ذلك، أكملت «حماس» تواصلها مع القاهرة، وزار وفد فني آخر من الحركة في الثاني من تموز الماضي مصر لبحث آلية تطبيق التفاهمات التي تم التوصل إليها في ما يتعلق بتأمين الحدود وتزويد غزة بالكهرباء.
كذلك، علمت «الأخبار» أن «حماس» طلبت من المصريين السماح لقادتها ببدء جولة خارجية على عدد من الدول، لكنها لم تحصل على ردّ جازم بهذا الشأن، فيما اكتفت القاهرة حالياً بالسماح للحركة بعقد «أول اجتماع لمكتبها السياسي» المنتخب مطلع العام الجاري ــ رغم أنه غير مكتمل النصاب ــ في العاصمة المصرية، وذلك لبحث ملفات حركية، من ضمنها اختيار نائب لهنية سيكون مقيماً في الخارج، فيما يرشح اسم كل من صالح العاروري ومحمد نصر (عضوا مكتب سياسي في الخارج) في هذا الإطار.

ستبقي «القسّام»
على الاستنفار حتى انتهاء المناورة الإسرائيلية

أما عن الجولة الخارجية، فرغم أن القاهرة عبّرت عن انزعاجها من استثنائها في بعض التطورات الأخيرة في الأزمة الخليجية القائمة، ورأت نفسها في حلٍّ من الضغوط السعودية عليها في شأن تطوير العلاقة مع «حماس» (راجع العدد ٣٢٦٢ في ٢٩ آب)، فإنها الآن ليست في وارد أن تعطي المجال للحركة لزيارة إيران. لذلك، رفضت أن تكون «الأراضي المصرية مجرد ممر للحركة، بل يجب أن يكون لها دورها المركزي في القضية الفلسطينية»، كما تنقل المصادر. لكن، في حال وافقت القيادة المصرية على الطلب الحمساوي، من المقرر أن تكون هناك زيارات لعدد من الدول، أهمها إيران ولبنان وتركيا.
وفي البيان الرسمي، اقتصرت الحركة على القول إن الوفد «سيبحث العديد من القضايا المهمة، وخاصة العلاقات الثنائية مع مصر الشقيقة وسبل تطويرها وتعزيز التفاهمات مع القاهرة التي تمت خلال زيارة وفود الحركة السابقة وآليات تخفيف الحصار عن غزة وغيرها». لكن المصادر أضافت أن من ضمن الملفات قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى «حماس»، خاصة «في ظل تعثر الوساطات الأخيرة». كذلك، سوف يبحث الوفد مجدداً وضع معبر رفح، الذي تقرر إعادة فتحه الجمعة الماضي، واليوم (حتى الخميس) لعودة الحجاج الفلسطينيين فقط، دون عودة العالقين أو خروج مسافرين من القطاع.
وتحاول «حماس» حالياً، وفق المصادر نفسها، الحصول على وعد مصري مبدئي بفتح المعبر ليومين أسبوعياً على الأقل، وضمن آلية تقييم مستمرة، وكذلك طلب الوفد أن يفتح المعبر يومي الأربعاء والخميس المقبلين على الأقل لخروج الحالات الإنسانية. لكن المصريين أبلغوا الزائرين أن ثمة مرحلة توسيع أخيرة للمنطقة العازلة من الجانب المصري (بإضافة شريط عرضي بـ500 متر إضافية على طول الحدود). أيضاً، من المقرر عقد اجتماعات مع فريق القيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، لكن ذلك سيُدرس بعد انتهاء اللقاءات مع الجانب المصري.
من جانب آخر، علمت «الأخبار» أن «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، قررت «رفع درجة الجاهزية والتأهب إلى درجات عالية»، خشية من «غدر إسرائيلي»، بالتزامن مع المناورات الضخمة التي ينفذها العدو في شمال فلسطين المحتلة. ويأتي هذا التحسّب في ظل تقديرات لظروف مشابهة خلال حادثة اغتيال الأسير المحرر والمبعد إلى غزة مازن فقها قبل خمسة أشهر، إذ نفذت العملية بالتزامن مع تدريبات ميدانية ضخمة وتحليق مكثف لطائرات استطلاع إسرائيلية. كذلك، قالت مصادر أمنية إن المقاومة لاحظت في الأيام القليلة الماضية «تحركات مريبة للجيش الإسرائيلي على حدود القطاع بالتزامن مع المناورات»، فيما شوهد انتشار مكثف لعناصر من «القسام» في عدد من المناطق إلى جانب استنفار عدد من الوحدات العسكرية.