انتهت جولة جديدة من محادثات جنيف السورية، أمس، من دون تسجيل أي تقدم عن سابقاتها من الجولات، على الرغم من هدوء الميدان الذي رافق انعقادها خلال الأيام الأربعة الماضية. ومن الممكن القول إن أبرز ما شهدته الجولة المنقضية يتركز في قضيتين؛ الأولى، هي النقاشات التي دارت بين الوفد الحكومي وفريق المبعوث الأممي حول «سلة مكافحة الإرهاب»، والتي أفضت إلى طلب حكومي سوري أمس، بنقل القضية عبر الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي.
أما الثانية، فهي الضغط الأممي الواضح على الوفود المعارضة لتشكيل وفد واحد، من شأنه شغل المقعد المعارض على طاولة التسوية التي ستلي جولات إضافية من المحادثات، وفق ما أشار إليه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
ويمكن قراءة التوجه الأممي الأخير من بوابة التغير المعلن لأولويات معظم الدول الداعمة للمعارضة، والتي أصبحت تركز على أولوية مكافحة الإرهاب. ويتقاطع ذلك بدوره مع ما تحدثت عنه مصادر مطلعة عن نية المبعوث الأممي تقديم مبادرة خاصة بقضية مكافحة الإرهاب للدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، من دون أن يصدر تأكيد رسمي من قبله. وفي انتظار ما قد يخرج من مقترحات أممية لجولات المحادثات اللاحقة، يبقى ملفا مكافحة الإرهاب والانتقال السياسي محل خلاف بين الوفدين الحكومي والمعارض، وخاصة حول تفسير وآليات بحث كل منهما.

أبدت دمشق ترحيبها بـ«أي صحوة» في أي عاصمة غربية

وشهد أمس اجتماع بين دي ميستورا والوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري. وأوضح الأخير أن وفده طلب من المبعوث نقل موضوع مكافحة الإرهاب «من الحديث النظري في القاعات المغلقة بجنيف إلى مجلس الأمن والرأي العام الدولي»، مضيفاً أن دي ميستورا وعد بالعمل على ذلك. وقال الجعفري إن نقاشات وفده خلال الجولة «ركزت على موضوعين رئيسيين، هما: موضوع مكافحة الإرهاب واجتماعات الخبراء القانونيين الدستوريين»، لافتاً إلى أن «محادثات الخبراء الفنيين تطرقت بشكل رئيسي إلى المبادئ ذات الصلة بالعملية الدستورية التي وردت في ورقة المبادئ الأساسية للحل السياسي والتي تسمى ورقة الاثنتي عشرة نقطة».
وأوضح انه تم إطلاع دي ميستورا والإعلاميين على «النيات التوسعية التركية في شمال غرب سوريا... وعمليات القصف الأعمى التي تقوم بها ما تسمى قوات (التحالف الدولي) في شمال سوريا والرقة والطبقة». وحول نظرة دمشق لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال إن بلاده غيرت مقاربتها للملف السوري، قال إن «أي صحوة في أي عاصمة غربية نرحّب بها. وأي عودة لروح مكافحة الإرهاب بشكل جدي مع الجيش السوري والحكومة السورية من أي عاصمة مرحّب بها». بدوره، أوضح دي ميستورا أنه سوف يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي، حول نتائج الجولة السابعة من المحادثات. وكان الأخير قد التقى صباح أمس المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، رياض حجاب.
من جانبها، اتهمت «الهيئة» المعارضة الحكومة بأنها «لا تنوي الانخراط في العملية السياسية». وأوضح رئيس وفدها نصر الحريري، أن «النظام حتى اللحظة يستخدم ذريعة الإرهاب من أجل التهرب من استحقاقات العملية السياسية، وفي الحقيقة نحن من يقاتل الإرهاب ويقاتل (داعش)». واعتبر أنه «لا يمكن الوصول إلى الاستقرار وعودة اللاجئين، وإعادة الإعمار، إلا بتحقيق الانتقال السياسي، وبتحقيق وقف إطلاق نار شامل». وفي سياق متصل، قال الحريري إن «اللقاءات التقنية مع بقية الشخصيات المعارضة (منصتي القاهرة وموسكو) مستمرة، ولكن لتبدأ العملية السياسية لا بد من الضغط على النظام».
وفي موازاة ختام جولة المحادثات، تابع الجيش السوري وحلفاؤه تحركهم على كامل جبهات البادية. وتقدموا أمس شرق جبل الجرين في ريف دمشق الجنوب الشرقي، لمسافة تصل إلى 4 كيلومترات، وصولاً إلى تل أم أذن. وبالتوازي، سيطر الجيش على مناطق رجم الأرنب وبئر محروثة وأرض جليغم وسد أبو خشبة، في محيط جبل سيس، إلى الشمال بحوالى 12 كيلومتراً عن القوات التي وصلت إلى تل أم أذن. وفي ريف الرقة الجنوبي، استكمل الجيش تحركه على المحور الجنوبي للرصافة، وسيطر على حقل كدير وخربة الحالول. في غضون ذلك، سيطر الجيش وحلفاؤه على قريتي زنوبة وقطيشة شرق بلدة الصبورة، وعلى مزارع وتلال كوجان جنوب بلدة السعن، في ريف حماه الشرقي.
وفي مدينة الرقة، تواصل قوات «التحالف الدولي» حملتها داخل أحياء المدينة، وسط تصعيد في قصفها لأحياء المدينة. في غضون ذلك، تقدمت «قوات سوريا الديموقراطية» داخل حي البتاني، شرق المدينة، قبل أن يصدها تنظيم «داعش» عبر هجوم مضاد استخدم فيه عدداً من الانتحاريين.