غزة | لم يكد الغزيون يتنفسون الصعداء مع التقدم البطيء في إعادة إعمار بيوتهم المدمرة خلال الحروب الماضية، حتى سحبت إجراءات «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ــ الأونروا»، وتجهيزاتها لحالات الطوارئ لخمسين مدرسة على طول قطاع غزة، الهواء من رئاتهم.
نظر سكان غزة بخوف إلى الحديث عن تجهيز «الأونروا» المدارس لاستيعاب لاجئين وتوفير آبار مياه مع محطات تكرير للمياه داخلها، إضافة إلى مراحيض وحمامات للرجال والنساء منفصل بعضها عن بعض، فضلاً عن ألواح للطاقة الشمسية لتفادي الانقطاع المتكرر للكهرباء، ووحدات خاصة للمعوقين، وفسّروا ذلك بأن «الوكالة تملك معلومات عن حرب وشيكة».
رغم ذلك، نفى المتحدث باسم «الأونروا» في غزة، عدنان أبو حسنة، أن تكون هذه التجهيزات ضمن ذلك السياق، قائلاً إنها جزء من الدروس المستقاة من عدوان 2014 على القطاع. وأضاف أبو حسنة، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذه التجهيزات صارت ضرورية بعدما اتخذ السكان المدارس كمأوى لهم في الحرب الماضية، متابعاً: «هذه الخطوة جاءت ضمن خطط تفادي الأخطاء، وتحسين البنية التحتية لخدمات وكالة الغوث، واستعدادات أخرى في حال حدث طارئ أو تعرض القطاع لعدوان آخر».
بالنسبة إلى فصائل المقاومة وأجنحتها العسكرية، فإنها لا تضخّم الأمر، لكنها تأخذ هذه التطورات بعين الاعتبار. يقول القيادي في «حركة الجهاد الإسلامي» أحمد المدلل إن هذا «مؤشر خطير يأتي بحجة تحسين البنية التحتية لخدمات الأونروا... على الجميع أخذ استعدادات سريعة من شراسة المرحلة المقبلة، خاصة بعد تصريحات المقاومة بتطورها الكبير وإنذارها العدو من تفكيره بهذه الخطوة»،
وأضاف المدلل، في حديث إلى «الأخبار»، أنه توجد «غرفة عمليات مشتركة مع باقي فصائل المقاومة لتنظيم العمل العسكري وقت العدوان، وضرب العدو بطرق منظمة ومدروسة من قيادة موحدة»، موضحاً في الوقت نفسه أنّ «حماية المواطنين أهم مراحل العملية المقبلة، وكذلك محاولة تخفيف الأضرار عنهم».
على الصعيد الحكومي، تقول وزارة الداخليّة إنّها أعدّت فريقاً خاصاً لحالات الطوارئ والحروب، للتعامل مع الناس، مشيرة إلى أنها أجرت مع أجهزتها المختلفة مناورات تحاكي حالة الطوارئ والحرب في الشهرين الماضيين. وتخللت المناورات إخلاء لمقار الشرطة، وحركة كثيفة لسيارات الإسعاف والدفاع المدني والشرطة.
رغم هذه الطمأنات، أثيرت ضجة كبيرة بين الغزيين، خاصة أولئك الذين تضرّرت منازلهم في العدوان الأخير ولم تنته مشاريع إعادة بنائها بعد، أو الذين لم تدفع لهم بدلات الإيجار، إلى جانب نحو 500 أسرة رفض الاحتلال الإسرائيلي إدخال مواد البناء إليها.
جزء كبير من هؤلاء الناس لجأوا إلى مدارس «الأونروا» وقت العدوان، ولم يلقوا اهتماماً كبيراً في ذلك الوقت أو بعده، بذريعة نقص الموازنات وغياب التمويل الخاص بالإعمار من الدول المناحة.
ومن اللافت أنّ ملف الإعمار لم يتقدم سوى خطوات محدودة؛ فنحو ستة آلاف أسرة تعاني كلّ شهر بسبب تأخر بدلات الإيجار، المقدرة بمعدل 20 مليون دولار سنوياً، وهي مبالغ تكفي لبناء ألفي منزل. كذلك يقع على عاتق «وكالة الغوث» مسؤولية إعادة إعمار نحو 70% ممّا دمره الاحتلال، منها 7400 منزل لعائلات متضررة من اللاجئين، ولم يكتمل منها سوى 1800 بيت، فضلاً عن التي لا تزال تحت بند الإنجاز.
في المقابل، تتحمّل الحكومة، عبر وزارة الأشغال، مسؤولية 2100 منزل لعائلات متضررة، ويبقى 3500 أخرى من دون تمويل لإعادة إعمارها. ويبلغ عدد المنازل المدمرة تدميراً بالغاً قرابة 5400، يُشاع بين مسؤولين أن ملفها سيغلق تماماً خلال شهر، عبر منحة سعودية.