القاهرة | للمرة الأولى، لا يرافق الوزير المختص في شؤون الجيش، وزير الدفاع صدقي صبحي، رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، في زيارة تفقدية. هذه المرة الزيارة التفقدية ليست لمنشأة مدنية أو مشروع يتبع للقوات المسلحة، بل لسيناء، وتحديداً مدينة العريش في شمالها، التي تعتبر نقطة مواجهة مع «ولاية سيناء». غاب الفريق أول صدقي صبحي عن الزيارة، وكذلك الفريق أسامة عسكر قائد الجبهة الموحدة لقيادة الجيشين الثاني والثالث المسؤولين عن العمليات في سيناء.
الصور التي وزعت من القوات المسلحة ظهر فيها رئيس الأركان وصهر السيسي الفريق محمود حجازي في مرافقته فقط، وهو ما طرح عدداً من التساؤلات عن سبب غياب وزير الدفاع في زيارة تحمل أهمية خاصة، في ظل أن السيسي هو الذي رشح صبحي لتولي المنصب بعد استقالته منه في آذار 2014 للترشح لرئاسة الجمهورية، وهو الذي كان يشغل منصب رئيس الأركان بموجب القرار الجمهوري الصادر عن الرئيس الأسبق محمد مرسي في آب 2012.
من الصعب إقالة
صبحي لاعتبارات
كثيرة، فيما من المرجح تنحية عسكر

لا يمكن تفسير غياب صبحي بأنه من باب المصادفة، لاعتبارات عدة؛ أبرزها أن الزيارة لم تكن مفاجئة، بل بترتيب مسبق على جميع المستويات وحراسة مشددة، وهو ما يؤكده حضور حجازي، بالإضافة إلى عدد من القادة العسكريين، فضلاً عن التعزيزات الأمنية المكثفة وقطع شبكات الاتصالات عن العريش. ومن باب التأكيد، فإنه لم يظهر السيسي في منطقة عسكرية منذ توليه منصب الرئاسة إلا وبرفقته صبحي، ما يعني بدء تكون فجوة بين الرئيس ووزير الدفاع، وخاصة أن تزامن غياب الأخير مع غياب عسكر ربما ينذر بتقاعد أحدهما، أو كليهما، قريباً.
المصادر الرسمية والعسكرية لم تعلق بصراحة على سبب غياب وزير الدفاع، بينما تحدثت مصادر غير رسمية عن أن من الخطأ وجود كل القادة الحربيين في المكان والتوقيت نفسهما، وهي نظرية رجحت وجود صبحي في وقت لاحق من اليوم نفسه لتناول الإفطار الرمضاني مع القوات على الجبهة.
أما التفسيرات الأخرى، فكانت مرتبطة بغضب الرئيس من صبحي وعسكر بسبب ما وصف بأنه «تقصير أمني فادح» أفقد الدولة جزءاً من هيبتها، وخاصة مع ضراوة المعركة وبدء شرارتها على أيدي مسلحي «ولاية سيناء» وليس القوات المسلحة، التي فرضت إجراءات استثنائية في الشيخ زويد ورفح أكثر صرامة منذ ثمانية أشهر تقريباً.
لكن، لا يمكن النظر إلى كل هذه التفسيرات من دون الالتفات إلى الدستور الذي أقر في شباط 2014 ومنح وزير الدفاع حصانة ضد العزل بقرار فردي من رئيس الجمهورية، إذ اشترط الدستور موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتشكل من قادة الأفرع والجيوش على قرار الإقالة وتعيين خليفته لمدة ثماني سنوات من تاريخ إقرار الدستور، وهو ما يصعب على السيسي أي نية لإقالة صبحي ــ على الأقل ظاهرياً ــ نظراً إلى أن أكثر من ثلثي أعضاء المجلس الحالي تم اختيارهم بترشيح مشترك بين السيسي وصبحي، عندما تشاركا المسؤولية على رأس المؤسسة العسكرية.
المؤكد حتى الآن أن السيسي لن يطيح وزير الدفاع بسهولة، ليس فقط لتشاركهما في اتخاذ جميع الإجراءات منذ «30 يونيو» إلى ما قبل أسابيع قليلة من وصول السيسي إلى الرئاسة، لكن ثمة اعتبارات؛ منها التقاليد العسكرية والأعراف التي لا تسمح بإهانة القادة الذين وصلوا إلى المناصب العليا، ما يعني أن السيسي في أفضل الأحوال سيعين صبحي مستشاراً رئاسياً للشؤون العسكرية إذا قرر إعفاءه من منصبه وتصعيد حجازي ليتولى المنصب، الذي سيكون الأقرب بحكم منصبه العسكري الحالي وعلاقته الوطيدة بالسيسي.
في المقابل، فإن الاحتمال الأقوى هو إطاحة عسكر من قيادة الجيش الثالث والجبهة الموحدة وإسناد هذه المهمة إلى آخر «أكثر كفاءة»، وخاصة أن العملية الأخيرة لـ«ولاية سيناء» أثبتت أن الرجل لم ينجح في تقليص عدد عناصر «داعش» كما كان يعتقد، كما ثبت أن الرصد والتقارير المقدمة إلى القاهرة لم تكن كافية. وبعد السؤال عن التوقيت، يمكن الاستفهام أيضاً عن آلية أي تغيير: هل ستكون فردية أم ضمن مجموعة تغييرات متوقع إدخالها على قادة المجلس قريباً؟