القاهرة | حقق البنك المركزي المصري «طفرة نظرية» في مستوى الاحتياطي النقدي الذي كان نحو 20 مليار دولار قبل قرار تعويم الجنيه في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ليصل إلى أكثر من 36 مليار دولار أول من أمس، وهو الرقم الأكبر الذي يصل إليه الاحتياطي النقدي في تاريخ مصر خلال نظام حسني مبارك في كانون الثاني/ يناير 2011.
وكان الاحتياطي النقدي قد قفز نحو 4.7 مليارات دولار خلال شهر واحد، ليصل إلى 36.036 مليار دولار، محطّماً الرقم السابق المسجل في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2011، والمقدّر بنحو 36.005 مليار دولار. وفيما لم يكشف البنك المركزي سبب الطفرة الهائلة في نموّ الموارد الدولارية للبلاد، قال وكيل محافظ البنك المركزي، رامي أبو النجا، إن البنوك المصرية حققت أعلى تدفقات دولارية في تاريخها خلال الشهر الماضي، بقيمة نحو 7.8 مليارات دولار.
وبالرغم من أن الاحتياطي النقدي للنظام الحالي يبدو متخطّياً الاحتياطي الذي وصل إليه نظام مبارك وتآكل بسبب الأوضاع السياسية بعد إطاحته، لكن فعلياً شتان بين احتياطي 2011 الذي اعتمد على عائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وإيرادات قناة السويس، والاحتياطي الحالي المعتمد على الودائع الخليجية واستثمارات الأجانب في أذون الخزانة.

وصل الاحتياطي النقدي إلى 36.036 مليار دولار
وهذه الأخيرة توقّع كثير من خبراء الاقتصاد أن البنك المركزي قد ضمّنها في الاحتياطي النقدي للمرة الأولى على غير عادته.
وحصلت مصر، الشهر الماضي، على الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.25 مليار دولار من أصل قرض قيمته 12 مليار دولار تناله القاهرة على ثلاث سنوات لتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، في وقت اقتربت فيه ديون مصر من 75 مليار دولار، وسط توقعات بالوصول إلى 100 مليار دولار بحلول 2020. وسجلت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة نحو 3.5 مليارات دولار خلال الشهر الماضي، حيث تطرح الحكومة أعلى فائدة في العالم لتشجيع الأجانب على الاستثمار.
ويلتزم البنك المصري بسداد نحو 20 مليار دولار خلال 18 شهراً، منها نحو 12 مليار دولار قيمة الودائع الخليجية التي حصلت عليها مصر في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شرم الشيخ بدعوة من الملك السعودي الراحل عبدالله، إضافة إلى سداد ديون نادي باريس.
وتتوقع الحكومة زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتكون أكثر حضوراً في مجال التنقيب والبحث عن البترول، على الرغم من أن ذلك لن ينعكس على توفير مزيد من فرص العمل للشباب.
تبدو فرص البنك المركزي في زيادة الاحتياطي النقدي خلال الأشهر المقبلة ضعيفة نظرياً من الناحية النسبية، وهو ضعفٌ مرتبط بكثرة الاستحقاقات التي يجب أن يسددها وفوائد الودائع الخليجية التي حصل عليها في وقتٍ سابق. وتعقّد هذه الخطوة الوضع الاقتصادي، إذ تراهن فقط على انتعاش التصدير المصري إلى الخارج وعودة الحركة السياحية خلال عام أو أكثر قليلاً، وإلا فسينخفض الجنيه مجدداً أمام الدولار بنسب لا تقل عن 20% على الأقل، وفق خبراء الاقتصاد، في وقت تراجع فيه الدولار أمام الجنيه فور الإعلان عن زيادة الاحتياطي النقدي بنسب هزيلة. فهل ستنجح مشاريع السيسي وحكوماته في جذب الاستثمارات وإنعاش السياحة والتجارة لتخرج مصر من كبوتها الاقتصادية؟