استمرت الاشتباكات طوال يوم أمس بين الجيش السوري، مدعوماً بمقاتلي المقاومة، ومسلحين يتبعون «تنظيم القاعدة في بلاد الشام ـــ جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» و«جيش الإسلام» ومسلحين محليين آخرين، على المحاور الجنوبية والغربية والشرقية لمدينة الزبداني، بعد تقدّم تدريجي لمجموعات الجيش وحزب الله على أطراف المدينة. ويأتي التحرّك الجديد في إطار عمليات تطهير المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا من سيطرة المجموعات المسلّحة، بما يضمن توسّع السيطرة على منطقة القلمون وفصل جبل الشيخ عن السلسلة الشرقية لجبال لبنان، وتوفير الحماية الكاملة لخطّ بيروت ـــ دمشق، وإزالة المخاطر عن الخاصرة الغربية الشمالية للعاصمة السورية.
وفي المعلومات، أن القوات السورية والقوات الرديفة لها قامت في الأسبوعين الأخيرين بسلسلة إجراءات ميدانية تهدف إلى إحكام الطوق حول مدينة الزبداني وبلدة مضايا، وعزلها عن مناطق القلمون الغربي والشرقي بغية قطع طرق الإمداد والتهريب عن المسلحين من كافة الاتجاهات. وتزامنت خطوات إحكام الطوق على المدينة التي يراوح عدد المسلحين الموجودين داخلها بين 900 و1200، مع رسائل وصلت إلى المسلحين المحليين والأجانب عن نية الجيش وحلفائه الهجوم على المدينة، لاختبار ردود فعل المسلحين الميدانية والسياسية، في ظلّ انقسام واضح بين المجموعات المحلية و«الغرباء» حول خطوات المواجهة أو البحث عن تسوية مع الدولة السورية.
وسّجل الجيش وحزب الله أمس أولى الخطوات العملية عبر سلسلة اقتحامات «موضعية» على أطراف المدينة، في ما يشبه «جس النبض» أو استطلاع بالنيران لردّ فعل الجماعات المسلحة، على ما تقول مصادر ميدانية متابعة. كذلك قصفت الطائرات المروحية والحربية عدّة تجمعات للمسلحين، مترافقة مع قصف مدفعي عنيف على نقاط التجمّع ومخازن الأسلحة وغرف العمليات.
جهود الوصول إلى تسوية تبدو غائبة حتى الآن، بعد أن كانت قد وصلت إلى مراحل متقدّمة قبل بدء معارك القلمون، نظراً إلى هيمنة المسلحين الغرباء على قرار أهالي المدينة. إذ تؤكّد المعلومات أن نسبة كبيرة من أهالي الزبداني يريدون الوصول إلى تسوية مع الدولة، على غرار المساعي التي وصل إليها أهالي بلدة سرغايا المجاوة للزبداني، والتي تمّ تحييد البلدة بموجبها إلى حدٍّ ما، بعد التزام المسلحين المحليين عدم مهاجمة نقاط الجيش والبدء بتسوية أوضاعهم تدريجاً. وتقول مصادر متابعة إن «البدء بالمعركة لا يعني إغلاق باب التسوية، لكن لا شيء حاضر حتى الآن، وقرار تطهير الحدود اللبنانية السورية متخذ ولا رجعة عنه. ومن الأفضل للأهالي والمسلحين المحليين الضغط على الغرباء لخروجهم تجنّباً لوقوع المزيد من المعارك في المدينة».
(الأخبار)