بعد أكثر من أربعين يوماً على إطلاق «التحالف الدولي» لمعركة مدينة الرقة، لم تتمكن «قوات سورية الديموقراطية» ــ على الرغم من الدعم البري والجوي من «التحالف» ــ من تحقيق إنجازات ميدانية تتناسب مع المدة الزمنية التي مضت، ولا مع المساحة الجغرافية للمدينة، الصغيرة قياساً بمراكز مدن المحافظات السورية الأخرى.
ولم تتوافق تخمينات عدد من قادة «قسد» حول مدة المعركة المقدّرة (قرابة شهرين) مع مجريات الميدان. ويمكن القول إن التحشيد التركي في ريف حلب الشمالي لعب دوراً سلبياً كبيراً في مجريات المعركة، وأجبر عدداً من الفصائل، بينها «جيش الثوار» و«لواء الشمال الديموقراطي»، على ترك المعركة والتوجه نحو عفرين بغرض «الدفاع عنها» ضد الأتراك، ما أدى إلى انحدار وتيرة التقدم بشكل تدريجي. ورغم أن «التحالف» أراد إعطاء زخم جديد للعملية عبر التركيز على اجتياز «قسد» لسور المدينة القديمة، بعد أن فتحت غارات طائراته ثغرتين بطول 25 متراً في السور الأثري في الرابع من الشهر الجاري، إلا أن مساحة سيطرتهم لم تتجاوز حتى الآن ما يعادل نصف مساحة المدينة القديمة. وفي السياق نفسه، أكدت مصادر ميدانية لـ«الأخبار» أن ««الوحدات» الكردية تضغط على «التحالف الدولي» لإبداء موقف حازم تجاه الهجمات التركية على عفرين، وتقديم ضمانات لحماية المدينة، حتى يتركز جهدها على إنهاء معركة الرقة»، لافتة إلى أن ««الوحدات» لا ترى جدوى من السيطرة على الرقة، إذا سقطت عفرين بأيدي الأتراك». وأشارت المصادر إلى أن «خلافاً نشب بعد طلب «قسد» من «قوات النخبة السورية»، التابعة لأحمد الجربا، تغيير انتشارها ومواقعها في القسم الشرقي من المدينة، ما أفضى إلى انسحاب باتجاه الخطوط الخلفية، وترك أثراً إضافياً على سير المعارك». وفي السياق، قال مصدر مقرّب من «قوات النخبة» لـ«الأخبار» إن «الخلاف مع «قسد» هو على طريقة إدارة الرقة بعد تحريرها من «داعش»»، مضيفاً أن «قيادة «قسد» طلبت من «النخبة» الخروج من كامل الرقة». وكشف المصدر أن «مفاوضات تجري بين الطرفين بوساطة من «التحالف» لإنهاء الخلاف». ويمكن الإشارة إلى أن الخلاف الأول بين الطرفين يعود إلى هجوم مضاد لـ«داعش» على مواقع «قوات النخبة» داخل أحد أحياء الرقة، من دون إسناد «قسد» لها، ما تسبّب في حصار عشرات من العناصر لساعات داخل الحي.
وتداول أمس عدد من المتابعين لمعركة الرقة ما مفاده أن «قسد» أوقفت عملية اقتحام الرقة بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم جراء المفخخات والمعارك، وأن «التحالف» طلب منهم الاستمرار في حصار المدينة إلى حين إرسال تعزيزات وإعادة محاولة اقتحامها من جديد. غير أن مركز إعلام «قسد» نفى توقف المعركة، مؤكداً أنها «تسير بشكل طبيعي».

لم تشارك الطائرات التركية
في قصف مواقع «الوحدات»
في محيط مطار منغ

ونشر أمس أنه سيطر بشكل كامل على حي اليرموك. بدورها، عزت مصادر قيادية في «قسد» سبب بطء المعركة إلى «كثرة الألغام والمفخخات والأنفاق، والتي تفرض تكتيكاً بطيئاً يضمن حصول أقل الخسائر في صفوف القوات المهاجمة»، في وقت نفى فيه المتحدث الرسمي باسم «قسد»، طلال سلو، عبر صفحته على «فايسبوك»، خبر انسحاب «قوات النخبة» من معركة الرقة.
ويأتي ما سبق في ضوء تصعيد تركي شهده أمس في محيط بلدة عين دقنة ومحيط مطار منغ العسكري في ريف حلب الشمالي، إذ هاجمت الفصائل المدعومة من أنقرة عدداً من المواقع والتحصينات التابعة لـ«الوحدات» الكردية هناك. ورغم القصف التركي المدفعي لمواقع «الوحدات» في المنطقة بالتوازي مع الاشتباكات، بدا لافتاً عدم مشاركة سلاح الجو التركي في المعركة، ما قد يشير إلى أن الاشتباكات تندرج في إطار المناوشات المتقطعة، أكثر من كونها منطلقاً لمعركة أوسع في الوقت الحالي.
وعلى صعيد آخر، واصل الجيش السوري تقدمه في ريف الرقة الجنوبي الغربي، وسيطر على عدد من حقول وآبار النفط، أهمها بئر الفهد والزملة والديلعة، ووصل إلى الحدود الإدارية لمحافظة حمص المتصلة بريف الرقة، إلى جانب اقتراب القوات من مشارف ريف دير الزور الشمالي الغربي، إثر وصولهم إلى المشارف الغربية لجبل البشري الذي يربط ريفي الرقة ودير الزور، وتبعد أطرافه الشرقية قرابة 50 كيلومتراً عن المدينة. يأتي ذلك في وقت واصل فيه الجيش تقدمه في محيط بلدة السخنة الاستراتيجية في ريف حمص الشرقي، ليصل إلى بعد حوالى 10 كيلومترات عن البلدة، إثر السيطرة على عدد من النقاط الحاكمة في محيط حقل الهيل النفطي. ويسعى الجيش إلى التقدم إلى السخنة من محور الرصافة، بهدف إجبار تنظيم «داعش» على الانسحاب من مساحات واسعة تقدر بأكثر من 10 آلاف كلم2 من أرياف حمص وحماة والرقة، ليفضي ذلك إلى حصر وجود التنظيم في دير الزور وريف الرقة الشرقي، وأجزاء من ريف الحسكة الجنوبي.