بعد يوم على الهجوم المسلح في الكرك، قال الملك الأردني عبدالله الثاني، أمس، إن بلاده «قوية وقادرة على القضاء على الإرهاب وعصاباته الإجرامية»، وذلك خلال ترؤسه اجتماعاً لـ«مجلس السياسات الوطني»، استمع فيه إلى حيثيات الهجوم الذي استهدف، أول من أمس، مدينة الكرك (118 كلم عن العاصمة) جنوبي البلاد.
وأضاف عبدالله أنه «بتلاحم أبناء وبنات الوطن ونشامى القوات المسلحة والأمن العام وقوات الدرك، سيظل (الأردن) عصيّاً منيعاً في وجه كل محاولات الغدر والإرهاب»، داعياً إلى أهمية «الالتفاف حول الأجهزة الأمنية».
وكانت حصيلة الهجوم، وفق «مديرية الأمن العام» في المملكة، قد وصلت إلى 14 قتيلاً، بينهم سبعة من عناصر الأمن ومدنيان وسائحة كندية، وجميع المهاجمين وعددهم أربعة، وذلك بعد اشتباك استمر طوال ساعات المساء، في أكثر من محور، آخرها قلعة الكرك.
في موازاة ذلك، عقد وزير الداخلية سلامة حماد مؤتمراً صحافياً أمس، قال فيه إن «الخلية الإرهابية التي تم القضاء عليها... كانت تستهدف ضرب استقرار الأردن». وأضاف: «قضينا على المسلحين الأربعة، وعثر في مكان إقامتهم بمدينة الكرك على أحزمة ناسفة ومتفجرات». وتابع حماد: «حجم الأسلحة والمتفجرات يشير إلى أن الكرك لم تكن المستهدفة وحدها، بل الأردن بأكمله... دخلت القوات الأمنية إلى الكرك وتعاملوا بطريقة حرفية وسقط شهداء ومصابين».
أيضاً، نفى حماد وجود فارين من العدالة مرتبطين بالمجموعة، مضيفاً أنه لم يُقبض على أيّ من المرتبطين بها، واللافت أنه رفض أيضاً الكشف عن جنسية المسلحين «كي لا يتم التأثير على سير التحقيق». لكنّ وزير الإعلام والاتصال، محمد المومني، الذي كان مشاركاً في المؤتمر، نفى صحة أسماء للمسلحين تتداولها وسائل الإعلام، رافضاً في الوقت نفسه الإفصاح عن أسمائهم لأسباب وصفها بأنها «أمنية».
في غضون ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر أمني، فضّل عدم الكشف عن هويته، قوله إن «المسلحين الأربعة القتلى هم أردنيون أعضاء في خلية إرهابية يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش». لكنّ الأخطر، وفق مراسل «الأخبار» الذي كان حاضراً في المؤتمر، إشارة حماد إلى أن الأجهزة الأمنية «لم تتلقَ من المخابرات أي إشارة على وجود عمل إرهابي بصورة مسبقة».
على الصعيد السياسي، أثار الهجوم موجة تنديد واسعة في المملكة وخارجها. واستنكرت السفارة الأميركية لدى عمان الهجوم، قائلة في بيان: «تبقى الولايات المتحدة ثابتة في التزاماتها تجاه الأردن وواحد من أقرب حلفائنا وشركائنا»، كذلك صدرت بيانات استنكار سريعة من العراق وأمانة الجامعة العربية. وقرر القائمون على احتفالات أعياد الميلاد في الأردن إلغاء احتفالات كانت مقررة في بلدات الفحيص (غرب) ومأدبا (جنوب) والحصن في إربد (شمال) «تضامناً مع شهداء الوطن».
وكان المسلحون قد هاجموا مركز شرطة ودوريات للشرطة، ثم لاذوا بالفرار وتحصنوا في قلعة الكرك الأثرية القريبة من المركز، حيث حاصرتهم القوات الأمنية واشتبكت معهم لنحو سبع ساعات، قبل أن تقتلهم جميعاً، علماً بأن هجوم الكرك هو الحادث الإرهابي الرابع في الأردن هذا العام. والكرك هي مسقط رأس الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي أسقط «داعش» طائرته في الرقة، شمالي سوريا، قبل أن يبث في شباط 2015 تسجيل فيديو على الإنترنت يظهر عملية إحراقه حياً في قفص.
إلى ذلك، تزايدت المخاوف الرسمية والمؤسساتية في المملكة من تأثر السياحة والاقتصاد غداة الهجوم في الكرك، بعد التضرر العام الذي أصاب قطاع السياحة إثر أحداث «الربيع العربي» عام 2011. وكان الدخل السياحي قد تراجع حتى نهاية تشرين الأول 2016 ليبلغ 3,1 مليارات دولار، فيما كان قد تجاوز أربعة مليارات عام 2015.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)