بعد أسابيع من العمليات المنسقة لقوات الجيش السوري وحلفائه في ريفي الرقة وحمص، وضع وصول تلك القوات إلى أبواب محافظة دير الزور تنظيم «داعش» أمام خطر حقيقي يهدده بخسارة آخر معاقله الحصينة التي تضم تجمعات عمرانية وبشرية وازنة، في وادي الفرات.
وشهدت الأيام الأخيرة تحديداً، تطورات مهمة في عمليات الجيش نحو الدير، بعد السيطرة على بلدة السخنة في ريف حمص الشرقي والوصول إلى أطراف معدان في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، إلى جانب تعزيز المواقع والقوات غرب محطة «T2» في عمق بادية حمص الشرقية، على بعد كيلومترات قليلة من حدود دير الزور. ودفعت تلك التطورات «داعش» إلى تصعيد عملياته المضادة، حيث شهد محور محطة «T2» أمس، هجوماً عنيفاً نفذه التنظيم على تجمعات تلك القوات التي كانت تستعد لإطلاق عملية تجاه بلدة حميمة، التي تعد مفتاح التحرك نحو ريفي البوكمال والميادين، لكون المنطقة التي تفصلها عن وادي الفرات خالية من النقاط القابلة للاستغلال على المستوى العسكري. وهو ما يتيح للجيش ــ حين سيطرته على البلدة ــ تحقيق مكاسب واسعة تقرّبه من مدن وبلدات وادي النهر، التي أصبحت تؤوي أبرز قادة التنظيم وقواته، بعد خسارته للموصل وحصاره في الرقة.

يصبّ تأخر الجيش عن
الوصول إلى مدن وادي الفرات
في مصلحة واشنطن

ونفذ «داعش» هجوماً على عدد من المحاور بشكل متزامن، استخدم خلاله عدداً كبيراً من الانتحاريين والسيارات المفخخة والرشاشات الثقيلة، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء في صفوف الجيش وحلفائه. وبعد احتواء الهجوم بمساندة سلاحي المدفعية والجو، وانسحاب المسلحين من محيط المواقع التي هاجموها، عادوا لتنفيذ موجة جديدة من الهجوم على المواقع نفسها، استهدفت القوات التي تحركت لاستعادتها وتثبيتها. وتمكن الجيش وحلفاؤه خلال صدهم هجمات التنظيم في محيط حميمة، من قتل أكثر من 50 مسلحاً وتدمير عدد من آلياتهم، في وقت ترك فيه عناصر التنظيم آليات وذخائر استخدموها في الهجوم، بعد انسحابهم إثر ضغط قوات الجيش.
وفي موازاة هجمات التنظيم في بادية حمص الشرقية، صعّد الأخير هجماته على طول جبهة ريف الرقة الجنوبي، مستهدفاً نقاط الجيش وحلفائه في محيط قرية السلام عليكم، إلى جانب هجوم على قرية الزملة جنوب شرق الرصافة بنحو 25 كيلومتراً.
ويعكس تحرك «داعش» حساسية النقاط التي وصلت إليها عمليات الجيش على حدود دير الزور، فكما تعدّ حميمة مفتاحاً لتقدم سريع من الجهة الجنوبية، من شأن تحرك الجيش من جنوب بلدة معدان نحو منطقة منجم ملح التبني أن يتيح له سيطرة سريعة على مناطق واسعة تمتد بين حوض الفرات وجبل البشري، ويضعه على مشارف نقاطه غرب دير الزور. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة هجمات متكررة من قبل التنظيم، في محاولة لكسر التقدم المستمر لقوات الجيش، والحفاظ على مسافة أمان تفصل الأخير عن مراكز قوته الآهلة بالمدنيين في وادي الفرات.
وفي غضون ذلك، سيطر الجيش على عدد من النقاط في محيط منطقة خرايب الكتنة جنوب غرب منطقة مارينا التابعة لريف حماه، قرب طريق إثريا ــ الرصافة. واستهدف سلاح الجو مواقع «داعش» في محيط قرية الدكيلة في ريف حماه الشرقي، إلى جانب قصفه لأرتال عسكرية للتنظيم على طريق عقيربات ــ السخنة. أما في البادية الجنوبية، فقد تابع الجيش وحلفاؤه تقدمهم في ريف السويداء الجنوبي الشرقي، مسيطرين على مناطق قاع سارة ووادي الشعاب ونقطة المخفر 133، ضمن عمليات تستهدف السيطرة على كامل المواقع المحاذية للحدود مع الأردن.
وبينما يصبّ تأخر الجيش عن الوصول إلى دير الزور، في مصلحة «التحالف الدولي» الذي يعمل مع حلفائه على الأرض على آليات لدخول السباق نحو وادي الفرات، أشارت «قوات سوريا الديموقراطية» إلى أن عملياتها في مدينة الرقة تسير ببطء بسبب كثافة الألغام التي زرعها التنظيم، وعمليات القنص التي ينفذها. وأشارت المتحدثة الرسمية باسم حملة «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد، إلى أنه «منذ بدء الحملة، استطعنا تحرير تسعة أحياء من الجهتين الشرقية والغربية»، مضيفة أنه «بعد أن نحرر أحياء في المدينة، يحصل أحياناً أن يتسلل (داعش) من الخلف عبر الأنفاق». وأوضحت أن التنسيق مع «التحالف» يتركز على استخدام طائرات الاستطلاع التي «تشكل العنصر الأساسي» في عمليات «قسد». وفي المقابل، نشرت حسابات مؤيدة لتنظيم «داعش» إحصائيات تزعم أن عملياته ضد «قسد» داخل مدينة الرقة، أدت إلى «مقتل 1040 عنصراً، بينهم 207 قتلوا برصاص قناصة».