تشهد جبهات بادية حمص وحماة الشرقية نشاطاً عسكرياً واسعاً للجيش السوري وحلفائه ضد «داعش»، ضمن المساعي الهادفة إلى إخراج التنظيم من جيبين جغرافيين محاصرين هناك، تحضيراً للعمليات المرتقبة نحو دير الزور. وفي المقابل، يصعّد التنظيم من دفاعه عن نقاطه هناك على أكثر من محور، في محاولة لإبقاء العمليات بعيدة عن مراكزه الرئيسة هناك، وخاصة في محيط عقيربات في ريف حماة الشرقي.
وشهد أمس محاولات متزامنة للتنظيم للهجوم ضد نقاط الجيش على طول جبهات البادية، من أقصى ريف حمص الشرقي حتى ريف الرقة الجنوبي. وكان الهجوم الأبرز للتنظيم في محيط منطقة الشيخ هلال باتجاه منطقة السعن شرقي حماة، إذ تمكن من اختراق عدد من نقاط الجيش على طول خط نقل النفط في ريف سلمية الشرقي، بالتوازي مع هجومه على مواقع في محيط وادي عذيب جنوب إثريا. وحاول التنظيم استغلال ضيق المساحة التي يسيطر عليها الجيش في محيط السعن على طريق سلمية ــ إثريا (تتراوح بين 6 و10 كيلومترات)، لكسر حصاره في منطقة عقيربات، باتجاه مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وحلفائها)» في ريف حماة، والمتصلة مع ريف إدلب الشرقي. وبدا لافتاً أن «تحرير الشام» شنّت هجوماً متزامناً مع تحرك «داعش» على نقاط الجيش المقابلة في المنطقة، لتصبح مواقع الجيش مستهدفة من الطرفين. وعلى الرغم من نفي «تحرير الشام» عبر قنوات مقرّبة منها قيامها بالهجوم دعماً لتنظيم «داعش»، وزعمها أنها كانت تستعد لاستقبال «المدنيين الهاربين من حصار منطقة عقيربات»، نقلت وكالة «إباء» الناطقة باسمها، ليل أول من أمس، خبراً عن استهداف نقاط الجيش السوري في محيط السعن بعدد من قذائف الهاون. وتمكن الجيش وحلفاؤه من احتواء الهجوم المتزامن، بمساندة من سلاحي المدفعية والجو، ليعود ويحكم الحصار على التنظيم مجدداً بعد استعادة النقاط التي دخلها التنظيم خلال هجومه. كذلك، ثبّت الجيش سيطرته على بلدات جني العلباوي وحسو العلباوي وتل العلباوي، إلى جانب مناطق دكيلة شمالية ودكيلة جنوبية. ويحاول الجيش إغلاق المنطقة التي تقدم فيها التنظيم أمس، جنوب السعن، عبر تلاقي القوات المتقدمة من محيط تل العلباوي مع تلك المتقدمة من الغرب في محيط بلدة صلبا. ومن شأن نجاح خططه، إبعاد خطر التنظيم عن محيط طريق سلمية ــ إثريا، في منطقة السعن.
ولم يكن هجوم «داعش» في ريف حماة الشرقي وحيداً، فقد ترافق مع هجوم مماثل شنّه التنظيم في محيط سد الوعر في أقصى بادية حمص الشرقية، الذي كان قد شهد هجوماً سابقاً قبل مدة قصيرة. ولم يتمكن التنظيم من تحقيق خرق لنقاط الجيش وحلفائه في تلك المنطقة المحاذية للحدود مع العراق، إذ تمكنت القوات من صدّ الهجوم بمساندة طائرات مسيّرة استهدفت تحركات التنظيم بعدد من الصواريخ. وبالتوازي، هاجم التنظيم نقاط الجيش في ريف الرقة الجنوبي، مستخدماً عربات مفخخة، وتركز الهجوم على أطراف الشرقية لقرية غانم العلي، في محاولة لمنع الجيش من التقدم نحو معدان.
وفي شمال السخنة، تمكن الجيش من تعزيز نقاطه في محيط جبل ضاحك، ليسيطر على كامل الطريق بينه وبين بلدة السخنة. وبينما وصلت تحركات الجيش شرق البلدة باتجاه الطريق نحو دير الزور إلى نقاط تبعد 25 كيلومتراً عنها، تمكن من استعادة عدد من مواقع التنظيم في الجبال المحيطة بحقل نفط توينان، ليقلص مساحة الجيب الذي يسيطر عليه «داعش» غرب محور السخنة ــ الكوم.
وبعيداً عن جبهات «داعش»، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أمل بلاده بقرب الوصول إلى اتفاق «تخفيف تصعيد» خاص بمنطقة إدلب. وقال في مؤتمر صحافي أمس، إن الرهان لنجاح التفاهم حول تلك المنطقة على «المشاورات المكثفة الجارية بين المشاركين في مسار محادثات أستانا». وجدد التأكيد أن من أصعب الملفات خلال مناقشة مناطق «تخفيف التصعيد» هو «فصل المعارضة عن الإرهابيين، وخاصة (جبهة النصرة)». وطالب الدول والمنظمات التي كانت تطالب بوقف العمليات العسكرية سابقاً في حلب لإيصال المساعدات الإنسانية، بالتحرك والاستفادة من الاستقرار والهدوء الذي وفّرته مناطق «تخفيف التصعيد» لتقديم المساعدات إلى المدنيين القاطنين داخلها، بمساعدة وتسهيل من نقاط المراقبة الروسية المنتشرة هناك.
(الأخبار)