دمشق | بعد تهديدات متكرّرة بقطع المياه عن العاصمة السورية، وقع المحظور بتفجير مسلحي وادي بردى مبنى نبع الفيجة، وتضرر مركز الضخ، ما سبّب خروج النبع عن الخدمة بنحو كامل. ارتفاع منسوب نهر بردى، وسط دمشق، يشي بالكارثة المائية التي تتهدد 5 ملايين شخص من سكان العاصمة، بعد تحويل المياه من الأنابيب المخرّبة باتجاه مجرى النهر، بعد تفجير الحرم الخارجي له قبل أيام.
الشائعات عن تلويث المسلحين لمياه النبع الموجود في مناطق سيطرتهم انتشرت كالنار في الهشيم بين الناس، عقب قطع المياه عن العاصمة السورية، حتى أصبحت أمراً واقعاً بالنسبة إلى الدمشقيين. وشبح العطش الجاثم على قلب دمشق، تحوّل إلى حقيقة بعدما نفدت مياه خزّانات أهلها، وأضحت مياه الفيجة الشهيرة بعذوبتها وغزارتها رفاهية في زمن الحرب.

رفض الجيش
شروط مصالحة تبقي مصادر المياه تحت سيطرة المسلحين


مسؤولو الموارد المائية سارعوا إلى توفير بدائل كان يجري العمل عليها منذ بدء المسلحين تهديداتهم عام 2013، وهي مجموعة من الآبار والينابيع المتاخمة للمدينة. غير أنها غير كافية بالمطلق لتلبية احتياجات دمشق وريفها من المياه. وسرعان ما نشرت مؤسسة مياه دمشق جداول بمواعيد تزويد أحياء دمشق بالمياه، على مبدأ يومين من الانقطاع مقابل يوم للتزويد المائي. غير أن خللاً فنياً أدى إلى استمرار انقطاع المياه عن أحياء وسط العاصمة، كالشهبندر والمزرعة والمالكي، وفق ما أوضح مدير مؤسسة مياه دمشق، محمد شياح. وعلى اعتبار أن توزيع مياه البدائل أيضاً طاوله الخلل، فقد علت أصوات سكان العاصمة مطالبة بالمياه، على الرغم من وعود بمفاجآت إيجابية في خلال الساعات المقبلة على صعيد توفير حلول بديلة. وقد يكون توقيت المحنة المائية التي تعيشها دمشق الآن في فصل الشتاء، قد خفف وطأتها مقارنة بآثارها لو وقعت صيفاً.
وعلى اعتبار أن الأمن المائي لمدينة دمشق أصبح في خطر، فقد استدعى هذا التهديد من جديد حضوراً ميدانياً كثيفاً للجيش السوري وقيادته العسكرية في محيط وادي بردى، لاستئناف التحضيرات لعمل عسكري هناك. وأعطى الجيش مهلة محددة لمسلحي المنطقة لتسليم سلاحهم وتسوية أوضاعهم أو إخراجهم من المنطقة، بديلاً من العملية العسكرية الواسعة. وعلى الرغم من أن التقدم العسكري يأتي كتصعيد مضاد في وجه من سبّب عطش مدينة دمشق خلال الأيام الفائتة، فإن مهلة الجيش لمسلحي المنطقة لم تنتهِ بعد. ومن جانبه، أوضح أحد مسؤولي وزارة المصالحة فراس باشا، في حديثه إلى «الأخبار» أن «الجيش هو الحل الوحيد بالنسبة إلى ضمان أمن دمشق المائي وحل مشكلة نبع الفيجة، بعد رفض المسلحين المطلق كل الجهود الرامية إلى تنفيذ بنود التسوية السياسية، من خلال التنسيق الحاصل بين القيادة الميدانية ولجان المصالحة المحلية».
شروط المسلحين تضمّنت البقاء في موقع السيطرة على موارد دمشق المائية الاستراتيجية، وهو ما يرفضه الجيش كلياً، خاصة بعد ما جرى أخيراً من تهديد لسلامة سكان العاصمة. وبدورهم، أكّد مهندسون وخبراء في وزارة الموارد المائية أن جميع التسجيلات المصورة التي نشرها المسلحون عن قصف الجيش لمبنى نبع الفيجة غير صحيحة. وعلى الرغم من أن خبراء ومهندسي مؤسسة مياه دمشق بالتعاون مع وزارة الموارد المائية ومحافظتي دمشق وريف دمشق قد أصبحوا تحت ضغط لا يحسدون عليه، غير أن جهودهم مستمرة بهدف الخروج بأقل خسائر ممكنة، وتخفيف الضغط عن الناس ضمن الحد الممكن. وبرغم تأكيدات المسؤولين والخبراء عن وجود مقومات الصمود في وجه هذه الأزمة المستجدّة، غير أن ارتفاع سعر عبوات المياه المعدنية ضمن العاصمة، بالتوازي مع الحديث عن تلويث نبع الفيجة بمادة المازوت، من قبل مسلحي وادي بردى، يدحض هذا الكلام.