عادت الأنظار مجدداً إلى مدينة تدمر الأثرية، منذ سقوطها في العشرين من أيار الماضي بيد تنظيم «داعش». إذ أحرزت قوات الجيش السوري أمس تقدماً ملحوظاً في محيطها الغربي، تمثل باستعادة السيطرة على رقعة جغرافية واسعة. يأتي ذلك متزامناً مع استمرار فشل مسلحي «غرفة عمليات أنصار الشريعة» في حلب (شمالاً) في إحداث أي خرق في حيّ جمعية الزهراء غربي المدينة، وانخفاض حدة هجمات المسلحين جنوباً على مدينة درعا، وتبعثرها على خلفية تصدي الجيش لها.
وصباح أمس، شنّ الجيش سلسلة هجمات على النقاط العسكرية التي يتوزع عليها مسلحو «داعش» في المحيط الغربي لمدينة تدمر، وتمكن من إحرازه توغلاً سريعاً على نطاق جغرافي بعمق 11 كلم وعرض 18 كلم. ودمّرت الوحدات المتقدمة حواجز ونقاط «داعش» في كل من نزل الهيال ومزرعة القادري وثنية الرجمة، الملاصقة لمنطقة البيارات الغربية، غربي المدينة، فيما كثف سلاح الجو من ضرباته على نقاط التنظيم في محيط قصر الحير وفي داخل مدينة تدمر. كذلك تمكن الجيش من السيطرة على جبل القلعة وبرج الإشارة المطلتين على مساحات واسعة في البادية السورية. وأدت المعارك إلى مقتل نحو 35 عنصراً من «داعش» وإصابة نحو 90 آخرين، وفقاً لتقديرات مصادر ميدانية، إضافة إلى مقتل 5 مسلحين آخرين في منطقة البيارات الغربية، التي استمرت المواجهات فيها حتى وقت متأخر من ليل أمس. يضع مصدر عسكري، في حديثه لـ«الأخبار»، التقدم الذي أحرزه الجيش في محيط تدمر أمس في إطار «تعزيز دفاعات ومواقع الجيش في الريف الشرقي من حمص والتضييق على حركة إرهابيي داعش في المناطق الآهلة من ذلك الريف، وحصر وجودهم في البادية البعيدة». وفي موازاة ذلك، دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش ومسلحي «داعش» في محيط حقل جزل النفطي والهبرة الغربية، في ريف حمص الشرقي، وفي تلبيسة وغرناطة في الريف الشمالي.

استهدف «التحالف» مواقعَ لـ«النصرة» في محيط مدينة سرمدا في ريف إدلب

وفي حلب، تراجعت حدة هجمات المسلحين على مواقع الجيش في حي جمعية الزهراء، غربي المدينة؛ فعلى خلفية فشل مسلحي «غرفة أنصار الشريعة» في أحداث أي خرق جديد في الحي المذكور أول من أمس، لجأ المسلحون أمس إلى تكثيف قصفهم لأحياء متفرقة من المدينة بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية، بالتزامن مع انخفاض وتيرة الهجمات الراجلة على تحصينات الجيش، الأمر الذي يشير إلى «فقدان المسلحين الأمل بمواصلة الهجوم، والاكتفاء بتوجيه الرمايات العشوائية إلى المدينة حتى تسنح لهم فرصة جديدة للانقضاض مرة ثانية»، بحسب مصدر ميداني.
وقتل أثناء مواجهات أمس في جمعية الزهراء المسؤول في تجمع «جند الإسلام»، التابع لـ«حركة أحرار الشام»، المدعو أبو حسن سلاح.
وفي موازة ذلك، دارت مواجهات عنيفة بين الجيش والمسلحين في منطقة البريج، مدخل حلب الشمالي الشرقي. أما في درعا، فشهدت جبهات المسلحين تشتتاً واضحاً على خلفية تصدي الجيش لهجومهم الأخير. وبحسب مصدر ميداني، قُتل عدد من المسلحين إثر اشتباكات متفرقة دارت في حديقة المخيم ومحيط كازية السلطان ومحيط خزان الأرصاد الجوية، على طريق السد في درعا البلد. فيما أحبط الجيش محاولات تسلل مجموعات مسلحة باتجاه مواقع الجيش في محيط المؤسسة والقصر العدلي والمحطة والتربية. في وقت أعلنت فيه «تنسيقيات» معارضة مقتل 4 مسلحين متأثرين بجراحهم في اشتباكات أول من أمس في مدينة درعا.
وفي حيّ جوبر، شرقي العاصمة، نفى مصدر متابع ما أعلنته «تنسيقيات» معارضة حول «سيطرة المسلحين على مناطق كمال مشارقة وحارة الجباوية» في الحي، وذلك في إطار معركة «أيام بدر» التي أطلقها مسلحو الحيّ، كذلك دارت مواجهات عنيفة بين الجيش والمسلحين في مزارع دوما وجسرين وزبدين في الغوطة الشرقية.
وفي ريف الرقة، استعادت «وحدات الحماية» الكردية السيطرة على بلدة عين عيسى، إثر اشتباكات عنيفة مع مسلحي «داعش».
وفي إدلب، اقتحمت «قوّات مشتركة» تابعة لـ«جبهة النصرة» و«جند الأقصى» أمس مخافر كفرنبل، وخان شيخون، وكفرسجنة في ريف إدلب الجنوبي. وقالت مصادر محليّة إن «القوة المشتركة في كفرنبل اعتقلت ثلاثين عنصراً كانوا في المخفر، وصادرت معدّات وآليات». وأوردت المصادر معلومات عن تكرار السيناريو في خان شيخون وكفرسجنة. وقد أُفرج عن المعتقلين بعد ساعات من الهجوم، فيما بقيت المصادرات في قبضة المهاجمين. وقالت مصادر محسوبة على «النصرة» إن «الإجراء أمني بحت، وجاء على خلفية التفجيرات التي استهدفت مقار للنصرة في المنطقة أخيراً». فيما أكّد أحد ناشطي كفرنبل لـ«الأخبار» أنّ «هذه المزاعم عارية من الصحة»، وأن «الهدف الأساسي هو فرض نفوذ النصرة وجند الأقصى، وترهيب أهالي المناطق الخاضعة لسيطرتهم». إلى ذلك، قالت مصادر محليّة إن «طيران التحالف الدولي» قد استهدف مواقعَ تابعةً لـ«النصرة» في محيط مدينة سرمدا في ريف إدلب ليل أول من أمس. وأوضح مصدر إعلامي من أبناء المدينة أن «الغارات وقعت في حدود التاسعة ليلاً، واستهدفت مقرّاً للنصرة في قرية راس الحصن (غرب سرمدا)، إضافة إلى سيارة على طريف كفرديان – سرمدا».