دخلت الأزمة الخليجية أمس طوراً جديداً، مع إعلان مسؤولين استخباريين أميركيين وقوف الإمارات خلف «قرصنة» موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية في أيار الماضي. إعلان لا يبدو أنه سيغيّر كثيراً في مسار الأزمة، باستثناء دفعة إضافية سيمنحها للإعلام القطري لتصعيد هجومه على أبو ظبي. هذا ما أوحت به ردود فعل رباعي المقاطعة التي صدرت عقب حديث المسؤولين الأميركيين، والتي ظهرت لافتة إعادة تشديدها على ضرورة تنفيذ المطالب الـ13 بعدما كانت قالت إنها بمثابة «اللاغية».
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين في الاستخبارات أن «نتائج تحليل المعلومات بيّنت أن مسؤولين إماراتيين على أعلى المستويات ناقشوا خطة الاختراق في 23 أيار الماضي، وجرى تنفيذها في اليوم التالي». وأشار المسؤولون إلى أنه «من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الإمارات قامت بعمليات الاختراق بنفسها، أو تعاقدت مع فريق من قراصنة المعلومات».
ولم تكد تسري معلومة «واشنطن بوست» حتى تلقّفها الجانب القطري، متوعّداً بـ«إجراءات قانونية لمقاضاة مرتكبي هذه الجريمة، أو المحرّضين عليها، سواء أمام القضاء القطري أو الجهات الدولية المختصة بجرائم الإرهاب الإلكتروني».
في المقابل، نفت الإمارات، على لسان سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة، تورطها في «الاختراق». ووصف، في بيان، قصة «واشنطن بوست» بأنها «كاذبة»، مجدداً هجومه على الدوحة واتهامه إياها بـ«دعم الإرهاب». وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، بدوره، في تصريحات في مركز دراسات «تشاتام هاوس»، إن «قصة واشنطن بوست... ليست حقيقية». ولفت إلى أن الدول الأربع تبحث فرض المزيد من العقوبات على الدوحة، نافياً وجود خطط لعقد اجتماع بين الجانبين تحت رعاية الكويت، وهو ما يناقض حديث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، قبل أيام، عن أن الطرفين باتا مستعدّين للجلوس إلى طاولة واحدة.
وما برز في تصريحات قرقاش، أيضاً، تشديده على ضرورة إيجاد «حل إقليمي ومراقبة دولية»، وعلى «(أننا) نريد التأكد من أن قطر، الدولة التي تملك احتياطياً نقدياً قيمته 300 مليار دولار، لم تعد راعية بشكل رسمي أو غير رسمي للأفكار الجهادية والإرهابية». مطالبةٌ تفتح الباب على فصول أكثر جدية وخطورة من عملية تدويل الأزمة، وتنفي أي إمكانية لحلها في إطار البيت الخليجي. ولعل هذا ما تتخوف منه أوساط غربية عدة بدأت بالبحث في سيناريوات وصول الأزمة إلى مجلس الأمن الدولي، مع ما يعنيه ذلك من احتمال جنوح إضافي للدوحة باتجاه روسيا وإيران، اللتين تبدوان، بحسب تلك الأوساط، مستعدتين للاستفادة من الخلاف.
وبالعودة إلى مواقف رباعي المقاطعة، فقد أكدت السعودية، أمس، «استمرار إجراءاتها الحالية (ضد الدوحة)، إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب العادلة كاملة، والتي تضمن التصدي للإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة»، بحسب ما جاء في تصريح لوزير الإعلام، عواد بن صالح العواد، عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء.
أما مصر التي استقبلت، الإثنين، وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح، فقد بدت الأكثر تشدداً، بإصرارها على ضرورة تنفيذ قطر المطالب الـ13 «كاملة»، كشرط لاستئناف العلاقات معها. وثمّن وزير الخارجية سامح شكري جهود الوساطة الكويتية، لكنه قال «إن حل الأزمة يتأتي عبر تلبية قطر للمطالب التي قدمت لها»، جازماً بـ«استمرار العمل بحزمة التدابير والإجراءات المتخذة ضدها».
على خط مواز، بدأ الرئيس السوداني عمر البشير جولة خليجية تقوده، بعد الإمارات، إلى كل من السعودية والكويت. وقد التقى أمس وليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان. وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن الجانبين ناقشا «أنجع سبل مكافحة التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها ومنابر دعمها». ويسعى البشير، على ما يبدو، إلى تحصين نفسه إزاء الضغوط السعودية والإماراتية على بلاده للانضمام إلى حلف المقاطعة، بتلبّس لبوس الوسيط والساعي في لمّ الشمل، على الرغم من عدم مقدرته على ذلك في ظل الأزمات المتعاقبة التي تلاحقه.
(الأخبار)