منذ اختتام القمّة الـ37 لقادة دول «مجلس التعاون الخليجي»، قبل نحو عشرة أيام، بدا أن السلطات البحرينية تنحو باتجاه الصدام مع مكوّنات المعارضة السياسية، خصوصاً أن القمّة الأخيرة، التي حضنتها مدينة الصخير البحرينية، قد جاءت برعاية بريطانية مباشرة، حملت في طياتها أكثر من رسالة باتجاه دول الجوار، وتلاها تصعيد «قضائي» في وجه أبرز قادة المعارضة البحرينيين، رئيس جمعية «الوفاق» علي سلمان.
وبعدما قضت محكمة الاستئناف بسجن سلمان تسع سنوات، بتهمة «الترويج لتغيير النظام بالقوة»، واعتبار «الوفاق» تلك الخطوة تعقيداً للأزمة السياسية في البلاد، عادت القوى الأمنية، أمس، بـ«غطاء سياسي»، إلى «استفزاز» المعارضة، فهاجمت محيط منزل المرجع الديني الأبرز عيسى قاسم، في منطقة الدرّاز.
وفي حديث إلى «الأخبار»، رأى مصدر مطّلع في المعارضة أن سلطة المنامة أرادت توجيه رسائل عدّة «تؤكّد من خلالها حضورها الدائم في كل الميادين، متى أرادت وكيفما شاءت وفي الساعة المناسبة»، مشيراً إلى أن السلطة تسعى إلى «تكريس قاعدة جديدة في مواجهة المعارضة، قوامها إسقاط الخطوط الحمراء، وإمكانية تجاوزها وتنفيذ ما تراه مناسباً بحقّ معارضيها... خصوصاً أولئك المسحوبة جنسيتهم».
ولفتت مصادر أخرى في المعارضة إلى أن «النظام يريد أن يثبت قدرته على حسم الأمور داخل المملكة، لحلفائه قبل خصومه، خصوصاً بعد قمّة الصخير»، واصفاً ما جرى بأنه «جسّ نبض للشارع في حال تكرار محاولة اعتقال قاسم».

هاجمت الشرطة
محيط منزل المرجع الديني الأبرز لاعتقاله

وشهدت بلدة الدرّاز، أمس، اشتباكات عنيفة، بين الجماهير المحتشدة في محيط منزل قاسم، من جهة، والقوى الأمنية البحرينية، من جهةٍ أخرى، بعد توجّه العشرات من عناصر الشرطة يرافقها رتلٌ مدرّع إلى هناك. علماً بأنه منذ إسقاط الجنسية عن قاسم، في حزيران الماضي، أغلقت الشرطة جميع المنافذ المؤدية إلى البلدة، حيث يحتشد الآلاف من أنصاره قبالة منزله.
وأكّد مصدر ميداني لـ «الأخبار»، أنّه قرابة الساعة العاشرة، صباح أمس، وقعت مواجهات بين الطرفين، استخدمت فيها الشرطة (معظم عناصرها من الجنسيات الهندية والباكستانية) القنابل المسيّلة للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين، بالتوازي مع مواجهات مماثلة في بلدات قرى بني جمرة، وبلاد القديم، وشهركان في محيط الدرّاز.
في المقابل، قالت وزارة الداخلية البحرينية على حسابها في «توتير» إن «ما حدث جاء في إطار جهود حفظ الأمن وإنقاذ القانون، بتنفيذ أوامر قضائية بالقبض على مطلوبين ببعض القرى وتفتيش مساكنهم». ورغم اكتفاء سلطات المنامة بـ«تغريدة»، فإنّ شهود عيان أكّدوا، لـ «الأخبار»، أن «المعتقل هو طفلٌ يبلغ من العمر 12 عاماً فقط».
ويتقاطع كلام المصادر مع بيان المعارضة الموجودة في الخارج، الذي حمل أكثر من رسالة «شديدة اللهجة»، حذّرت من «المساس بأعلى مرجعية دينية في البلاد، لأن ذلك سيشعل الساحة ويرفع كل الحواجز بأنواعها». وأضاف البيان أن «ما حدث من اقتحام الدراز والعدوان على ميدان الفداء يدلّ على أن جنون النظام قد بلغ مداه»، داعيةً «حلفاء النظام إلى أن يكبحوا جنونه حفاظاً على أمن واستقرار ومصالح الجميع في الخليج».
وأكّد بيان المعارضة أن إعلان وزارة الداخلية «الهجوم على الساحة لاعتقال مطلوبين أمنياً هو محاولة للتغطية على هزيمتها أمام الفدائيين وفشل جيوشها المدججة بالسلاح من تحقيق ما أرادت».
وإن كان خطاب معارضة الخارج يحمل «تهديداً» عالي النبرة، فإن معارضة الداخل، وفق مصادر «الأخبار»، ترزح تحت وطأة «حصارٍ خانق»، ولا يمكن العمل أو مواجهة السلطة «بعدما أحكمت طوقها حولنا».
بدورهم، دعا «علماء البحرين» جماهيرهم إلى «النزول السلمي إلى الشوارع، والخروج في مسيرات للتعبير عن الفداء للوطن وقادة الشعب وعلى رأسهم قاسم»، المتهم من قبل السلطات بـ«التشجيع على الطائفية والعنف... وجمع الأموال بطريقة غير مشروعة وتبييضها».