أنهى زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، أمس، زيارته للسعودية، حيث وصل إلى مدينة النجف قادماً من الرياض. وقال المكتب الإعلامي الخاص بالصدر إن الأخير «بحث تعزيز التعاون بين البلدين في شتى المجالات، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية للمتضررين والنازحين والمهجرين»، موضحاً أن الملك السعودي أمر بتقديم 10 ملايين دولار إضافية لمساعدة النازحين، من طريق الحكومة العراقية.
وأوضح البيان بعضاً من تفاصيل الزيارة، التي تصدّرت المشهد العراقي طوال اليومين الماضيين، وأبرز الملفات التي تناولتها، مبيّناً أن الزيارة بحثت «افتتاح قنصلية عامة في النجف، تسهّل التواصل بين البلدين، إلى جانب المسارعة في إنشاء خطٍّ جوي، وافتتاح المنافذ الحدودية، لتعزيز التبادل التجاري».
وفي السياق، أكّد الطرفان ضرورة افتتاح معبر الجميمة الحدودي، ليكون بذلك منفذاً عراقياً جديداً مع السعودية، الأمر الذي يتيح للرياض الفرصة في إنشاء منطقة ثانية للتبادل التجاري البري مع بغداد، وإنشاء «مجمّعات» تسمح لها بالتواصل المباشر مع العشائر الشيعية، على غرار المنطقة الحرّة الحدودية في مدينة عرعر السعودية، حيث تشهد تلك المناطق تواصلاً سعودياً مع مشايخ العشائر والقبائل الجنوبية العراقية.

ستفتتح الرياض قنصلية عامة في النجف لتسهيل التواصل بين البلدين


وتابع بيان الصدر، قائلاً إن «الجانب السعودي أبدى رغبته في تعيين سفير جديد للمملكة السعودية في بغداد، للنهوض بمستوى العلاقات»، داعياً إلى «تعزيز التعاون في مجال الشباب، نظراً إلى ما يمثله الشباب من أهمية في المستقبل». وأوضح أن «الجانبين بحثا تبني خطاب ديني وإعلامي معتدل يدعو إلى التعايش السلمي، والتعاون والمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين»، إضافةً إلى «مناقشة العلاقات الثنائية مع دول الجوار والتشديد على استقرار المنطقة».
ويعكس اهتمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالشباب العراقي، هدفاً تسعى إليه الرياض، وهو تقويض النفوذ الإيراني في بلاد الرافدين، من طريق الشريحة الاجتماعية الأكبر في هرم الأعمار العراقي، خصوصاً مع قابلية هؤلاء لتغيير بعض «قناعاتهم» في ظل حالة التململ من الخطاب الديني، وبحثهم عن بديلٍ يوفّر لهم فرصة «تحقيق الذات والقناعات الشخصية».
فالرياض، وفق مصادر سياسية عراقية، أنهت قراءة نقديةً لسياستها في العراق، خلُصت في نهايتها، إلى وجوب انتهاج حزمةٍ من الإجراءات التنفيذية لمرحلة «ما بعد داعش»، تستطيع فيها الدخول «الناعم» إلى العراق، وتثبيت موقعها لاعباً محورياً في مواجهة إيران، وذلك بالابتعاد عن «سياسة التخوين»، وتحوّل خطابها إلى ضرورة تمسّك الشباب العراقي بالمشروع العربي ــ المدني.
وكان لافتاً ما رآه «معهد دراسات الشرق الأوسط» في العاصمة الأميركية واشنطن، أن استقبال ابن سلمان للصدر، يأتي في إطار مسعاه لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد في العراق، وإعادته إلى «امتداده العربي»، لافتاً إلى أن الزيارة تعَدّ «أكثر أهمية من زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي»، خاصّة أن «الصدر يمثل قطاعاً كبيراً من الشيعة العراقيين، وخصماً رئيسياً لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي ترى السعودية أنه يمثل إيران في بغداد».
(الأخبار)