القاهرة | لا تزال الحكومة المصرية تواصل خطوات رفع الدعم، بعد عامين من البدء بها. فبعد أسابيع قليلة من زيادة الدعم المباشر الموجّه للأفراد عبر البطاقات التموينية بأكثر من الضعف، أعاد وزير التموين علي المصيلحي نشر قرار وقف ضم أفراد جدد إلى البطاقات التموينية التي يتم بموجبها صرف الخبز أيضاً للمواطنين ممن يزيد راتبهم على 1500 جنيه (85 دولاراً تقريباً).
المصيلحي أعاد إصدار قرار سبق أن أصدره عام 2009، عندما كان وزيراً في حكومة الرئيس الأسبق حسني مبارك، في خطوة أعادت الجدل حول قيمة المبلغ. فخلال فترة إصداره كانت قيمة الـ1500 جنيه تتجاوز أكثر من 200 دولار، بينما لا تزيد في الوقت الحالي على 85 دولاراً بأفضل الأحوال، وذلك بعد تحرير سعر الصرف وتخفيض قيمة الجنيه وزيادة الأسعار التي وصلت في غالبية السلع إلى 300% تقريباً خلال السنوات الثماني الماضية.
حتى الآن، لم تجرؤ الحكومة على إعلان القرار الذي يستهدف وقف إضافة أي أشخاص جدد على بطاقات التموين، ومنع إضافة المواليد الجدد خلال الأشهر المقبلة، ما يعكس الضبابية الحكومية في التعامل مع المشهد، خصوصاً أن الوزير سبق أن نفى قبل أيام تحديد راتب محدد لمستحق الدعم، في وقت اعترف فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخراً بأن بطاقات التموين هي الآلية الوحيدة لإيصال الدعم إلى مستحقيه في ظل النقص الحاد في البيانات في الدولة.
وزاد تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في أسعار جميع السلع المستوردة والمحلية، إلى الضعف على الأقل، في وقت حافظت فيه الدولة نسبياً على الدعم الموجه للسلع التموينية بزيادة الدعم من 15 إلى 50 جنيهاً، بما يتناسب مع الزيادات التي وضعتها في أسعار مختلف السلع.
وعقّدت الحكومة من إجراءات الانضمام إلى منظومة الدعم التي تكلّف الدولة قرابة 50 مليار جنيه سنوياً، في وقت سيتم فيه وقف ضمّ المواليد الجدد إذا كانت عائلاتهم تحقق دخلاً أكبر من الدخل المحدد، بحيث يحدث رفع الدعم تدريجياً، علماً بأن الحكومة لم تكشف بشكل دقيق عن عدد الأسر التي تحصل على الدعم، وسط بيانات متضاربة عن العائلات التي يحتمل حذفها.

قد يتم تأجيل هذه الإجراءات حتى بداية العام المقبل

وبحسب مصادر حكومية لـ«الأخبار»، فإن لجنة حكومية صدر قرار بتشكيلها من قبل رئيس الحكومة شريف اسماعيل، تحمل اسم «لجنة العدالة الاجتماعية»، باتت هي المتخصّصة في تحديد من يستحق الدعم، حيث تجري مناقشات واسعة لتحديد الفئات التي تستحق، تمهيداً لوضع شرائح مختلفة تتلقّى كل شريحة دعماً بحسب راتب الأسرة وظروفها الاجتماعية. وهذه المنهجية ستزيد من منح الأسر الأكثر فقراً وتقلل من الأسر الأكثر دخلاً، في ظل توجيهات رئاسية باستحالة استمرار فاتورة الدعم الحكومي على الوضع الحالي.
وتشير المصادر إلى أن اللجنة تتجه لمضاعفة القرار الخاص بتحديد الأسر التي لا تستحق الدعم عن قرار 2009، على أن لا يتم تطبيقه إلا بعد موافقة نواب البرلمان، مؤكدة أن اللجنة تستند إلى أرقام رسمية حول أعداد الأسر التي ستحصل على الدعم خلال الأسابيع المقبلة، بما يضمن تنقية البطاقات التموينية من غير مستحقيها، بحسب وجهة النظر الرسمية.
وتلفت المصادر إلى أن هذه الإجراءات قد يتم تأجيل تنفيذها إلى بداية العام المالي المقبل بعد الانتخابات الرئاسية، بما لا يزيد من الانتقادات الموجّهة للرئاسة، وفي الوقت نفسه يكون أمام الحكومة المهلة الكافية لتحقيق توافق مجتمعي حول القرارات التي لن تلقى قبولاً شعبياً كبيراً، خصوصاً أن هناك ملايين الأشخاص الذين سيُحرمون من الدعم النقدي، وبعضهم سيتم الاكتفاء بحصوله على الخبز المدعّم فقط.