بغداد | فيما تتوالى التهديدات من قادة في «الحشد الشعبي» والجيش العراقي باقتحام مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها «داعش» منذ عام ونصف عام، معلناً إياها أول ولاية في العراق، علمت «الأخبار» بتشكيل كتائب ومجموعات مسلحة داخل المدينة تقوم بمباغتة التنظيم واستهداف مقاره ونقاطه ليلاً.وتعدّ الفلوجة، التي برز اسمها بعد سقوط النظام العراقي السابق حين شكلت مصدر إزعاج كبير للأميركيين، أهم معاقل تنظيم «داعش» لأنها أول ولاية يعلنها في العراق، وتحولت في ما بعد الى ما يشبه مركز قيادة عمليات «داعش» ضد بقية المدن العراقية، فضلاً عن إرسال السيارات المفخخة الى العاصمة بغداد وإلى مدن عراقية مختلفة.

وكشف مصدر مطلع من داخل المدينة عن تشكيل مجموعات مسلحة تقوم بتنفيذ عمليات اغتيال وتشتبك مباشرة مع «داعش» في بعض مناطق المدينة، وذلك رداً على ممارسات التنظيم وعمليات التجنيد الإجبارية في صفوف شباب المدينة للزج بهم في معارك الكرمة وصلاح الدين. وأكد المصدر في حديث إلى "الأخبار" أن تلك الكتائب والمجموعات التي تشكلت من الشباب نفذت عدداً من عمليات الاغتيال والهجمات المسلحة على نقاط تفتيش تابعة للتنظيم.
وأشار المصدر الى مهاجمة تلك المجاميع لنائب والي الفلوجة في منزله قبل أن يتمكن حراسه الشخصيون من صد الهجوم، ما اضطرهم الى الانسحاب وسط حالة من الذهول بين السكان المحليين. وبيّن المصدر أن مجموعة أخرى هاجمت الشهر الماضي أحد مواقع «داعش»، ما أدى الى حدوث اشتباكات امتدت لدقائق وقعت خلالها إصابات بين الطرفين.
بموازاة ذلك، كشف مصدر أمني في عامرية الفلوجة الخاضعة لسيطرة الجيش العراقي وعشائر الأنبار الموالية للحكومة عن تشكيل فصيل مسلح من سكان الفلوجة المحليين يقوم بتنفيذ أعماله بعد منتصف الليل ويركز على استهداف عناصر «داعش» في مراكز ونقاط التفتيش التي يقيمها في مناطق متفرقة من الفلوجة.
وأكد المصدر في حديثه إلى «الأخبار» أن ذلك الفصيل يضم «عدداً لا بأس به من المقاتلين من أهالي الفلوجة»، مضيفاً إن الفصيل المذكور نفذ عملية اغتيال لأربعة من عناصر «داعش» في ساعة متأخرة من الليل خلال الأسبوع الماضي، في عملية نوعية دفعت قادة «داعش» الى إعلان حالة من الاستنفار في صفوفه.
ويؤكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية، عبد العزيز العيساوي، ظهور مثل هكذا فصائل وجماعات مناوئة لـ"داعش"، مستدركاً أنها تفتقد التنظيم والقيادة نتيجة عوامل عدة، أبرزها: الأوضاع الإنسانية في المدينة وعمليات الإعدام التي تنفذ بشكل يومي، وتصاعد الانتقادات لأهالي المدينة من قبل أهالي الأنبار أنفسهم وبقية المحافظات.
ويتوقع العيساوي في حديث إلى «الأخبار» أن تتطور تلك التشكيلات خلال الأيام المقبلة بعد كسر حاجز الصمت والاستهداف المتصاعد لعناصر بارزة في التنظيم، مشيراً إلى إمكان تكرار تجربة كتائب الموصل التي تعمل منذ فترة على استهداف «داعش» عبر عمليات اغتيال منظمة أقلقت التنظيم بشكل جدي، بالرغم من إحكام سيطرته على المدينة منذ أكثر من عام.
ويتزامن كل ذلك مع إعلان المتحدث باسم «الحشد الشعبي»، النائب أحمد الأسدي، استكمال الجهوزية والاستعدادات لتحرير مدينتي الفلوجة والرمادي، مؤكداً في حديث إلى «الأخبار» قرب انطلاق عملية كبرى لتحرير الفلوجة، كما الرمادي، من سيطرة «داعش» و"أن بشائر النصر ستزفّ قريباً».
وحذر الأسدي من استخدام داعش أهالي الفلوجة دروعاً بشرية، مضيفاً «سنستخدم أرواحنا دورعاً بشرية وذلك من أجل أن لا يؤذى أي مدني في الفلوجة أو غيرها من المناطق التي يسيطر عليها داعش».

«... لكنّ ما يحصل في الأنبار مريب»

في غضون ذلك، كشف الخبير الأمني والمختص بالجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، عن حالة إنذار وتحشيد لقوة من «داعش» مكونة من 1500 مقاتل لاستعادة الكرمة (16 كلم شمالي شرقي الفلوجة) والقريبة من بغداد، وذراع دجلة، اللتين سبق أن استعاد الجيش العراقي سيطرته عليهما.
وفي سياق متصل، حذر الهاشمي في حديث إلى «الأخبار» من أن ما يجري في الأنبار بصفة عامة «مريب وخطير للغاية»، داعياً الى ضرورة أن يكون هناك تحرك حكومي ويبادر الجيش بهجوم عاجل لمنع تفاقم الأوضاع الأمنية هناك، وخسارة تلك المناطق مجدداً. وأشار الى أنه ليس هناك أي تقدم للقوات الأمنية العراقية، باستثناء الجهة الشمالية الشرقية من مدينة الكرمة.
من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، مقتل 45 عنصراً من «داعش» خلال صد القوات العراقية المشتركة وأبناء العشائر هجوماً لـ«داعش» على مركز الكرمة فجر أمس، مبيناً أن من بين القتلى القائد العسكري لـ«داعش» في القضاء المدعو أبو اسماعيل اللهيبي. وأكد معن في حديث إلى «الأخبار» حدوث هجومات عديدة من قبل «داعش» على مناطق متفرقة من الكرمة، في محاولات لمسك الأرض.